زاد الاردن الاخباري -
بسام البدارين - يبدو رئيس الوزراء الأردني الدكتور هاني الملقي غير محظوظ فقد ورث أزمة مالية واقتصادية كبيرة والشارع يهتف ضده وتركته قوى مركز القرار وحيداً في مواجهة سلسلة من التداعيات ولم يسمح له باختيار طاقمه منفرداً في الوقت الذي يتقلص فيه تدريجياً منسوب تأثير السلطة التنفيذية في إدارة الملفات الكبرى.
دائرة سوء الحظ لا تقف عند هذه الحدود لرجل خدم في النظام وفي مواقع عدة طوال أكثر من 30 عاماً. ورث الملقي حكومة ترأسها لأربع سنوات «داهية سياسي وبيروقراطي» من وزن الدكتور عبدالله النسور والميزانية كانت متقشفة جداً والإعلام متحفز والصراع داخل مؤسسات الدولة بين مراكز قوى عدة كان على أشده عندما كلف الملقي بحكومته الأولى وارثاً أكثر من 70 % من وزراء الدكتور النسور.
في مسافة قريبة من مطبخ الملقي يقال بأن تعويض المناورات الخبيرة لشخصية مثل النسور يحتاج لخمسة وزراء فاعلين ومؤثرين على الأقل ومصداقية رئيس الوزراء الجديد لم تخدمه وسط غابة من المراوغة في الوقت الذي تغير في ظل حكومته قانون الانتخاب الجديد وأجريت انتخابات ونتج عنها برلمان فيه أكثر من 73 نائباً جديداً يبحث كل منهم عن حضور ومصالح وشعبية.
مبكراً خطط الرئيس الملقي لأن لا يعمل مع وزيري الداخلية والخارجية العابرين لمجلس الوزراء والمرتبطين بعلاقة طيبة مع مركز ثقل القرار في الدولة.
لا يظهر الوزيران السياديان قدراً منطقياً من التعاون مع مجلس الوزراء ويستثمران في ثقة المرجعية بهما ووجود مهام وملفات تجعل عملهما خارج قناة الحكومة، الأمر الذي يثير قلق العديد من الوزراء.
التوترات مع الموقعين وليس شخصهما كلفت الحكومة في أحداث قلعة الكرك تهمة التقصير الأمني وإحدى المعلومات أظهرت رئيس الوزراء وكأنه «خارج التغطية» في بداية عملية الكرك الإرهابية قبل ان يتدخل الوزير سلامه حماد في محاولة لشرح حادثة الخلل المعلوماتي.
والتوترات نفسها كلفت الملقي إحياء موقع إسمه وزير الدولة للشؤون الخارجية وشغله السفير في القاهرة آنذاك الدكتور بشر الخصاونة وعزز الملقي الأخير بسلسلة صلاحيات «مكتوبة» سحبت من الوزير المخضرم ناصر جوده فدخل السفراء بالخارج في حالة «تيه» وبقي جوده صلباً في مواجهة تجاهل رئيسه له و»تحرش» مراكز عدة به وحظي دوماً بدعم وإسناد خلفي.
حلفاء للملقي يقولون انه في وضع تكتيكي داخلي حساس للغاية لا يمكنه من عرض مواهبه الحقيقية العميقة والمتعددة والسبب ان بعض كبار الطاقم الوزاري يتصرفون على اساس انهم «عابرون للحكومة».
ومن الواضح أنهم يفعلون ذلك في ظل حماية ودعم من مؤسسات وشخصيات ليس من مصلحة الملقي الاشتباك معـها لأن شخصـيته ليست اشتـباكية اصلاً.
التقدير في المؤسسة الأمنية مثلاً لا زال يقاوم المجازفة بتعيين وزير خارجية جديد بدلاً من المخضرم جوده وفي الغرفة المركزية يقال بان رفض الإستجابة للشارع وضغط البرلمان في قصة إبعاد وزير الداخلية سلامه حماد أهم بدرجات من «تمكين الملقي» من العمل مع وزير داخلية مريح ووديع.
أصدقاء للملقي يقرون أمام «القدس العربي» الآن بأنه ارتكب الخطأ التكتيكي الأفدح عندما «تلهف» لاستغلال الهامش الذي اتيح له باختيار بعض الوزراء شخصياً فاختار «أصدقاءه» وبعض من يقضي أوقات الفراغ معهم وبدون تدبير، يشمل ذلك طبعاً نائبه جواد العناني وفواز إرشيدات ويوسف منصور وبصورة اقل وزير الصناعة والتجارة ووزير النقل الجديد. وكذلك موسى المعايـطة في الـوقت الذي يبدو فيه بأن المؤسسة كانت أدق في اخـتيار بـعض الـوزراء من ذوي الكـفاءة.
لهفة الرئيس عند التشكيل مرتين دفعته لتعبئة المقاعد المتاحة بأصدقاء شخصيين او عمل معهم سابقاً مما حرمه تكتيكياً من التنويع السياسي والفكري، الأمر الذي نتج عنه أخبث عبارة تقييمية سمعتها «القدس العربي» من احد المخضرمين الكبار: الرئيس مضطراً يلتقي بسلفه معروف البخيت فيتحدث بـ»لكنة محافظة» في المسألة الإقتصادية ويختلط بالليبراليين فيحاول طمأنتهم ايضاً.
يريد الملقي قدر الإمكان إرضاء الجميع وبلهفته المعتادة، القصر والبرلمان والمستوى الأمني وكبار اعضاء النادي الرئاسي وحلقة التنفيذ المتفوقة في اقرب مسافة لصانع القرار وأصدقائه الشخصيين وكل مراكز القوى والشارع وهذه الموجة من التلهف غير ممكنة واقرب للمهمة المستحيلة وغاية لا تدرك خصوصاً في ظل وضع مالي حساس جداً ووضع إقليمي ملتهب وشارع اعتاد على الهتاف ضد شخص رئيس الوزراء.
القدس العربي