حمزة عبدالمطلب المحيسن
البعض منا كناخبين غالبا" ما يأخذه الفضول بعيدا في البحث والترقب والإستطلاع لبعض المرشحين إلى مجلس النواب ممن هم من الطبقات الميسورة " البزنس مان " والذين تظهر عليهم النعمة في دعاياتهم الإنتخابية التي لا تقتصر على اليافطات الفارهة المعلقة المصحوبة بالصور الانيقة في كافة الاجواء والانحاء بل تتعدى ذلك إلى ما ينشرونه من دعايات وشعارات في الصحف والإذاعات والفضائيات ولا يخفى عليك أيضا حجم ثرائهم من الولائم الكبيرة باللحوم والشحوم والمقاعد الانيقة في المقرات المفروشة إما بالموكيت او السجاد ، فالاموال المصروفة في حملاتهم الإنتخابية أعتقد بانها تتجاوز العشرات العشرات من الاف الدنانيرالكفيلة في تدريس العشرات أو المئات ممن لا يملكون كلفة التعلم في الجامعات أو تشغيل العشرات من العاطلين العمل المتسكعين في الطرقات أو إطعام العديد من العائلات المستورة والمكلومة باليتم وفاقة الحاجة لأشهر وسنوات ،فلما هذا البذل والإنفاق للوصول إلى قبة البرلمان ؟
فمن باب حسن النية قد يكون المبتغى لتمثيلنا في مجلس الامة هو الوطن وبما ان الوطن للجميع فهو للفقراء والأغنياء فقد يكون حب الوطن قد سكن في قلوبهم كما سكن في قلوب من يحرسون الوطن بأجسادهم وارواحهم الساهرين على ثغوره وحدوده ويتوقون من خلال وصولهم للبرلمان إلى عكس ما كسبوه من خبرة في مجال الاعمال والإستثمار في إثراء القوانين التي سيشرعونها لتجذب الإستثمار لينعم بها الجميع ممن يعيشون في الحضر والارياف والبوادي والمخيمات أو ليراقبوا او يحاسيوا او يحاربوا من قد ابتلينا في طمعهم وجشعهم وخانوا الامانة وإزدادوا سمنة في مناصبهم العامة الذين لا يحللون او يحرمون ويعيشون على جوعنا واوجاعنا ، فحسن الإطلاع الذي يملكه هؤلاء المرشحين نتيجة أسفارهم إلى العالم على المشاريع الإقتصادية والإستثمارية قد يدفع هؤلاء إلى نقل ما شاهدوه من هذه المشاريع الناجحة إلى واقع ملموس يسهم في الحد من العجز الدائم في موازناتنا العامة او خفض المديونية المتزايدة من عام إلى عام ، فإذا كان هذا مبتغاهم من الوصول إلى قبة البرلمان فأنعم بهم من رجال أغرار أحرار بل سنكون مفتونين بهم إلى حد الإعجاب في أن يكونوا مطلبا دائما لنا في تمثيلنا في كل مجلس برلمان .
إن خيبة الأمل التي مر فيها الكثير من الأردنين ومن خلال تجاربهم السابقة في إيصال بعض من هؤلاء إلى مجالس النواب السابقة تدفعهم هذه المرة أكثر من أي مرة أخرى للتحقق من دوافع الترشح لمجلس النواب السادس عشر وذلك بعد ان تبين لهم وبصورة واضحة إن بعضهم إسثأثر بتمثيل مصالح " البزنس " الخاصة في مجلس النواب على حساب هموم وشجون مطالبهم العامة
بل إن الجشع والطمع وصل أحيانا إلى إستغلال صوته داخل القبة والضغط فيه على متخذي القرار في المؤسسات العامة لتمرير معاملاتهم الخاصة والتي تتعلق في أغلبها بالحصول على العطاءات وكلا حسب المجال الذي تديره شركته الخاصة .
لا يعنينا فيما إذا كان من سيمثلنا في مجلس الأمة مليونيرا أو كادحا" فقيرا ولا نسأله أن يودع أمواله وأملاكه لخدمة الفقراء والمحتاجين أو أن ينسى ما أوسع عليه ربه في رزقه من شركات ومؤسسات ، بل جل ما نطلبه هو أن يكون صوتا للناس وخاصة للذين لا صوت لهم ممن يعيشوا في القرى بالخيم و تحت أسقف البراكيات وأن يستقرأ همومهم وشجونهم قبل أن يساهم في تشريع القوانين التي قد تمس حياتهم وأن يتذكر ضنك عيشهم وسوء حالهم عندما يتباذر إلى سمعه مسؤول فاسد إغترف بطمعه وجشعه من قوتهم وزادهم وأن يمتلك الشجاعة في ردعه ومحاسبته لا تأخذه حسبة ما يملكه من الأسهم والشركات في أن يسأل كل من تنكب المناصب العامة وانكب الخزينة العامة وخرج منها بالملايين والشركات بـــ من أين لك هذا ...؟
أتمنى من كل المرشحين- وليس الأغنياء منهم فقط - الذين سيحالفهم الحظ في أن يكونوا نوابا في مجلس الأمة أن تكون البوصلة التي توجه أعمال كل واحد فيهم هي مقولة (لا تسأل نفسك ماذا سيقدم لك وطنك، ولكن أسأل ماذا قدمت أنت لوطنك) ، عشتم وعاش الوطن ...