على صرخة مرتفعة من العم أبو يزن وهو بالواقع أنا وبكل فخر استفاق الجيران من كل مكان على صرخة العم أبو يزن،،،،انتحر انتحر انتحر،،،، فقد أقدم الضحية(الراتب الشهري) المأسوف على شبابه،،،، للموظف أبو يزن بالانتحار وترك رسالة على بقية الدنانير الورقية المتبقية،،،مفادها (قبّعت معاي)
فكان لهذا الراتب بالسابق أعمال خيرية ومواقف إنسانية لا مثيل لها إلا أنه حان الوقت للتعبير عن سخطه وعنفوانه المسلوب من جميع البنوك والأطراف الأخرى من لحام وبقال وخضري وغيرهم.
فكان المرحوم يبقي جيوب العم أبو يزن دافئة لآخر الشهر بدون الحاجة للديون التي شأنها أرهقت هذا الراتب المتبقي والملاذ الوحيد لسداد الديون المترتبة على عاتقه إلا أن وصل الحال لانتظار المساعدات الإنسانية.
فدخل الجيران والمقربين لبيت العم أبو يزن ليفاجئوا بهذا المنظر الذي اقشعرت له الأبدان من منظره وطريقة انتحاره وطلب العم أبو يزن من الحضور عدم لمس الجثة ولا الرسالة الانتحارية ليتسنى للشرطة المالية إكمال التحقيق والوقوف على ملابسات هذه الجريمة النكراء و البشعة وبدأ التحقيق على الفور وأصبحت تلوح بالأفق ملامح جريمة جنائية مفتعلة وبدأ الآن التحقيق.
وتم استدعاء جميع المحررين بالصحف اليومية والالكترونية لتغطية هذا الخبر وهذا السبق الصحفي
في البداية أنكر العم أبو يزن كل التهم الموجه ضده بدليل أنه كان نائما لحظة وقوع الجريمة الشنعاء.
وبالتحقيق مع الجار البقال أبو مثقال قال بأنه لا يعتقد بأن الراتب الشهري أقدم على الانتحار بدليل صدقه بدفع الديون المترتبة عليه من عدة سنوات وعدم التأخير عن الدفع مشيرا بأنه ما زالت بعض الديون المترتبة ولكن بعد هذه الجريمة أعرب السيد أبو مثقال بأنه قد أعفى عنه بعد موته المشرف هذا.
وهنا جاء الأستاذ ومدير مدرسة الأخلاق الحميدة للتميز العلمي بالإشادة بخلق هذا الراتب المتهالك مشيرا بأنه ومع وجود طفلين بنفس المدرسة المذكورة وبأقساط مرتفعة ومواصلات مثقلة بالهموم وبقية أقساط منذ العام المنصرم إلا أنه أشار إلى دافع إجرامي وراء انتحار هذا الراتب الذي أتعبته الأيام والسنون ليصبح ويمسي بنفس الهموم ونفس التفكير وازدياد عدد المطالبين ليعجز عن السداد أقول هذا والله أعلم
وجاء من بعيد موظف البنك الشهير السيد بشير ليشير بما يلي،،، أعتقد والله أعلم بأن الراتب أقدم على الانتحار بالإشارة لوجود دين قديم وتأخر خمسة أقساط مع الفوائد المترتبة ليصبح مطلوبا ومطالبا من قبل المحامي المختص من إدارة البنك علما بأنه كان أفضل العملاء بالسابق وأكد كلام الموظف بأن بطاقة الفيزا العائدة للقتيل مسددة بالكامل إذ أنه تقدم القتيل رحمه الله بسداد كل الديون المترتبة عليه قبل وفاته بشهرين.
وقد اعتذرت فاتورة الكهرباء وفاتورة المياه والهاتف عن الإدلاء بأي معلومات تذكر من شدة الديون والفواتير المتراكمة وخوفا من أن تتسبب هذه المعلومات شأنها التأثير على مجريات الأحداث والتحقيقات،،، بقطع جميع الخدمات مسبقا الشهر المنصرم بسبب عدم القدرة على السداد.
وخوفا من تسبب هذه المعلومات بإخفاء الحقائق والبعد عن مجريات التحقيق من قبل شرطة الديون المنهكة والمتعبة مع الإشارة من مصدر مقرب من شركة الكهرباء فضل واستحلفنا بالله لعدم ذكر اسمه بأنه يعتقد وربما يجزم بوجود جريمة خلف الكواليس واعتقاده بأن الفاعل كان من المقربين للمجني عليه.
وأشاد اللحام والخضري بأخلاق هذا الراتب الفريد من نوعه وأفادوا بأنه يوجد ديون ضخمه من فتره بعيده وبأنه بالفترة الأخيرة كان يختبأ ويغير بطريقه،،، وبكلامه وباحمرار ورقه النقدية،،، باختيار طريق آخر مؤدي للمنزل وانعزاله عن العالم بالفترة الأخيرة قبل إقدامه على الانتحار وأشادوا بخلقه وأعربوا عن سخطهم لهذه الجريمة النكراء وأكدوا وجزموا بأن الذي حصل ورائه جريمة جنائية.
وبصرخة قوية ونحيب وانين خرج العم أبو يزن عن صمته وقال بصوت مرتفع،،،(أنا قتلته أنا قتلته بيدي)
فنظر الجميع باستغراب واستهجان لهذا الرجل وقالوا بأنه أصيب بالجنون غضبا على صديق عمره (الراتب الشهري) الذي رافقه طوال حياته وأعاد الرجل نفس الجملة مما دعى شرطة رجال المالية لفتح التحقيق من البداية فتغيرت بهذه اللحظة كل أقواله ليعرب عن سخطه مما أقدم عليه بالندم والنحيب فقال.
نعم أنا الذي قتلته بيدي البارحة مع سبق الإصرار والترصد وكنت أنوي قتله العام الماضي من شدة المناسبات ومن شدة الغلاء الفاحش ومن شدة الطلبات والكماليات التي لا تقف عند حد معين والمطالبات من الناس من بقال ولحام وبنوك وموظفين وزملاء وجيران ومدرسة ومواصلات ونجاح وفوز بالانتخابات والحصول على شهادة الماستر(رخصة العمومي عذراً)،،، فقد أشقاني وساعدت على إراحته وقتله قتلا مشرفاً إلا أن وصلت لنتيجة بأن أقتله قتلا رحيما من شدة مرضه ومن شدة تعبه ليليا وعدم قدرته على النوم فأرقني في نومي (فكان ليلي هماً،،،، ونهاري ذلاً )وما كنت لأجد أفضل من هذه الطريقة البشعة لإعدامه لإراحته من الهم المضني ولشقائي الأبدي.
رفعت الجلسة حكم على الجاني بالبحث مجددا عن مصادر أخرى لجلب المال ولإحياء ذكرى الراتب المجني عليه مع ألمحافظه على وجوده من جديد وعدم فقدانه الصبر والمثابرة وإلغاء جميع المناسبات وسداد جميع الديون المترتبة والبدء من جديد.
وأسدل الستار عن هذه القضية التي أشغلت الرأي العام لمدة أيام.
السفاح القادم من الديون العالمية
هاشم برجاق
التاريخ:من لحظة الديون التي أثقلت كاهلي