مخطئ من يقول إن العالم ليس كله وبأجمعه مشغول الآن بالأنباء الصادرة عن تحركات البيت الأبيض الأميركي وإدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب وبتداعيات أوامره التنفيذية المتلاحقة، ومن بينهما فرضه الحظر على رعايا سبع دول ذات أغلبية إسلامية من دخول الولايات المتحدة، وباستثناء إيران فالدول الست الباقية هي دول عربية حتى النخاع.
هذه الدول التي باتت معروفة للجميع هي سوريا والعراق وليبيا واليمن والصومال، وهي دول تسودها حالة من الفوضى الأمنية والاضطراب، ومن ثم السودان، وكل ذنب السودانيين أن جواز سفر بلادهم يباع أو يُهدى لأشخاص من جنسيات أخرى، وبعض هؤلاء لا يحترم عطف السودانيين عليه أو شفقتهم على حاله، فيبدأ يسيئ التصرف ليقع اللوم على السودانيين الأبرياء.
الدولة التي تنطحت لقرار ترمب هذا أكثر ما يكون هي إيران، فهي ربما تظن أن أميركا ترمب هي أميركا أوباما، لكن ترمب قادم ليقول لإيران أي هلمي وانسحبي من سوريا وكفي عن التدخل في اليمن واسحبي ميليشياتك الطائفية من كل الأقطار العربية والشرق أوسطية.
إيران استهلت عهد الرئيس الأميركي ترمب بإجراء تجربة على إطلاق صاروخ بالستي لتختبر مدى قساوة معدنه، لكنه سرعان ما تصدى لها بتحذير رسمي من خلال مستشاره للأمن القومي مايكل فلين، ثم سرعان ما أعقبت الإدارة الأميركية تغريدات ترمب الإيرانية بفرض حظر على عدد من الشركات والشخصيات البارزة في إيران.
الرئيس ترمب وصف إيران بتغريداته بأنها كانت على وشك الانهيار لولا أن أميركا أوباما أنقذتها من خلال اتفاق النووي، وذلك ليتسنى لها تسلم ما يقدر بحوالي 150 مليار دولار لتسد بها رمق تضورها اقتصاديا على مدار سنين عجاف من العقوبات، بل إن ترمب أردف يقول في إحدى تغريداته إن إيران تلعب بالنار محذرا إياها من مغبة التهور أو تكرار استفزازه أو استفزاز أي من شركاء أميركا أو حلفائها في الشرق الأوسط.
ولكي تذر الرماد في عيون جيرانها العرب الحيارى من أمرهم، فها هي إيران تتأبط شرا وتعلن أن الحرس الثوري الإيراني بصدد إجراء مناورات مستخدما كافة أصناف الصواريخ، لكن طهران في واقع الحال بدأت تحسب لعقلية الرئيس ترمب في الرئاسة الأميركية الجديدة وفي إدارة البيت الأبيض الجديد ألف ألف حساب، فهو سرعان ما يقول، وهو دوما يعني ما يقول، ويفعل.
ثم ولقد بدأت إدارة ترمب مقارعة إيران في اليمن عن طريق مقاتلتها جماعة الحوثي التي تلقى دعما إيرانيا، وهي أرسلت المدمرة الأميركية "يو أس أس كول" إلى مياه البحر الأحمر، ما يعني أن نذر الحرب الأميركية الإيرانية أو إن شئتم الترمبية الطهرانية قد بدأت حقا تدق على الأبواب.
وباختصار، فالرئيس الأميركي دونالد ترمب يختلف عن سلفه الرئيس باراك أوباماكل الاختلاف، فترمب يريد جادا أن يبدأ بتقليم أظافر إيران في الشرق الأوسط التي سبق أن سمح لها أوباما بإطالتها أو تغاضى عنها وهي تفعل ذلك، وذلك بحجة إبرامه اتفاق النووي، الذي لا يغني بالنسبة لأميركا ولا يسمن من جوع.
وأما لإيران مع مجيئ ترمب، فيمكن القول "أجاك يا بلوط مين يعرفك!"