زاد الاردن الاخباري -
عمان - سمر حدادين - تواجه مرشحات المجلس النيابي القادم من مختلف دوائر المملكة التحديات والصعوبات ذاتها مع فوارق بسيطة غير جوهرية، جعلت من مسالة خوض المرأة للمعركة الانتخابية أشبه بمعركة طواحين الهواء الدون كيشوتية.
ولا يخفى على احد أن ما يزيد من حجم هذه التحديات والعوائق أمر غاية بالأهمية وهو أن معظم النساء اللواتي قررن الدخول إلى عالم النيابة، لم يأتين من خلفيات سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية تساعدهن بتشكيل قاعدة انتخابية لهن.
وبعض المرشحات اعتمدن على الإجماع العشائري الذي تشكل نتيجة معرفة مسبقة لدى هذه العشائر أن لا فرصة لأبنائها الرجل بالفوز بمقعد بالبرلمان إما لان عدد أفرادها قليل أو لان هناك عشائر بدوائرهم تنافس وبشدة على الفوز، فكان البديل الأمثل ترشيح امرأة.
فخلال اللقاء الذي جمع مجموعة من المرشحات على مستوى المملكة أمس، بدعوى من اتحاد المرأة الأردنية بدا واضحا أن بعض المرشحات تنقصهن الخبرة بميادين مختلفة، على جانب ضعف إمكانياتهن الاقتصادية، ما جعلهن تحت سطوة العشيرة والعائلة والمناطقية، وجعل رحلتهن الى قبة البرلمان شاقة وتكاد تكون ضربا من الخيال، إلا إذا كن مترشحات على دوائر صغيرة فتساعدهن آلية حساب الكوتا على تحصيل نسبة تأهلهن للفوز بحجز مقعد نيابي.
اللقاء غايته الأساسية وفق رئيسة إتحاد المرأة الأردنية آمنة الزعبي مد جسور الاتصال ما بين الاتحاد والمرشحات تمهيدا للتواصل مع اللواتي سيصلن إلى البرلمان، وشارك به مندوب وزارة التنمية السياسية طاهر العجارمة ورئيس جمعية الدفاع عن حقوق المحامين حسين العتيبي.
بيد أن المرشحات وجدن باللقاء فرصة لبسط همومهن والحديث عن برامجهن، وكان واضحا أنهن يلقين اللوم على المجتمع المدني وتحديدا المنظمات النسائية وعلى الإعلام والقطاع الخاص لعدم دعمهن.
فهن بحسب ما أجمعن خلال اللقاء غير قادرات على منافسة الرجل بالدعاية الانتخابية، فلا يملكن المال لصرفه على حملاتهن وفتح مقرات وعمل مهرجانات انتخابية، وتناولن خلال حديثهن الضغوط العشائرية التي تمارس على بعضهن من اجل الانسحاب لصالح مرشح من نفس العشيرة، تحت عنوان أن «البيت مكان المرأة وينبغي ترك السياسة للرجال».
وتبين من خلال الحوار أن أغلب المرشحات لا يعرفن تفاصيل احتساب الكوتا في القانون الجديد، وما هي الدوائر الفرعية، رغم أنه لم يبق على يوم الاقتراع إلا أقل من أسبوعين.
وأثرن نقطة مهمة تتعلق بموقف الناخبات من المرأة المرشحة، فوفق ما قلن أن النساء غير قادرات على اختيار من يمثلهن بالبرلمان بعيدا عن ضغط العائلة أو الذكر بالعائلة، فهن بحسبهن «منقادات ومجبرات على الالتزام بقرار الرجل الذي يقرر وفقا للإجماع العشائري بمعظم الأحيان».
وهو ما أكدته رئيسة اتحاد المرأة الأردنية آمنة الزعبي التي قالت أن المشكلة في وصول المرأة للبرلمان لا يكمن في أن المرأة لا تدعم المرأة, مشيرة إلى أنه ثبت عدم صحة هذه المقولة.
وبينت أن ما يشكل قاعدة للمرشحة هو في بناء علاقة وثيقة بينها وبين الناس, وذلك لا يمكن أن يتم خلال شهر الدعاية الانتخابية بل عبر الانخراط في العمل العام, إلى جانب بناء علاقة مع المنظمات النسائية.
وأضافت في اللقاء الذي حضرته عشر مرشحات من بعض المحافظات, بأن أهمية العلاقة بين المرشحة والمنظمات النسائية تكمن في أن المنظمات النسائية هي بيوت خبرة وطنية, مبينة أنه وبعد وصول المرأة للبرلمان تبقى بحاجة المنظمات النسائية في تزويدها بأبرز مثالب القوانين وكل ما يتعلق بالقاعدة الشعبية وغيرها من القضايا.
واستذكرت علاقة المنظمات النسائية بعضوات البرلمان السابق إذ بينت أنهن حرقن السفن بينهن وبين المنظمات النسائية, وأعلن أنهن نواب وطن وليس نواب المرأة, ومقابل ذلك كان النواب الرجال يحضرون اللقاءات التي تعدها المنظمات النسائية وعضوة البرلمان تتغيب رغم دعوتها.
وأشارت إلى أن هذا اللقاء يأتي في سياق إنشاء علاقة مع المرشحات, ولإنشاء وثيقة شرف في هذا الشأن تؤسس لعلاقة جديدة بين المرشحات والمنظمات.
من جهته اعتبر العجارمة أن المرأة في مجتمعنا لم تع بعد أهمية دور المرأة في المجتمع وفي البرلمان وهنا تكمن المشكلة من وجهة نظره.
وأضاف أن الحكومة تفضل أن لا يطلق اسم الكوتا, بل تسمي منح المرأة حصة في البرلمان «مقاعد إضافية» وذلك بناء على فلسفة تقتنع بها الحكومة وهي أن الكوتا مرحلة انتقالية، وطموح الحكومة في أن تصل المرأة للبرلمان بالتنافس.
وقدم العجارمة للمرشحات شرحا وافيا عن القانون والنظام الانتخابي وتفاصيل الكوتا النسائية وآلية احتسابها، وحاول أن يوصل لهن رسالة بان اللقاء ليس هدفه مناقشة القانون أو مدحه أو نقده، فلا يفصلنا عن صناديق الاقتراع إلا القليل، وينبغي الاستفادة بالاستيضاح من بعض الأمور الفنية، وإذا هناك ملاحظات على القانون بعد الوصول إلى البرلمان يمكن مناقشته وتعديله.
فيما أشار رئيس جمعية المحامين المدافعين عن حقوق الإنسان حسين العتيبي أن هنالك جهلا في المجتمع حول دور مجلس النواب, وبسبب هذا الجهل فالناس لا يدركون الدور التشريعي والرقابي للبرلمان ويحصرون دور البرلماني بتقديم الخدمات الفردية للمواطن, فلا يروج الناخبون إلا لنائب الخدمات.
يضاف إلى ما سبق كما قال العتيبي جهل الناس بأهمية دور المرأة في البرلمان، داعيا مؤسسات المجتمع المدني الى العمل على توعية المجتمع بدور البرلمان الحقيقي وأهمية مشاركة المرأة، لجهة قدرتها على حمل هموم وقضايا المرأة التشريعية والحقوقية.
اللقاء حمل دلالات عديدة وأثار أسئلة أكثر مما أجاب عن تساؤلات، تحتم علينا أن نقف وقفة مراجعة ليس فقط على المستوى التشريعي، وإنما للسعي نحو تغيير مجتمعي لإصلاح مفاهيم أصابها العطب، لتعزيز دور المرأة سياسيا ومجتمعيا.