زاد الاردن الاخباري -
أحالت الحكومة الأردنية قضية مؤسسة تنمية الموارد بالمملكة لهيئة مكافحة الفساد، في محاولة منها لوضع حدّ لجدل طويل حول شبهات فساد اعترى أعمال المؤسسة ضاع بسببه ما يزيد عن 100 مليون دينار (141 مليون دولار) تتحمل الحكومة عبء سدادها.
وقرر رئيس الوزراء سمير الرفاعي إحالة ملف التحقيق في مشاريع "موارد" إلى هيئة مكافحة الفساد التي أعيد تشكيلها مؤخرا ليترأسها سميح بينو الرئيس السابق لدائرة مكافحة الفساد في المخابرات العامة.
وقبل ملف "موارد" كان سجن الحنو شمال العاصمة عمان يفتح أبوابه لاستقبال وزير المالية السابق عادل القضاة ومدير شركة مصفاة البترول أحمد الرفاعي، ومحمد الرواشدة المستشار الاقتصادي السابق لرئيس الوزراء، ورجل الأعمال خالد شاهين لقضاء ثلاثة أعوام بعد أن أدانتهم محكمة التمييز بجرم الرشوة.
وأدين الأربعة على خلفية تحقيقات بشأن ملف عطاء توسعة مصفاة البترول الوحيدة في البلاد، وهو عطاء قدر حجمه بملياري دولار بحسب مصادر مطلعة على تفاصيله.
تراجع
وبالرغم من هذه الجهود الرسمية في مكافحة الفساد أظهر تقرير منظمة الشفافية الدولية لعام 2010 الذي أعلن في العاصمة الألمانية برلين الثلاثاء الماضي تراجع الأردن إلى المرتبة الـ50 في سلم الشفافية الدولي، بعد أن كان في المرتبة الـ47 العام الماضي.
وجاء هذا التراجع استمرارا لتراجع الأردن الذي حل عام 2008 في المرتبة الـ38 عالميا.
ويرى نقيب المحامين السابق صالح العرموطي الذي رافع في قضية الفساد في مصفاة البترول أن جهود الحكومة في مكافحة الفساد هي "تصفية حسابات لا أكثر".
وقال للجزيرة نت "رئيس الوزراء الأسبق معروف البخيت قال قبل ثلاثة أعوام فقط إنه لم يستطع محاربة الفساد لوجود مراكز قوى تقف خلفه".
وتابع "لو كان هناك جدية لدى الحكومة لمكافحة الفساد لرأيناها تفتح ملفات شركات تمت خصخصتها وبيعها بأثمان بخسة، وتحقق في قضية شركة أمنية التي حصلت على الرخصة من الحكومة بأربعة ملايين دينار وبيعت بعد عامين بأربعمائة مليون دينار".
ويطالب العرموطي الحكومة بالتحقيق في "الكارثة" التي وصلت إليها البلاد بعد أن تجاوزت المديونية العامة 10 مليارات دينار (14 مليار دولار)، وفتح ملفات 55 مؤسسة أهدرت المليارات من الدنانير التي يدفع المواطن الفقير ضريبتها من البنزين وغيره من السلع والخدمات.
عوائق
وفي رأيه فإن العائق الأكبر أمام مواجهة الفساد "عدم وجود قرار سياسي" لمكافحته، ويقول "الحكومة تسيطر اليوم على كل السلطات، فالقضاء مرتبط بوزير العدل بموجب قانون استقلال القضاء، والبرلمان مفصل على مقاس قانون الانتخاب الذي وضعته الحكومة".
وكان رئيس هيئة مكافحة الفساد سميح بينو قد قال في أول تصريح له قبل أيام إن "الهيئة لن تغض النظر عن قضية فساد أيا كان الشخص المعني بها"، وهي رسالة رأى مراقبون أنها موجهة لمتنفذين يعتقدون أنهم فوق القانون ولن تطالهم يد المحاسبة.
غير أن المحلل السياسي الدكتور محمد أبو رمان اعتبر أن هناك اقتناعا لدى الرأي العام بأن مكافحة الفساد في الأردن "انتقائية وغير نابعة من قرار سياسي".
وطالب في حديثه للجزيرة نت بمراجعة أرقام استطلاعات الرأي العام خلال السنوات الماضية التي تظهر تنامي الشعور بأن "الفساد متجذر في الدولة من أعلى الهيئات لأدناها".
وتحدى أبو رمان الجهات المسؤولة فتح ملفات تجاوزات كبرى في أمانة عمان والضمان الاجتماعي وتلفزيون الغد ومشروع "سكن كريم لعيش كريم" وأراضي دابوق التي قال إن مئات الملايين أهدرت فيها دون محاسبة حتى اليوم.
وفي رأيه فإن القرار السياسي بمكافحة الفساد يبدأ بتعيين شخصيات يجمع الرأي العام على قدرتها على مكافحة الفساد والتصدي للفاسدين "الذين أهدروا المليارات منذ عام 2004 حتى 2008 فقط".
الجزيرة