فيما كنت أعبث برمال شاطئ الخيال ، إذ عثرت أصابعي على المصباح السحري ، فسادت نفسي فرحة غامرة بقرب تحقق أحلامي ، فوقفتُ لحظةً قبل فرك المصباح لأفكر فيما أطلب ، فخطر ببالي تساؤل : ( لو قُسِمَتْ هذه الأمنيات الثلاث بين مجموعات ثلاث من الناس ، ماذا كانوا سيطلبون على الأغلب ؟؟ )
فركتُ جوانب المصباح فانتشر دخانٌ كثيف ، وظهر المارد الأزرق من خلاله ، وقال لي شابكاً ذراعيه : ( شُبيكِ لُبيكِ .. أؤمري تُطاعي ) ! فقلتُ له : ( أريدك أن تعطي أمنيتي الأولى لمجموعة من الرجال ، وأمنيتي الثانية لمجموعة من النساء ، وأمنيتي الأخيرة لمجموعة من الشباب والصغار ، ولكن بشرط واحد ، أن تطلعني بعد ذلك على طلباتهم ! ) فانحنى لي طائعاً ثم اختفى.
تركتُ المارد عدّة أيام قبل أن أستدعيه ثانيةً من مصباحه السحري ، وسألته عما حدث معه ، فقال : ( أما مجموعة الرجال فقد طالبتني بأمور محددة : الكثير من المال مع الكثير من السلطة ، الوسامة والكثير من النساء ، وهناك جزء منهم طالبني بتوفير حياة كريمة لأسرهم وأطفالهم ، وتأمين مستقبلهم الدراسي ، أحدهم طلب مني ألا ينجح أحد من مرشحي الدورة الانتخابية الحالية ، وطالبني أفقرهم أن يكون له العديد من مزارع البندورة والخيار والخضار والفاكهة !! )
فابتسمتُ وسألته : ( وماذا عن مجموعة النساء ؟ بماذا طالبتك ؟ ) . أجابني : ( طالبنني بقصور وفلل وسيارات فارهة ، وبأثاث فاخر وأموال طائلة ، والكثير من الخادمات والمجوهرات ، ورغبن في أسر سعيدة قادرة على تلبية كل مطالبها ، وأن يصبحن أجمل من جميلات الفن والسينما . بعضهن طالبن أن يسيطرن أكثر على أزواجهن ليصبحوا كالخاتم في أصابعهن، أو أن أجعل أزواجهن لا يرون غيرهن من النساء ، وأمرتني بعضهن أن أجعل أمهات أزواجهن يشعرن تجاههن بمشاعر الخير والمودة فيعاملنهن كما يعاملن بناتهن ، فيما طلبت الحموات أن تشعر زوجات أبنائهن بهن ويحترمن تعبهن في تربية هذا الابن ، وأنّ لهنّ عليه حق الطاعة ! )
ثم أردف قائلاً : ( أما مجموعة الشباب والصغار ، فقد طلبوا مني مجموعة من أجهزة الحاسوب والملاعب والألعاب الحديثة ، وأصرّوا أن أجعل أهلهم يشعرون بهم فيعلمون كم هم بحاجة إليهم ولحنانهم ودفئهم وليس لأموالهم فقط ، وأن يعلّموهم كيف يفكرون ويبدعون ولا يقيدوهم بقيودٍ وأفكارٍ تحدُّ حرية تفكيرهم وتحليق إبداعاتهم ، كما أرادوا أن يكون صوتهم قوياً ليسمعه الكبار والمسؤولين فيوصل رغباتهم وطموحاتهم المستقبلية إليهم ليعملوا على تحقيق أحلامهم قدر الإمكان ! )
وقفت برهة أفكر فيما قاله المارد ، فتوجه هو إلي قائلاً : ( سيدتي ، هلا قمت بإعفائي من تحقيق مطالبك الثلاث هذه ولتسمحي لي بمنحك ثلاثة طلبات أخرى ؟ ) فتساءلت : ( ولماذا ؟ ) أجاب : ( لقد طلبتِ ضمن هذه الطلبات آلاف الطلبات وما أنا إلا ماردٌ واحد ، وسأقضي وقتاً طويلاً جداً في تنفيذ هذه الطلبات ، وخاصة أنني لا أملك ميزانية دولة ولا كنوز علي بابا !! ) فقلتُ له ضاحكة : ( حتى أنت أيها المارد طالك الغلاء ؟ ) فأطرق خجلاً ، فضحكت وضحكت حتى أدركتُ أنها كانت مجرد فكرة مجنونة ، مجرد أمنية تذروها الرياح .. ولكن عسى أن تتحقق في يوم من الأيام للجميع !!
nasamat_n@yahoo.com