الناخب والنائب والناهب
كلمات متضادة بعيدة عن بعضها البعض سواء أمعنا النظر في المعنى الظاهري لها أو في معناها السطحي ، هذه الكلمات تترد في اليوم آلاف المرات على لسان الكبير والصغير ، الفقير والغني ، المسئول والمواطن ، ولكن رغم ذلك تتفق معظم الأدبيات البرلمانية وفي علم الأخلاق أيضاَ بأن الناخب هو كل فرد أردني حر يؤمن برجال الوطن الذين سخروا أنفسهم لخدمته ، هذا الفرد الذي يملك حريته وإرادته في اختيار المرشح الأفضل على الإطلاق ، وأن يحاول الابتعاد عن المرشح الذي دون ذلك ، هذا الناخب الذي لا يقبل تزويراً ولا تحريفاً ولا تبديلاً لإرادة الشعوب الحرة في اختيار من يحقق جزء من أمالها وطموحاتها ، وأن لا يجعلها هذا الناخب جسراً أو محطة ينطلق منها لتحقيق مكاسب ومآرب شخصية على حسابه وحساب أبناء الوطن ومقدراتهم وحقوقهم ، ولطالما طالبنا الحكومة بمحاربة الفاسدين والمفسدين ، فأود أن أقول أن الإصلاح يبدأ من نهاية الهرم ولعل اختيار المرشح المناسب الأصلح هو جزء من هذا الإصلاح ومدعم لها ، وبدونها لا يمكن أن يكون هناك إصلاح على مستوى الإدارة العليا، لذلك فإن بذرة الخير موجودة في شباب الوطن إلى يوم الدين ، هذه البذرة التي تعتبر عنوان التغيير والتنمية التي تحتاجها بلادنا ، لذلك يجب أن لا يقبل أن يبيع أي فرد إرادته لأي كان ولو بكنوز الأرض ، لأن من تسهل عليه حريته يهن عليه كل شيء .
أما النائب فهو كل أردني يرغب بخدمة قضايا أبناء شعبه وحماية الوطن من براثن المتأردنيين اسماً ، هذا النائب يجب أن يكون على وعي تام بمتطلبات المرحلة والقدرة على التمييز بين ما يريده الأردنيين وبين ما يريده لنفسه ، وليتذكر دائماً أن الأردن هي اسم علم \"ذكر\" وهي قادرة على الإنجاب وقبل ذلك هي وفيرة بالرجال القادرين على حماية البلد ، وأن مرجعيته الأساسية هي الأردن وقضايا الأردنيين على اختلاف منابتهم وأصولهم وعروقهم ، فالأردن لا تفرق بين كبير وصغير إلا بمقدار انتماءه وإخلاصه لتراب البلد ، لذلك لا نريد من هذا النائب أن يقوم بتصفية حسابات مع أقرانه أو مع أبناء قاعدته الانتخابية ولنؤمن بأن حرية التعبير واختيار النائب الأفضل هي مفتاح الحرية التي ننشدها لرقي بلادنا ، وبالمقابل يجب محاسبة هذا النائب عن مدى تقصيره في خدمة قضاياه وفي تحقيق أهداف برنامجه الانتخابي، وهذه المحاسبة يجب أن تكون دورية تذكره وتصحح مسيرته حال انحرافه عنها .
أما الناهب أبعده الله عنا ، فقوائم المرشحين للانتخابات تزدحم بهذه الفئة وهي التي مازالت تعتبر أن الوطن \" بقرة حلوب \" يأخذ منها أكثر مما يعطي بكثير ، أو أنها تركة له ولفئة قليلة متنفذة من أمثاله ، هذه الفئة التي مازالت تحارب كل شخص طموح في هذه البلد وتضيق عليه الخناق ، لذلك ما من سبيل إلا بتحجيم هذه الفئة في هذه الانتخابات وتحييدها عن تحقيق مآربها الشخصية التي لا تتجاوز منصب رفيع له أو لابناءه ، ومشروع خاص يؤمن به حياته على حساب قضايا الوطن ومقدراته ومكتسباته .
الشعب الأردني هو شعب عظيم قادر على تغليب مصلحة الوطن على حساب مصلحته الشخصية باختيار النائب الأفضل والابتعاد عن الناهب أجارنا الله .
د.اياد عبد الفتاح النسور
Nsour_20052yahoo.com