تبكيك أشياء, وتضحكك أشياء, لكن شر البلية ما يضحك, ففي مجال الكتابة, تبقى الأشياء والمواضيع والأحداث المبكية هي الأكثر تناولاً وطرحاً, ولكن تجد فيها أحياناً ما يضحكك رغماً عنك...
أقول هذا: ونحن نعيش هذه الأيام أجواء الحملات الانتخابية والدعائية لمترشحي المجلس النيابي السادس عشر, وما يرافقها من شعارات لهذا المرشح أو ذاك, والتي جاءت في معظمها وأغلبها شعارات جوفاء, فارغة, بلا قيمة أو قيم, ما أن تنتهي من قراءتها حتى تجد فيها من الجنون والهستيريا, والخبل, والتخبط, والاستخفاف بعقول البشر, ما يجعلك تضحك وتضحك, حتى يُظَن أنك "مجنون" لأن مشتقات "الجنون" في هذه الأيام أصبحت متوفرة, أكثر من توفر الماء في جرش وعجلون بسبب صعوبة الضخ نتيجة لإهتراء شبكات المياه – كما تدعي الحكومة – وشموخ جبال المدينتين وارتفاعها.
فمن الشعارات المرفوعة, التي جعلتني اضحك ولكن ليس إلى حد الجنون, إنما إشفاقاً على الذين رفعوها على يافطاتهم وكتبوها على صورهم, تلك العبارات التي اتسمت بـ "الأنا" وحب الظهور, والكذب والدجل والنفاق والخداع والمراوغة وجنون العظمة, والتي تعكس صورة واضحة لما آلت إليه نفسيات البعض منهم وسيطرت على كيانهم وعقولهم و وجودهم حتى غدت شعاراتهم حديث الناس سخرية واستهزاء وضحكاً واستغراباً, فأحد المترشحين رفع شعاراً قال فيه عن نفسه بأنه: "واقع يشهد له الجميع", ومترشح آخر يقول بأنه: "أخ لكل الفقراء والمحتاجين", وغيره كتب عبارة: "أبو فلان قول وفعل", شعارات وعبارات, زائفة, ضالة خادعة, خصوصاً وأننا نعرف حقيقة الأشخاص الذين رفعوها, وحقيقة سلوكهم ومواقفهم اتجاه الوطن والمواطن, وحقيقة كيف جمعوا أموالهم, الأمر الذي أصبح معه لا يمكن بأي حال السكوت عنهم, وعن دائهم الذي استفحل وانتشر, وعن كذبهم ونفاقهم وخداعهم للبسطاء والفقراء والمحتاجين من أبناء مجتمعنا لاستدراجهم للتصويت لهم, فالتصرفات الشائنة, المخزية, المكشوفة والمعروفة لنا عن أصحاب هذه الشعارات, أصبحت لا تُحتمل ولا تَحتَمل السكوت عنها, فمن حق الوطن علينا ومن حق الناس, أن نتصدى لهم, وأن نكشفهم ونعريهم, وإنني من الشجاعة - بإذن الله - في قول الحق, والتعرض لهذه الفئة من المترشحين ما لا أخشاه, لأنني أعرف في الكثيرين منهم وتصرفاتهم المخجلة والمسيئة للوطن والناس ما استطيع أن اتخذه سلاحاً منهم عليهم, فو الله إن الذي أعرفه في الذين يرفعون مثل هذه الشعارات الانتخابية ليبعث على الألم ويفجر الحسرة والمرارة في النفس, فهذا الذي يدعي بأنه "أخ لكل الفقراء والمحتاجين" ألم يستحي ويخجل من نفسه عندما رفع مثل هذا الشعار...! خاصةَ إذا ما علمنا - مع ملايينه إن كان بحوزته ملايين كما يدعي - بأن إخوانه وأخواته من أفقر أهل المنطقة التي ترشح عنها ولا يقدم لهم شيئاً, ولا يساعدهم بل يجافيهم ولا يكلمهم ويتنكر لهم, ألم يخطر على باله, أن الواقع الذي يشهد له الجميع به, هو ذلك الواقع الذي أصبح معروفاً و واضحاً وبائناً بينونة كبرى, لكل الذين عرفوه واحتكوا به وتعاملوا معه, واقع التعالي والعجرفة, واقع النفاق والمراوغة, واقع المحاكم وقضايا النصب والاحتيال والتحايل والغش, وأكل مال الناس بالباطل والبهتان, إنه واقعاً سنتخذه بإذن الله حجةً لنا عليه وعلى أمثاله, وشاهد إثبات على ما ندعي ونقول بحقه وحق كل الذين على شاكلته, ويتبعون ذات النهج والأسلوب في تضليل الناس واستغلالهم تحقيقاً لأهدافهم المريبة في الإساءة للوطن ومصلحته العليا, وإشباعاً لرغباتهم وشهواتهم في جمع الأموال على حساب لقمة الأغلبية الساحقة من أبناءه.
وليعلم هذا الدعيُّ إلى فعل الخير والفضيلة وهو منها براء براءة الذئب من دم يوسف ومن ماثله من المترشحين بأنهم قد كُشِفوا, وأن غالبية الناخبين قد وقفوا على حقيقة أفعالهم وتصرفاتهم وسلوكياتهم, المشينة, وأن الفشل سيكون بعون الله حليفهم, وأنهم مهما حاولوا خداع العباد وتضليلهم لن, ولن, يفلحوا في الوصول إلى قبة البرلمان, وإن التاسع من تشرين الثاني ليس ببعيد, وإن الله سبحانه وتعالى سيخزيهم ويجعلهم سخرية جزاء مااقترفوا بحق الوطن والمواطن, وجزاء مارفعوا من شعارات كاذبة وعبارات ساذجة, فيها من الألم والحسرة والشر الكثير, لكن...! بأمر الله, إن شر البلاء فيها سينعكس على من رفعوها ضحكاً واستهزاءً ساعة صدور النتائج.
الثامنة من مساء الجمعة بقلم:
معين المراشده
Email: moeenalmarashdeh@yahoo.com