زاد الاردن الاخباري -
لم يغادر الشاب مصعب حدود غزة يوما، لكنه يشعر بالحرية حين يقرأ الكتب باللغة الانكليزية، ويرى من خلالها العالم، ولذا اطلق مشروعا لانشاء اول مكتبة من نوعها في القطاع الساحلي المحاصر منذ اكثر من عقد.
وانشأ مصعب ابو توهة البالغ من العمر 24 عاما صفحة على موقع “فيسبوك” لاقامة اول مكتبة للكتب الانكليزية في غزة، وفيها دعوة “رجاء ارسلوا لنا كتبا بالانكليزية، سواء كانت جديدة او مستعملة”.
ويقول مصعب الذي درس الادب الانكليزي في الجامعة الاسلامية في غزة وتخرج منها عام 2014 “الحرية ان تحرر عقلك، اسافر عبر الكتب الانكليزية الى كل دول العالم بل وانتقل بين الازمنة، اشعر اني في عالم مختلف، عالمهم هم الذي لم ازره الا في الكتب”.
ويضيف “قرأت عشرات الكتب، الادب الانكليزي يجذبني، احب ان اقراه بلغته الاصلية لا مترجما”، لكنه يستدرك “ليس الادب فقط ما يجذبني في هذه الكتب، بل ايضا الانفتاح على الثقافات الاخرى”.
ومصعب هو واحد من مليوني فلسطيني يعيشون في غزة، ويفتقرون الى حرية التنقل والسفر منذ اكثر من عقد، اذ تفرض اسرائيل حصارا مطبقا على القطاع.
وتقفل السلطات المصرية ايضا معبر رفح، المتنفس الوحيد للقطاع، سوى في بعض الحالات الانسانية القليلة.
ويلقي هذا الحصار بظلاله على الوضع الاقتصادي المتردي، وعلى وصول الاحتياجات الاساسية لقطاع غزة. ولا تستثنى الكتب من بين ضحايا هذا الحصار.
ويقول مصعب الذي عمل مؤخرا مدرسا للغة الانكليزية في مدرسة تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين (انروا) “الكتب الانكليزية قليلة في غزة والاصدارات الحديثة تصلنا متأخرة في ظل الحصار، لذلك فكرت بانشاء مكتبة وطلب المساعدة من العالم عبر ارسال الكتب والتبرع لاستئجار مكان لانشاء مكتبة”.
ويقول صديقه شادي سالم الذي يساعده في ادارة صفحة المشروع “حتى لو رغبنا بتحميل الكتب عبر الانترنت فالكهرباء دائما مقطوعة”، فالقطاع يعاني ازمة حادة في الكهرباء تزامنت مع الحصار منذ قصف اسرائيل لمحطة التوليد الوحيدة عام 2006.
ومنذ انشاء الصفحة، في تموز/يوليو الماضي، تلقى مصعب نحو مائتي كتاب من متابعين لها في الولايات المتحدة ودول اوروبية عدة، كما تلقى تبرعات بقمية الفي دولار، كما يقول.
وتصل هذه الكتب الى غزة عبر البريد الذي تسيطر عليه اسرائيل وتتحكم بجواز دخوله او منعه الى القطاع.
وفي العام الماضي اوقفت اسرائيل ايصال البريد الى غزة اشهرا عدة. وفي نهاية كانون الاول/ديسمبر الماضي توجه مصعب الى متابعيه على الصفحة بالقول “بامكانكم ارسال الكتب من الان، الخدمات البريدية عادت الى غزة”.
ويجمع الشاب الكتب التي تصله الى جانب 400 كتاب آخر يملكها اصلا، في رفوف مكتبته الخاصة في منزله في بلدة بيت لاهيا شمال القطاع، وهو يأمل ان يجمع الف كتاب آخر قبل ان يفتتح المكتبة.
ويشير باعتزاز الى ثلاثة كتب وصلته من المفكر الاميركي نعوم تشومسكي موقعه منه، يضعها في واجهة المكتبة وفوقها صورة التقطها معه في مؤتمر حضره في الجامعة الاسلامية خلال زيارته الى القطاع عام 2012.
وخلال الحرب الاسرائيلية على قطاع غزة عام 2014، استهدفت اسرائيل مبنى هذه الجامعة التابعة لحركة المقاومة الاسلامية حماس، ويذكر مصعب ان المكتبة التابعة لقسم كلية الادب الانكليزي، حيث كان يدرس، دمرت بالقصف.
ومنذ العام 2008 شنت اسرائيل ثلاث حروب على قطاع غزة الذي يعمه الفقر والبطالة، وتضررت جميع القطاعات فيه بما فيها القطاع الثقافي والمكتبات.
وبحسب محمد الشريف مدير عام المعارض والمكتبات في وزارة الثقافة التابعة لحماس في غزة “ادت الحروب الاسرائيلية على قطاع غزة الى تدمير مائة الف كتاب على الاقل عبر تدمير نحو 30 مكتبة ما بين تدمير كلي وجزئي”.
ويشير الى وجود 18 مكتبة عامة في قطاع غزة الا ان غالبية الكتب فيها باللغة العربية.
ويقول “حجم الاهتمام بالكتب العربية اكبر في المجتمع بصفة عامة”.
ويضيف “اسرائيل باتت تسمح باستيراد الكتب الى غزة منذ نحو عام فقط، وهي تحدد نوعية الكتب التي تدخل، فهم يمنعون مثلا الكتب السياسية”.