زاد الاردن الاخباري -
أكد مسؤول رفيع المستوى في البنك الدولي وجود أولويات خمسة تعمل المؤسسة الدولية على مساعدة المملكة فيها، وذلك في الوقت الذي تمر فيه المنطقة بمرحلة صعبة تلقي بظلالها على الاقتصاد الأردني، لاسيما الحرب في سوريا والمشكلات التي تمر بها العراق.
وقال نائب رئيس البنك الدولي لمنطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا الدكتور حافظ غانم، إن الأولويات التي حددها مع الحكومة الأردنية، بعد لقائه رئيس الوزراء الدكتور هاني الملقي وعددا من الوزراء والمسؤولين الرسميين، لمساعدة الأردن تشمل قطاعات التعليم، والبنية التحتية والاستثمارات فيها، والحوكمة وتحسين الخدمات الحكومية، وتعزيز بيئة الأعمال للقطاع الخاص، وضمان وجود شبكة أمان اجتماعي فعالة.
وأكد في لقاء صحفي على هامش زيارته للمملكة، أن الصراع في المنطقة أثر على التبادل التجاري والاقتصادي للأردن مع سوريا والعراق، مثلما أدى انخفاض سعر البترول سلبا على حجم الاستثمارات التي تأتي من دول الخليج العربي وتراجع تحويلات العاملين الأردنيين في الخارج.
وأضاف غانم "الأردن يواجه كل هذه التحديات وفي الوقت نفسه يستضيف اللاجئين السوريين الذين يصلون إلى حوالي 4ر1 مليون لاجي" وما لذلك من تأثيرات سلبية على فرص العمل للأردنيين والسوريين على السواء.
وقال "الأردن بالنسبة لنا مهم وشريك أساسي، الشراكة بين الأردن والبنك قديمة، ونحن نهدف إلى أن نزيدها ونقويها، وهناك برنامج كبير، وستكون بحجم أكبر".
وفي هذا الصدد، قال غانم إن البنك الدولي يعطي تمويلات للدول متوسطة الدخل بنسبة فائدة 5ر2 بالمئة، لكن ولأن الأردن يستقبل هذا العدد من اللاجئين ويقوم بخدمة مهمة للمجتمع الدولي، "لذلك يجب أن نقدم قروضا ميسرة للأردن".
واضاف أن القروض التي قدمها البنك تشمل قرضا للمناطق الصناعية المؤهلة ودعما للمياه والكهرباء، وسنقدم لمجلس إدارة البنك في الشهر المقبل مشروع خدمات صحية بنسبة الفائدة الميسرة التي تستخدم للدول الأكثر فقرا وهي 4ر1 بالمئة، وذلك إلى جانب المساعدات الفنية والتقنية والمنح المرتبطة بهذه المساعدات.
وبين غانم أن محفظة البنك الدولي المالية في الأردن تبلغ 750 مليون دولار، من ضمنها مشروع تحسين فرص الأعمال وتنمية المناطق الصناعية المؤهلة بواقع 300 مليون دولار، ابتدأ تنفيذه في صيف العام الماضي ولمدة خمس سنوات، ومشروع مساعدة الشركات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر بواقع 120 مليون دولار، ومشروع تحسين قطاعات الطاقة والمياه بتقديم الدعم المباشر للموازنة، ومشروع الصحة المتوقع اقراره قريبا بواقع 150 مليون دولار.
كما تشمل هذه الحزمة مشروعا مع البنك المركزي الأردني لتمويل الشركات الناشئة بواقع 50 مليون دولار، إلى جانب توفير زيادة لمخصصات برنامج دعم البلديات المستضيفة للاجئين إلى 120 مليون دولار من 60 مليون دولار المخصصات الحالية.
وحول توقعات النمو في المملكة، قال غانم: إن النمو الاقتصادي المتوقع للعام الحالي 5ر2 بالمئة وبزيادة طفيفة في العامين المقبلين، لكن هذه النسبة غير مقبولة لدى الحكومة لتوفير فرص العمل، لذلك تم التركيز على زيادة الاستثمارات في البنية التحتية لتشمل قطاعات النقل والطرق والكهرباء والمياه والاتصالات وغيرها، وهذه الخدمات تواجه فيها الموازنة مشكلة التمويل، والحل سيكون من خلال مشروعات الشراكة بين القطاعين العام والخاص والتي لاقت نجاحا كبيرا في المملكة مقارنة بالتجارب المماثلة في الدول العربية.
وضرب مثلا على نجاح مشروع الشراكة بين القطاعين العام والخاص، مطار الملكة علياء الدولي، الذي تم تمويله من خلال مجموعة البنك الدولي، مقابل فشل تجارب مماثلة لمطارات في المنطقة كون المشروعات تم تنفيذها بشراكة كاملة مع الحكومة.
وفي رد على سؤال حول الإجراءات الحكومية الأخيرة وتأثيراتها على النمو الاقتصادي، قال غانم إن الاجراءات التي تحصل في الأردن تعد نتيجة حتمية للتغير الاقتصادي العالمي، لكننا في العالم العربي بدأنا متأخرين في اتخاذ هذه الاجراءات.
وأضاف أن العالم كان يساعد الطبقات الفقيرة من خلال دعم السلع لكن هذه الطريقة من الدعم لها تأثير سلبي على الموازنة؛ حيث يستفيد من الدعم كل الناس، الفقراء والأغنياء، لكن الأغنياء هم المستفيدون بدرجة أكبر كونهم يستهلكون أكثر من الفقراء من السلع المدعومة.
وبين أن الدول التي بدأت برفع الدعم عن السلع والخدمات منذ فترة طويلة، حافظت على مساعدة الطبقات الفقيرة من خلال الدعم النقدي المباشر، والتكنولوجيا الحديثة حاليا تساعد في الوصول بأدواتها إلى الفئات المستهدفة بالدعم النقدي.
وقال إن كل دول العالم غيرت منظومة الدعم من السلع إلى النقدي المباشر، وهو ما يحقق تحسين استخدام السلع ويخفض كلفة الدعم على الحكومة، ويوسع خيارات الشراء لدى المواطنين اعتمادا على الدعم النقدي.
وأكد أن التغييرات التي تحصل في هذا الاتجاه مهمة واساسية "ونحن، كدول عربية، متأخرون مقارنة بالدول الأخرى في العالم لاسيما الدول ذات الدخل المشابه لدخل الدول العربية".
ولتحقيق النمو في الأردن، قال غانم "نحتاج إلى توازن على مستوى الاقتصاد الكلي، موازنة بدون عجز كبير أو بدون عجز في ميزان المدفوعات، كون العجز المنخفض يعطي ثقة للمستثمرين"، مضيفا أن النمو الاقتصادي يتحقق بالاستثمار والعمل وتعزيز الثقة في اقتصاد الأردن، وهذا بالتالي يحقق زيادة في معدلات النمو وتوفير فرص العمل.
وأكد أنه لتحقيق هذا النمو "نحتاج إلى الإصلاحات التي تعزز الثقة وتحسن مناخ الاستثمارات لتكون ملائمة وتجذب المستثمرين بدلا من أن تهربهم، والاهتمام بشكل أكبر في مجال البنية التحتية، وتعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص". وشدد في هذا الصدد على أن المستثمر يجب أن يشعر بدعم الحكومة وتشجيعها له ومساعدته في تخفيف البيروقراطية التي تواجهه، وتوفير البنية التحتية المتطورة التي تخدم الاستثمارات، وتوفير السوق الاستهلاكية والتي تغلبت عليها المملكة بالاتفاقيات الدولية، خصوصا تبسيط قواعد المنشأ مع الاتحاد الأوروبي التي يمكن أن تجذب المستثمرين الراغبين بالتصدير لدول الاتحاد.
وفيما يتصل بتوقعاته للمستقبل القريب، قال إن الصراع وعدم الاستقرار في الإقليم يؤثر سلبا على الاقتصاد الأردني، "لكن هذا لا يعني أن نقف متفرجين. يجب أن نعمل لتحسين الاقتصاد الاردني وزيادة فرص العمل الى حين ما يتحسن الوضع في المنطقة، والتي سيتبعها مشاريع إعادة إعمار كبيرة".
وكشف غانم عن دراسة أجراها البنك الدولي حول تأثير انتهاء الحرب في سوريا على دول المنطقة وما سيتبعه من مشروعات إعادة الإعمار، سيتم نشر نتائجها قريبا، مؤكدا "الأردن بما يمتلكه من خبرات وقدرات سيكون له دور كبير في الاعمار بسوريا وسيكون له دور كبير في تحسين البيئة الاقتصادية والنمو في المملكة".
وقال: يمكن لنا كمنظمات دولية أن نساعد في جذب استثمارات دولية لمشروعات الشراكة وهناك أمثلة مطار الملكة علياء الدولي ومشروعات الطاقة الكهربائية والمتجددة، مؤكدا أنه "في الأردن لازالت هناك فرص كبيرة وقدرات لتحقيق النمو".
وأضاف أن من الانجازات التي حققها الأردن نجاحه في المحافظة على الاقتصاد والتصنيف الائتماني ومعدلات النمو، وإن كانت منخفضة إلا أنه قابلها نمو سلبي لدول أخرى في المنطقة.
بترا