معتصم مفلح القضاة
مع كل ما تمتاز به المؤسسة الإعلامية من أهمية ودور في خدمة المجتمع، وتوجية ودعم لمؤسسات المجتمع المدني، بل دعم لكل أفراد المجتمع كلٌ على حسب ميوله وإمكاناته، إلا أن هذه المؤسسات في بلادنا ما زالت مهضومة الحق في كثير من الجوانب.
وقد بدا في الفترة الأخيرة هذا التعدي واضحاً، حين تراءى للقاصي والداني أن مؤسسات إعلامية بارزة قد وقعت تحت مطرقة الواسطة وسندان المخاجلة. فتربع على رأس هرم بعض هذه المؤسسات الهامة أناس ليسوا أهلاً لها، مما دفع الكثيرين لطرح تساؤلاتٍ عدة.
أهم هذه التساؤلات، ما هي مميزات إدارات المؤسسات الإعلامية؟ وهل تعي الحكومات خطورة وأهمية هذه المواقع التي هي أكبر من أن تكون وظيفة فخرية أو ترضية؟ وتساؤلات أخرى تدور حول الفلك عينه.
هناك لا شك مواصفات يجب أن تتوافر فيمن يتربع على عرش أي من هذه المؤسسات، ويظن البعض أن هذه المواصفات هي مواصفات فنية في مجال الإعلام، كالإعداد والتقديم أو الإخراج التلفزيوني، وإن كانت هذه المواصفات هامة وضرورية إلا أن هناك ما هو أهم.
ما هو أهم من الخبرة الفنية، ضرورة أن يخضع من يتقدم لمثل هذه المواقع لاختبارات جمّة في ولائة لأهداف المؤسسة التي يقودها، هذه الاختبارات جنباً إلى جنب مع اختبارات نفسية تثبت خلو هؤلاء القادة من أية عقد أو أمراض نفسية، حتى لا يفاجأ الجميع بعد ذلك أن جمهوراً واسعاً كان ضحية لأمراض هذا القائد، كما وقعت أجيال سابقة كضحايا عقد النقص وأمراض النفس، والشواهد كثيرة.
المتتبع لفنون صناعة الرأي يؤكد أن الجانب النفسي مهم، وأن الاستقرار النفسي يجب أن يثبت بطرقٍ لا تحتمل الشك، وهذا لا يعيب الشخص نفسه ولا يعيب المؤسسة، بل هو عامل قوة يبغي ألا تتنازل عنه المؤسسات المشرفة على هذه المؤسسات كوزارات الإعلام ومجالس الوزراء.
كما تعطي هذه الاختبارات هذا القائد حجة دامغة بعدم وجود مشاحنات ومهاترات بين هذا القائد وبين الفضاء المفتوح، أفراداً ومؤسسات ودول، لضمان حيادية هذه المؤسسات وقياهما بدورها الهام.
إذ كيف يكون القائد الإعلامي في حياد إذا صب جام غضبه تجاه خلافات شخصية ليس لها أول ولا آخر. لنصحوا بعد حين وقد دخلنا في دوامة يصعب الخروج منها.
أما عن التساؤل الثاني: وهو هل تعي الحكومات أهمية هذه المؤسسات؟ فإن الجواب يكون ظاهراً للعيان إذا نظرنا إلى اهتمام الحكومة بالأشخاص الذين توليهم هذه المسؤولية، فإن كان هؤلاء ممن تنطبق عليهم الشروط والمواصفات فإن اهتمامها واضح وملحوظ، أما إن كانوا من نوع ( هِز على كرسي جلد لبين ما تلاقي غيره) فيفتح الله، وعلى الدنيا السلام.