زاد الاردن الاخباري -
12 عاما قضتها مسودة مشروع قانون حقوق الطفل حبيسة أدراج مجلس النواب، وفي ظل حالة التردي الظاهر في ملف العنف الأسري ضد الأطفال فإن الدفع بمشروع قانون الطفل إلى سلم الأولويات بات حاجة ماسة بحسب الناشطة في حقوق الإنسان المحامية رحاب القدومي.
وعلى الرغم من توفر التشريعات الوطنية ذات الصلة بحقوق الطفل، والتي تضمنتها قوانين أخرى، كقانون العقوبات، وقانون الأحداث، وقانون التربية والتعليم، إلا أن تلك القوانين بحسب القدومي ما تزال مبعثرة، فضلا عن وجود تناقض وعدم انسجام بينها، ومن هنا جاءت أهمية إعداد مسودة مشروع قانون الطفل.
القدومي أعدت مسودة القانون وانتهت منها في العام 1997، تؤكد أهمية إقرار المشروع لتمكين المحامين من استخدام مواده كقواعد إثبات أمام المحاكم المختصة، مشيرة الى أن ثقافة المجتمع المحلي لم تصل به الى درجة اللجوء للاتفاقية واعتمادها لرفع القضايا أمام المحاكم، وكذلك المحامي لن يتمكن من ذلك إلا بوجود قانون متخصص بحقوق الطفل.
وبيّنت أن هناك تجاوزات تحصل على الرغم من الاتفاقيات المتعلقة بالطفل والتي صادق عليها الأردن، لذا فإن الحاجة تصبح ملحة لإيجاد قانون محلي قادر على ضبط الإساءة الموجهة للأطفال، وأكثر إلزاما للمواطن كونه يفرض عقوبات رادعة وله أولوية التطبيق.
وبينت أن القانون وضع بناء على المواثيق والاتفاقيات الدولية المتعلقة بالطفل مع الأخذ بعين الاعتبار خصوصية المجتمع الأردني، وأحكام الشريعة الإسلامية، فضلا عن الاستفادة من التشريعات العربية المعمول بها.
وأشارت الى أن مسودة القانون كانت استجابة للتوصيات المنبثقة عن مؤتمر وطني عقد في العام 1992 والتي دعت حينها الى ضرورة وضع مشروع قانون لحقوق الطفل وجاء المؤتمر بعد أن وقع الأردن اتفاقية حقوق الطفل الدولية.
وبينت أن أي اتفاقية يصادق عليها الأردن ينبغي أن يعقبها وضع آليات للتنفيذ من خلال تشكيل لجان وطنية وإعداد تقارير دورية، لذلك شكلت حينها هيئة العمل الوطني للطفولة ومن بعدها حوّل ملف المشروع الى المجلس الوطني لشؤون الأسرة الذي أصبح معنيا بمتابعة عرضه على مجلس النواب.
مسودة مشروع القانون والتي حصلت "الغد" على نسخة منها تؤكد على حق الطفل في الرعاية ضمن ظروف مناسبة تضمن له التنشئة الصحيحة في كافة النواحي وفي إطار من الحرية والكرامة والإنسانية، فضلا عن حقه في ضمان حمايته من سوء المعاملة والإهمال.
وتدعو مسودة القانون لرفع سن المسوؤلية الجنائية من 7 الى 10 سنوات. كما تضع المسودة المتعاملين مع الأطفال، مثل المعلمين والأهل، تحت طائلة المسؤولية الجزائية في حال عدم تبليغ الجهات الأمنية عن أي حالة من حالات استغلال أو الإساءة الى الأطفال التي يشهدونها.
وحظرت مواد مسودة القانون على القائمين على تنشئة الطفل من تعريضه للإيذاء النفسي او الحرمان العاطفي، وشددت على عدم إيذاء الطفل أو ضربه ضربا مبرحا قد يؤدي لوفاته او إصابته بعاهة بدنية او عقلية من قبل والديه او احد أفراد أسرته ووضعت عقوبة لكل من يمارس هذا الإيذاء.
ولفتت القدومي الى أن الأردن ومنذ المصادقة على اتفاقية حقوق الطفل بدأ بعملية تعديل بعض القوانين، إلا أنها لم تكن شاملة؛ لذلك هنالك حاجة ملحة لقانون يضمن جميع حقوق الأطفال مرتكزا على المبادئ المتضمنة في اتفاقية حقوق الطفل.
وأشارت الى أن مسودة القانون تتضمن جميع الحقوق والمبادئ التي تعنى بالأطفال، وتأخذ بعين الاعتبار الاهتمامات الأساسية للأطفال، فتطرقت المسودة الى حقوق الطفل قبل الولادة، وأبرزها إلزام الزوجين بإجراء فحص طبي لتجنب الأمراض والإعاقات التي يتعرض لها الجنين وفقا للأنظمة والتعليمات الصحية.
ودعت المسودة لوضع نظام رعاية للأمومة والطفولة وفرضت عقوبات على ممتهن التوليد في حال كان غير حاصل على مزاولة المهنة، وتطرقت للإجراءات الوقائية لحماية صحة الطفل، وحقه في الحماية من العنف، والاستغلال سيما الاستغلال الجنسي والاقتصادي (العمالة).
وفي هذا الجانب فإن مواد مسودة القانون حظرت استغلال الأطفال اقتصاديا بدفعهم الى سوق العمل قبل اكتمال نضوجهم البيولوجي والاجتماعي أو قيامهم بأي عمل يشكل خطرا على صحة الطفل وشخصيته، كما وحظرت بيع الأطفال أو الاتجار بهم لأي غرض ووضعت عقوبة مدة لا تقل عن 3 سنوات اذا ثبت ذلك.
وجاء في المسودة أنه لا يجوز لأحد الوالدين أو من كان من طرفه خطف الطفل إذا كان في حضانة أو ضم الطرف الآخر بناء على قرار من المحكمة.
ويشتمل مشروع قانون حقوق الطفل في كافة مواده على أهمية مراعاة مصلحة الطفل الفضلى، بحيث تناول كافة الحقوق الرئيسية التي يتمتع بها الطفل ضمن تشريع موحد ينسجم مع التزامات الأردن بالاتفاقية الدولية المتعلقة بحقوق الأطفال، وذلك انطلاقاً من مسؤولية الأردن في العمل على التشريعات وتنسيقها بما ينسجم مع الالتزامات الدولية.
وتشتمل المسودة على حق الطفل بالنسب والهوية الشخصية والحق في مراعاة مصلحته بالدرجة الأولى عند اتخاذ أي إجراء يتعلق به، وحق الطفل بالرعاية الأسرية والتنشئة الصالحة، وحقه في الرعاية الصحية والتعليم والسلامة المرورية وحقه في الحماية من العنف والاستغلال بمختلف أشكاله.
كما تناول القانون رعاية الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، ودعت بنوده الى توفير نظام الرعاية البديلة، بحيث توفر للطفل المعوق الرعاية الاجتماعية والنفسية والصحية، اذا حالت ظروفه دون أن ينشأ في أسرة طبيعية، كما أكدت مسودة القانون على إنشاء دور خاصة لرعاية المعوقين تابعة لوزارة التنمية الاجتماعية وعدم الاعتماد الكلي على الجمعيات الخيرية والتطوعية.
وفي مجال التعليم فإن مسودة القانون دعت وزارة التربية والتعليم الى إنشاء مدارس وفصول خاصة بتعليم المعوقين مجانا، بما يتلاءم وقدراتهم، وتحدد الأنظمة وشروط القيود والمناهج الدراسية ويسلم الطفل المعوق شهادة دراسية بعد انتهاء دراسته.