زاد الاردن الاخباري -
قال محللون سياسيون أن المتغيرات الجديدة على الأرض فرضت على الأردن ضرورة أخذ الحيطة على حدوده الشمالية لارتفاع التوتر جنوب سوريا، دون أي تغير على موقفه الثابت بضرورة الحل السياسي في سوريا.
وقالوا أن أولويات المملكة الآن ومنذ اندلاع الأزمة: المحافظة على أمنها واستقرارها بسبب الواقع الجغرافي، وانها تنسق دوليا مع مختلف الأطراف لتحقيق هدفها (حماية حدودها) من فلول المنظمات والمليشيات الارهابية.
وكان وزير الخارجية وشؤون المغتربين ايمن الصفدي بحث ونظيريه الروسي سيرجي لافروف والاميركي ريكس تيلرسون عقب لقائهما في الولايات المتحدة الجمعة أهمية وقف إطلاق النار بالجنوب، وأوضح لهما أن بلاده لا تريد منظمات ارهابية أو ميليشيات مذهبية على حدودها.
واتفق المحللون بأن الأردن لن يحلق خارج السرب وإنما ملتزم بالتنسيق الدولي، وإذا اضطر سيقوم بضربات استباقية سريعة كما حدث سابقا ضد المنظمات الارهابية، وليس الدخول بحرب برية كما يروج.
موقف واضح
الصفدي أبلغ إلى «الرأي» أن التنسيق الأردني الأميركي الروسي «إيجابي»، وأن التعاون مع موسكو وواشنطن في هذا الملف بناه ورعاه جلالة الملك «لحماية مصالحنا».
وركز الصفدي على أن الأردن ينظر إلى منطقة «الجنوب السوري» من منظور «الأمن الوطني (...) ولا شيء غير ذلك». وشدد على «أننا سنفعل كل ما هو متاح لحماية حدودنا».
وقال المحلل السياسي الدكتور عامر السبايلة أن الأردن كان واضحا منذ البداية بأنه يريد حلا سياسيا على الاراضي السورية، ولكنه مستعد لمرحلة ما بعد الرقة والموصل وخطر قدوم الجماعات الارهابية المسلحة باتجاه الأردن.
فيما لفت المحلل السياسي الدكتور حسن البراري إلى أن الأردن بعث برسالة واضحة لروسيا، التي تمتلك القرار في دمشق، بأنه معني بحل سياسي ينهي الأزمة وأنه لن يقبل بوجود منظمات ارهابية ومليشيات شيعية على حدوده الشمالية..
ورأى في ذلك «رسالة مشفرة» تعني أن الأردن سيلجأ إلى ما يراه مناسبا للدفاع عن أمنه الوطني، وهي رسالة «التقطها لافروف الذي يعرف جيدا أن الاردن لن يكون وحيدا في هذا الجهد وأن أي عبث سوري في الجبهة الجنوبية لن يخدم موسكو في هذا التوقيت».
الخبير العسكري والاستراتيجي اللواء الركن المتقاعد محمود ارديسات رأى أن من مصلحة الاردن أن تبقى منطقة حدوده مع سوريا «على حالها» رغم هشاشة الوضع الأمني، ولكنها «تحت السيطرة وفقا لمعادلات التوازن الدولية».
واتفق البراري مع ارديسات بأن لا نية للاردن بالتدخل العسكري في سوريا، إلا أنه «متأهب للتعامل مع أي من مهددات للأمن الوطني الأردني (...) الذي قد يستلزم ضربات استباقية أو الدفاع في العمق».
مناطق منخفضة التوتر
وقال ارديسات ان المقترح الروسي بايجاد مناطق «منخفضة التصعيد أو التوتر او التسليح»، ومنها المنطقة الجنوبية لسوريا، تتماشى وسياسة المملكة التي طالما طالبت بحل سياسي وبوحدة الأراضي السورية، لحين تتطور إلى مناطق آمنة وتشمل الأراضي السورية كافة.
ويوضح السبايلة أن عمّان تسعى لانجاح ما يجري من محاولات دولية مثل مناطق منخفضة التسليح، وبما أنها محاذية لحدود المملكة، فحتما سيكون لها دور رقابي ومتابعة، لكن هذا «لا يعني بالضرورة وجودا عسكريا على الأرض».
غير أن البراري، ينبه إلى أن الاردن «لا يمكن له أن يطرح الخيار العسكري جانبا» لأن الطرف المقابل «لا يحترم الحدود وله أجندات عابرة للحدود»، وبالتالي فالأردن يراقب التطور العملياتي عن كثب «وسيضرب إن رأى أن في ذلك مصلحة أمنية له».
الاتصالات الدولية
وقال البراري ان لافروف الذي يدير ملف علاقات بلاده بواشنطن على وقع ضرب مطار الشعيرات السوري، يدرك تماما أن الجبهة الجنوبية «مختلفة عن الشمال» لأسباب تتعلق بـ»احتمال وصول منظمات ارهابية ومليشيات شيعية (...) ما يعني أن اللاعبين سيتغيرون مع وجود مناورة «الأسد المتأهب» والاستعداد البريطاني والاميركي للدفاع عن الأردن ضد أي تهديدات من قبل مليشيات ايرانية أو راديكالية».
ويلفت ارديسات إلى أن الاردن ينسق مع مختلف الأطراف الدولية، وأنه «لا داعي لاتفاق جديد لأنه جزء من الائتلاف الدولي»، ويعتقد أن زيادة الحشود، في حال وجودها، انما جاء «تحسبا لما يحدث في الداخل السوري».
ويرى ارديسات أن عمّان تريد بعث رسالة لطهران بأنه «ليس من مصلحتها تحريك ميليشيات طائفية باتجاه الحدود الأردنية وسنقوم بما يلزم بحماية حدودنا وأمننا الوطني».
ويتفق السبايلة مع البراري وارديسات بأن الاردن ضمن التحالف الدولي «ولن يحلق خارج السرب» وكل ما يريده «أمنه واستقراره بعيدا عن النزاعات في المنطقة».
لا أطماع
يشدد البراري على أن ليس بنية الأردن احتلال أي جزء من سوريا، مع أن «عملية محدودة» يجب ألا تستبعد.. ويؤكد أن النظام السوري يعرف بأن دخول الأردن على خط الأزمة سيكون بمثابة «مغيّر اللعبة»، وهو أمر سيطرح على نظام بشار الأسد وميليشياته أسئلة صعبة لا يستطيعون الاجابة عليها.
ويؤكد ارديسات بأن الأردن «غير معني بالانغماس بالوحل السوري وليس لديه أطماع داخل الاراضي السورية» غير أن هذا «لا يمنع التحوط والحذر امام فلول المنظمات الارهابية والميليشيات المذهبية بعد عمليات الرقة والموصل».
كما يذكّر ارديسات بأن الاردن أكد منذ البداية بأهمية وحدة الأراضي السورية، ولن يتدخل عسكريا، ويتوقع أن يكون هناك تنسيق دولي بأن «يكون له دور انساني مثل إعادة اللاجئين وادخال المساعدات الانسانية».
ويعتقد البراري أن لافروف وتيلرسون لم يتفقا بعد على أي خطوة عملية ذات معنى في سوريا سوى دعم مناطق تخفيف التوتر، فروسيا بدأت تشعر بورطتها بعد ضربة الشعيرات «التي قلبت الطاولة» بحيث أصبحت كل الخيارات مطروحة. ولم يتفق الجانبان على أي شيء بالنسبة للأردن سوى التزامهما بالحل السلمي وهو ما تؤيده عمّان.
بالمحصلة، لا يرغب صانع القرار الأردني ولا يتمنى أن يتدخل عسكريا في جنوب سوريا، غير أن ذلك لا يعتمد فقط على رغبته بقدر ما يرتبط بالتطورات على الأرض، وبأمنه الوطني أولا.
الراي