بعد كل ما نرى ونسمع من فضايح في مجريات الانتخابات البرلمانية , لابد من القول بان الحكومات و مجالس النواب المتعاقبة و بعض أصحاب المال والنفوذ جعلوا من الانتخابات في بلدنا لعبة سمجة ممجوجة, إلى أن أفرغت من هدفها وروحها الحقيقيين و شوهت لتكون أنموذجا في الفساد والإفساد يمارس كل أربعة سنوات أو على اقل تقدير كلما كانت هناك انتخابات ,حتى وصلنا إلى قناعة مطلقة بان الانتخابات وما تفرزه من برلمان ما هي إلا وليدا غير شرعيا لأردننا النقي الطاهر. لقد فضحت مجريات العملية الانتخابية عيوبا ورذائل سابقة كانت من صنع حكومات سابقة وما كان إجراء الحكومة الحالية في فضح المستور نابعا من نية خالصة للإصلاح والدليل على ذلك إقرارها قانونا أكثر تشويها من السابق , وعدم سيرها بالخطوات الفاعلة لمعالجة التشوهات السابقة وكأننا في زمن تستخدم فيه الحكومة موضوع الانتخابات لتلعن سابقتها وتزين وجهها بشعارات غير جادة في تنفيذها . كان وما زال للمال عندنا وفي كل بلدان العالم دورا مهما في صياغة نتائج الانتخابات , برلمانية كانت أو رئاسية, فللمال الدور البارز في الدعاية الانتخابية وفي صياغة الكثير من برامج المرشحين , وهذا أمر لا جدال فيه. إن الخلاف هو ما نراه من تغول للمال القذر في بلدنا وطغيانه على كل ما سواه , فقد ساهم مع عوامل أخرى لا تقل قذارة عنة في إفراز مجلس النواب السابق سيء الصيت , وهو ما ستبنى علية الكثير من مخرجات العملية الانتخابية الحالية. لقد استفحل أمرة واستفحل أصحابة في شراء الذمم وفي تلويث حياة الأردني وكل ذلك على مرأى ومسمع الحكومة دون أن تحرك ساكنا منتظرة تحقيق الشروط القانونية للامساك بالفاسدين متلبسين , وهذا ما لن يتحقق فلا الراشي ولا المرتشي يعلن عن نفسه, لكنها عندما تريد الإيقاع بأصحاب الرأي والمواقف النبيلة تظهر إمكاناتها وتتفتق قرائحها . يقتصر دور الحكومة في الانتخابات الحالية على رفع نسبة الاقتراع بعد أن ضمنت وبنصوص قانونية نتيجة الانتخابات لصالحها ولصالح الخط المائل الذي استشرى في بلدنا. إننا لا نبالغ إذا قلنا بان ما يجري في بلدنا منذ عدة سنوات ما هو إلا عملا ممنهجا محكما لتلويث الحياة النيابية وحرفها عن مسارها الصحيح , وتخريبا متعمدا لنقاء الأردني يرافقه تخريبا ممنهجا لبنى ا لدولة , ودليل ذلك هو أن البعض من الناس ونتيجة لضائقته وما يمارس علية من سياسات و إعلام مشوهين , بدأ استمراء الخطأ وناقص الأفعال , فلسان حال الكثيرين يقول لا يستطيع أصحاب المبادئ الوصول للبرلمان وان وصل بعضهم لن يسمح لهم بالتغيير فلماذا لا نأخذها من قصيرها وننتخب أصحاب المال ونستفيد منهم ولو دراهم معدودة , ووصل الأمر بأصحاب المال الشراء علنا لأصوات الضعفاء والمعوزين والملوثين. نتساءل ببراءة هل يأمل عاقل بان يسعى إلى النظافة من فاز بمقعد في مجلس النواب بطريقة قذرة, الأعمى يعلم بان الفاسد لن يجلب إلا مزيدا من الفساد, و نتساءل أيضا هل تستطيع الحكومة إرشاد المرشحين والناخبين إلى الطريق النظيف للفوز بمقعد في البرلمان , إن الجواب هو نعم إذا كانت الحكومة نظيفة وتريد ذلك لكننا ومع كل أسف نرى الحكومة غير جادة في ذلك أو أنها عاجزة عن ذلك .
إن تهاون الحكومة في ضبط مجريات العملية الانتخابية بعد تهيئتها لأسباب فساد كامل العملية من بنود قانونية فتح المجال للتدخلات الخارجية كما تشير بعض الدلائل لتكتمل صورة تخريب برلماننا داخليا على أيدي حكومتنا وخارجيا على أيدي أصدقائها .
هل الإصرار على أن تكون طريق البرلمان غير نظيفة هو لإيصال غير النظيفين مما يسهل تقبل ما ينتظر أعضائه من دور أكثر قذارة. لقد تأكد من الانتخابات السابقة بان مجرياتها كانت غاية في القذارة وتبع ذلك مجلسا كان كارها للنظافة وحتى من وصل من أعضائه بأقل قدر من القذارة سعت الحكومة لتلطيخه بقذارة حراك السوق وما ينطوي علية من تغطية دنيء الأفعال بمفردات الفهلوة والشطارة والحربكة التي سعى خدم السوق زرعها كثقافة بديلة عن قيمنا الأصيلة لتسهيل وقوعنا في مستنقع الصهيونية.
بعد كل ذلك نتساءل أين المصلحين أصحاب المبادئ والسياسيين والمثقفين الانقياء وهم في كل أنحاء بلدنا, في كل مدننا وقرانا و حاراتنا وفي كل عشائرنا و أفخاذها , أين هم وأين دورهم أم أن الكل أصيب بالرمد ولا يرى ما يجري من تخريب للدولة وللفكر وللثقافة وللقيم الأصيلة .منذ متى نقبل الخطأ والعهر إلى أن أصبح أمرا مستساغا .
د. عبدالله الرواشدة
drabdullah63@gmail.com
0795507156