اثار موضوع "انهم يعبدون الشيطان.!" الذي طرحناه يوم الاثنين 11/1/2010م, جدلا وحوارا بين المتابعين كنا نهدف اليه منذ البداية في محاولة لمعرفة الدوافع التي تقف وراء اقدام بعض الشباب الاردني على الوصول في درجة تطرفهم وانعتاقهم من واقعهم الديني وموروثهم التاريخي والحضاري وحتى انسانيتهم ذاتها, الى التوجه نحو عبادة ابليس نفسه وتقديسه بدلا من لعنه واتقاء شره دائما وابدا.!
من بين اهم ما وصلنا عبر البريد الالكتروني في هذا الشأن "التحليل السيكولوجي الذي قدمته الكاتبة والباحثة السيكولوجية الفاضلة وفاء عبدالكريم الزاغة, الذي رأينا ان من المناسب عرض مشاركتها الموضوعية التي تقول فيها: "ظاهرة المفاهيم الخطأ قد تؤدي الى عبادات عنيفة تجرد الانسان من انسانيته في عصر العقل, وهذا ما يعتبر من وجوه المعرفة المظلمة التي اتخذت اقنعة جديدة في عصر العلم, محاولة منه التسلل الى العقول لملء الفراغ في ادمغة هجرت طريق البحث العلمي او هاجرت عن الديانات السماوية الى مخلوقات نعوذ بالله منها او فقدت الصبر للاستقصاء او قللت من عملية الاستكشاف لان هناك الكثير من المعلومات الجاهزة.
هذا التفكير كخيوط العنكبوت يقبع في النفس البشرية ويغزل لنفسه القاعدة حتى يقتنص الفكرة الاتية من الخارج او الداخل.. الى داخل بيته مكونا المركز والخيوط القوية التي نشأت من الضعف والوهن البحثي وسلمت العقل لمن يمتلك السلطة العقلية والعلمية.
هذا التسليم لا يعني التنازل انما استثمار جديد للعقل والنفس وربما للجسد طواعية منه بالوان حضارية او عصرية او تحت مظلة الدين وهو ليس بدين بل يدل على وحشية الانسان او بعض الاساليب التكنولوجية التي ترتفع درجة توظيفها عند وجود الازمات الانسانية والاقتصادية والمجتمعية او صراعات الحروب.
هذه الحاضنات تستقطب النفوس الحالمة الهوائية او النفوس الخائفة المرعوبة او المؤمنين بالحظ او الذات غير المنطقية في تفسير الحدث, او الذات اليائسة من الحلول الموجودة على ساحتها او الذات التي تبحث عن المنقذ للانسان, فتلجأ لانواع من العبادة لكائنات مرئية او غير مرئية, او تحاول خلق اساطير مصاصي الدماء وحالات الاستذأب في افلام وقصص الدراكولا, لتبرر طقوس ما عرف بعبادات الشيطان والتآخي القائم على شرب الدم, سواء دماء الحيوانات او البشر لأنهم يعتقدون ان الدم يجعل الاخرين اخوة.
يقول العلم ان الدم يغير خلاياه عادة كل ثلاثة اشهر ليتجدد المخزون في جسد الانسان, وهذه الطقوس خرجت من تبني مفاهيم علمية خطأ او من ظاهرة الدراكولا واجوائه, لأن هذه الاسطورة من صنع احد الاشخاص الذين عاشوا في القرون الوسطى وكان يشرب دم ضحاياه, واللون الاسود اعتقاد في النفس البشرية انه يساعد على جلب الارواح الشريرة, وعلميا اللون الاسود ليس لونا اولا كالابيض, اما شكل الشيطان الذي يعبدونه (آدمي له قرون العجل او وجه العجل بقرنين).
جاءت هذه الاسطورة من القرون الوسطى وادخلت الى اوروبا حينما كانت في عصر الظلام والجهل قبل عصر النهضة, وتستخدم المخدرات ليدخل الانسان في حالة يعتقد عن طريق العبادة ان دينه الجديد منحه هذه المشاعر التي تجعله يحلق ( وهذا من فعل المخدرات), وربما يساهم عالم المجهول والغموض في تكوين المنحى نحو مفاهيم تتعارض مع الدين والعلم, فالانسان يسعى للمعرفة التي تزيل ستائر الغموض بدافعية الفضول.
يترتب على ما ذكرت البحث عن واقع جديد لمواجهة ظلام التصورات الخاطئة والافكار الخرافية في بنيتنا المعرفية وفي اذهاننا, لتعديل واقع وتغيير مفاهيم واعتقادات اجادت دور التنويم والترهيب, وربما تكونت بدور الترغيب او بدور التدين او العبادات نحو كائنات غير مرئية, فلنصعد معا في سفينة البحث العلمي والتفكير الفعال المشرق, ولنبحث في الديانات السماوية التي انقذت العقل بايجابياته .. فلعل الاجيال تتذكرنا في مستقبل ما يسمى العقل".
اما الاستاذ زكي طوالبة فيرى ما يلي:
"لعل الامر نتيجة ممارسات تربوية انتهجناها منذ بداية التسعينيات يعني منذ عشرين عاما, هذه السياسات التي كرست مفاهيم التغريب والغرب بطريقة سلسة ابتعدت عن مفاهيم الاسلام والاسلمة من خلال التركيز على ما جاءت به النظريات الغربية في المجال التربوي التحرري من جميع القيود التي تنظم حياة الانسان على حساب القيم والموروثات والتعاليم الاسلامية السمحة التي توجه الانسان نحو الخير".
هذا بعض من النفثات المؤلمة في شؤون عبادة الشيطان وشجونه التي تستدعي التوقف مطولا عند ما يجري في مجتمعنا من غرائب وعجائب باتت تفوق كل خيال.!0
Hashem.khreisat@gmail.com