زاد الاردن الاخباري -
كتبت ميساء نعامة - عرف عن الرجل بأنه إشكالي حتى العظم ، وقد رافقته الضجة الإعلامية في معظم أعماله الدرامية فكانت هذه الأعمال بمثابة خبطات هزت صفحات الصحف المحلية السورية والعربية ، فقد أحدث مسلسل نزار قباني هجوما غير مسبوق من الصحافة لدرجة المطالبة بوقف المسلسل من قبل ورثة الشاعر الكبير نزار قباني رغم السخاء الإنتاجي الضخم الذي رصد لنجاح المسلسل ، كذلك مسلسل رياح الخماسين الذي منع رقابيا ثم أعيد عرضه بعد جذب وشد من قبل الرقابة والشركة المنتجة ، كذلك الأمر حدث مع مسلسل غزلان في غابة الذئاب .
ويبدو أن النجاح الذي حققته شركتي لين والشرق للإنتاج الدرامي ، كانت رافعته تخطي المحظور واقتحام أماكن العتمة .
وأن ينتج اليوم الدكتور نبيل طعمه فيلما سينمائيا عن عائلة يهودية كانت تقيم في سورية، فهذه تعتبر قفزة سينمائية تحرك المياه الراكدة في عالم السينما العربية ، طبعا العمل لم يخرج الى النور بعد ، وهو قيد التشطيبات الأخيرة .
الفيلم جديد من نوعه لجهة القصة التي تدور أحداثها عن عائلة يهودية تقيم في شارع الأمين ، شارع اليهود ، يبدأ الفيلم مع مشهد المغادرة من مطار دمشق الدولي حيث يظهر خالد تاجا على كرسي مقعد ، وبدا عليه الانزعاج لأنه يغادر دمشق وقد حمل معه وعاء زجاجي وضع فيه تراب من أرض الشام ، في لحظة المغادرة يبلّغ الأب ابنته ، مرح جبر ، أن حبيبها لم يمت فيقول لها : نبيل ما مات ، فتأخذ الجملة على محمل المزاح ، لكنه يعود ويردد الجملة ذاتها ، نبيل ما مات ، هنا تبدأ دوامة بطلة الفيلم هالة " مرح جبر " بالبحث عن نبيل حنا بشارة ، الحبيب الذي فقدت أخباره منذ أكثر من عشرين عاما ، عن سابق قصد وتصميم من قبل والدها ألبير " خالد تاجا " ، وتهم هالة بإلغاء سفرها المقرر مع والدها الى ايطاليا ، لتعود الى بيتها في شارع الأمين وتصب جام غضبها على قطع من الزريعة زينت بحرة في أرض الديار ، وتترك والدها يسافر الى ايطاليا وحيدا ، أما المفاجأة غير المتوقعة هي التجهيزات التي كانت تعد من قبل عائلة ألبير لاستقباله ذهبت سدى لأن ألبير وصل على كرسيه ميتا ، وقد رافق التحضيرات للطعام ، خلطة من اللغات الايطالية والعبرية وكانت تطعم بكلمات سورية شامية اللهجة من قبل أخت ألبير "ليلى جبر " ، المهم أن الأسرة أصرت على أخذ صورة تذكارية مع ألبير رغم وفاته ، فيما قرر أخاه " جهاد سعد " العودة به الى الشام ودفنه .
في هذه الأثناء تبدأ هالة عملية البحث عن كل من كان له صلة بحبيبها الذي لم تعد تتذكر من ملامحه الا القليل .
طبعا الفيلم يسرد أحداثا مشوقا للغاية والتفاصيل سنتركها للمشاهد بعد انتهاء التشطيبات والعرض الأول الذي من المقرر أن يكون نخبوي ، لكن الملفت فعلا هو التفاصيل التي تدلل على رموز ذات غايات كبيرة فعندما يعود جهاد سعد من ايطاليا الى حارته بعد طول غياب ، يقصد بائع الحارة ويعيد له بضعة نقود فيسأل البائع وهو فلسطيني اللهجة ، ما هذا ؟
_ انه بدل علكة أخذتها عندما كنت صغير ولم أدفع ثمنها .
_ بسيطة أوطان عم تسرق !
بالاضافة الى عرض جمالية المشهد السياحي السوري ، بعين المخرج المتميز محمد عبد العزيز .
الاشكالية التي يقدمها الفيلم هي وجود اليهود في سوريا والمعاملة الراقية التي عوملوا بها ، وما قابلها من نزعة التعصب عندهم ، فقد منع الأب ابنته من التواصل مع من تحب لأنه سوري مسيحي ، ولأنه يريدها أن تهاجر إلى ايطاليا وتحمل الجنسية الإسرائيلية .
هي مشاهدات أولى للفيلم لكن أعتقد أنه سيشكل علامة فارقة في السينما السورية فلننتظر العرض ولنحكم .