ميثاق الشرف خطوة متقدمة والحوار شرط لا بد منه للتوافق على النظام الخاص
على وجه السرعة تلقفت الحكومة قرار محكمة التمييز القاضي باخضاع الصحافة الالكترونية لقانون المطبوعات والنشر وشرعت في صياغة نظام خاص تخضع بموجبه المواقع الاخبارية الى قانون المطبوعات والنشر.
ناشرو المواقع الالكترونية اعتبروا الخطوة الحكومية استهدافا لمواقعهم ومحاولة للحد من سقف الحرية التي تتيحه هذه المواقع عبر ما تنشره من اخبار وتعليقات القراء ولوحت باجراءات تصعيدية عديدة.
وبعد الاجتماع الذي تداعى اليه ناشرو 19 موقعا الكترونيا رئيسيا صدر بيان شديد اللهجة هدد الموقعون عليه بالاحتجاب لفترات واصدار قائمة سوداء بالمسؤولين المصنفين كأعداء للصحافة الالكترونية.
التوتر بين المواقع الالكترونية والحكومة بدأ مبكرا وربما كان قائما في زمن حكومة الذهبي. ومنذ فترة ليس بالقليلة يتداول المسؤولون عدة اقتراحات لضبط ما يسمونه بالانفلات وعدم المهنية في ساحة الاعلام الالكتروني. ودفع البعض بضرورة وضع قانون خاص ينظم عمل »المواقع« غير ان الجهات الرسمية كانت تخشى من ان يؤثر على سمعة الاردن في مجال الحريات الصحافية فصرفت النظر عنه لكنها في المقابل وجدت في قرار محكمة التمييز نافذة قانونية تسمح لها بالدخول الى الفضاء الالكتروني وشمول المواقع بنصوص قانون المطبوعات والنشر اسوة بالصحف اليومية والاسبوعية.
حكومة الرفاعي اخذت على عاتقها المهمة وقبلت المواجهة مع المواقع الالكترونية التي شعرت في وقت مبكر بأنها مستهدفة من الحكومة خاصة بعد اصدار مدونة السلوك الاعلامي التي قضت على امتيازات المواقع في الاعلان الحكومي.
لا يختلف اثنان على الحاجة الى تشريعات تنظيم العمل الاعلامي وما من احد يرفض سلطة القانون الا اذا كان يبيت النية للتجاوز عليه لكن في الوقت نفسه لا يمكن القبول باتخاذ القانون وسيلة لتقييد الحريات خلافا لأحكام الدستور.
المواقع الالكترونية ومن خلال بيان ال¯ 19 لا ترفض من حيث المبدأ شمولها بمظلة القانون وان كانت جرائم الاعلام الالكتروني مشمولة اصلا في قانون العقوبات ولهذه الغاية بادرت الى اعلان التزامها باصدار »ميثاق شرف تلتزم به المواقع الالكترونية كافة المنضوية في الائتلاف وذلك لقطع الطريق على الساعين لتطويق الصحافة الالكترونية وتقييد حريتها بدعوى الفوضى وغياب التنظيم الذاتي« كما جاء في نص البيان. وهذه خطوة متقدمة تستحق الدعم من الجميع, وهي ضرورية ايضا لأن بعض المواقع الالكترونية تحولت الى منابر لاغتيال الشخصية واهانة الافراد ولم تقدم اي مساهمة مهنية في رفع مستوى الحرية الصحافية.
لكن لا يجوز اخذ الطالح مع الصالح ففي المقابل هناك عدد لا بأس به من المواقع التي تحظى بمصداقية ومهنية وتراعي الاعتبارات المهنية والاخلاقية في التعليقات المنشورة والتزامها بهذه المعايير هو الذي جعلها في مقدمة وسائل الاعلام الاكثر قراءة ومتابعة.
ولا يعقل ان تقوم الحكومة باعداد نظام ملحق بقانون المطبوعات والنشر ينظم الاعلام الالكتروني من دون ان تأخذ باقتراحات وآراء اصحاب المواقع الالكترونية. ومطالبة اعضاء »الائتلاف الالكتروني« باشراكهم في المداولات الخاصة بالنظام هو امر مشروع ومن دون الاخذ به فإن الشكوك حول نوايا الحكومة تجاه الاعلام ستأخذ منحى سلبيا.
ينبغي على الحكومة ان تراجع اسلوبها في ادارة العلاقة مع المواقع قبل ان تتحول الى ازمة تصبح معها الانطباعات السائدة عن توجه الحكومة للتضييق على الحريات الصحافية حقيقة يصعب دحضها, خاصة وان التغييرات الاخيرة في سلك الاعلام الرسمي توحي بميل رسمي متنام نحو الاتجاه المحافظ.0
fahed.khitan@alarabalyawm.net