زاد الاردن الاخباري -
هل يقف الحظ على عتبات أبوابنا ينتظر مناسبة للدخول؟ أم أن علينا أن نفتح الباب بأنفسنا لنمسك به بأيدينا ونحكم قبضتنا عليه؟ هل يكون خطاً سعيداً أم عاثراً؟ تلك هي المسألة.. فكيف ينظر إليه الناس؟
- اجتهاد:
يعتبر عبدالكريم حيدر، أن "فرصة العمر لا تأخذ شكل الفرصة الحقيقية، إلا إذا امتلك الواحد فينا موهبة اقتناصها. ومن هنا علينا أن نحدد معايير الإقتناص حتى نتعلم كيفية الإفادة من الفرص التي تمر أمامنا".
الحظ في حياة عبدالكريم لم يأته بشكل مفاجئ "عرفت منذ البداية مفاتيح النجاح في عصر يضع الكمبيوتر في قائمة أولوياته، فدرسته وتخصصت فيه، لأحصل بعد ذلك على فرصة عمل ممتازة، تتناسب مع متطلبات الزمن الحالي". ويضيف: "الحظ هو عبارة عن تخطيط ناجح لمستقبل لن يهبنا ما نريد إلا إذا عرفنا كيف نهيئ له جيِّداً، وما عبارة "حظي قليل" إلا شكل من أشكال التأفف والتذمر من عجز المرء عن قيادة حياته بالطريقة المناسبة".
أما في ما يتعلق بالحظ في الزواج، فيقول: "من الأخطاء الشائعة التي يرتكبها البشر، ندب حظهم في الزواج، بعد أن يكونوا بمعظمهم قد اختاروا شريك العمر بإرادتهم الخالصة"، معتبراً أن "الزواج الفاشل ليس حظاً عاثراً كما يتوهم البعض".
السعادة في الزواج والعمل والعلاقات الإنسانية، هي المعايير التي يستند إليها كريس لوغ (أميركي الجنسية) في سياق حديثه عن الحظ، معتبراً أنّ "الزواج الناجح يأتي في المرتبة الأولى في سلم الحظ". مع ذلك، لا يلقي كريس المسألة برمتها على كلمة فرصة، ففي رأيه، "هناك معطيات أهم من اغتنام فرصة أو تفويتها في ما يتعلق بالزواج، كحسن الإختيار ودراسة القرار قبل الإقدام عليه، وذلك بخلاف الوظيفة التي قد تجعلنا نجد أنفسنا في مرتبة لم نحلم يوماً بالوصول إليها".
وعما إذا كان يعتبر نفسه محظوظاً يقول: "أنا رجل سعيد مع زوجتي، وناجح في عملي، ومحبوب من قِبَل أصدقائي. فهل هناك أحد محظوظ أكثر مني في هذا العالم؟".
يصر كريس على الفصل بين بعض النقاط المتعلقة بمعيار الحظ عنده، فبالنسبة إليه "زوجتي هي صديقتي التي تفهمني قبل أن أنطق بكلمة واحدة، وهذا كافٍ لجعلي من أسعد الأزواج حظاً، إنها شريكة العمر والروح، وحين أطلع على علاقات الآخرين الزوجية أشعر بقيمة المرأة التي تشاركني حياتي".
أمّا في ما يتعلق بطبيعة عمله كإستشاري في المجال العقاري، فيعتقد كريس أنّه رجل ناجح، ويقول في هذا السياق: "قدرتي على إثبات وجهة نظري وإقناع الآخرين بها هي موهبة من عند الله، تعكس حجم حظي ومهاراتي في المجال الذي أعمل فيه".
- القناعة:
يأخذ الحظ بُعداً مختلفاً عند غرام أحمد، يتجلّى ذلك في القناعة، التي تصفها بأنّها "روح الحظ ومعناه الحقيقي"، لافتة الإنتباه إلى أنّ "المحظوظ فينا هو الشخص الذي يشعر بأنّه راضٍ عن حياته، والمقتنع بما يملكه مهما كان متواضعاً، ويكفي أنّ نعرف أنّ السعادة الحقيقية تكمن في الرضا عن الذات، لنعرف قيمة القناعة في حياتنا".
وإذ تعدد غرام المعطيات التي تجعل منها امرأة محظوظة، تقول: "أولاً أنا من بيت كريم ولم يبخل أهلي عليَّ منذ طفولتي، لذا تعلمت ودرست في الجامعة التي أريدها. ولم يقصّر أهلي في واجباتهم تجاهي بشيء، ما جعلني أشعر بالإكتفاء، وهذا كاف للقول إني امرأة محظوظة منذ نعومة أظفاري". وتستحضر غرام فرصة العمر التي التقطتها ذات يوم، كاشفة أنّها كانت في مرحلة الخطبة مع أحد الشبان عندما تقدم لطلبها شاب آخر، "منحني إحساساً غريباً من اللحظة الأولى، ترجمته على أنّه إشارة من الله، ففسخت خطبتي وقررت المضي في الإرتباط مع الفارس الجديد، الذي كان بحق فاتحة السعادة في حياتي حتى هذه اللحظة".
تؤكد غرام أن "اغتنام الفرص يلزمه قلب شجاع وقوة في التصميم والإرادة"، مشيرة إلى أنّها لو لم تمتلك تلك القدرة ذات يوم "لَمَ كنت اليوم زوجة لرجل منحني السعادة منذ اليوم الأوّل لإرتباطنا".
بدوره، وفي إطار الكلام عن القناعة، يعتبر علاء البشتلي أنّ "القناعة هي الركيزة الأساسية في موضوع الحظ"، لافتاً الإنتباه إلى أنّ "الإصرار على المقارنة بالآخرين هي عدو الحظ، فحين نقارن وضعنا المادي والإجتماعي والعائلي بغيرنا، نصل إلى طريق مسدود". ويضيف: "تلك المقارنات التي نجريها تسلبنا الإحساس بالطمأنينة، فننظر إلى حالنا باكين شاكين، أننا كنا نستحق أفضل من هذا المصير، ولم نحقق ذلك بسبب الحظ العاثر". ويرى علاء أنّه في هذه الحال "لن نرى الحظ بصورته الحقيقية، لأننا لم نقدر ما أعطانا الله من نعم. في حين سيرى مَن يعيش بقناعة أنّ الحياة من حوله جميلة وسيكتشف أنّ الحظ في حياته في أعلى مستوياته، وذلك لمجرد أنّه راضٍ عن نفسه ومقتنع بما عنده".
- حكمة وتروٍّ:
لا تؤمن عائشة النجار بأنّ الحظ "يأتي على طبق من فضة"، ففي رأيها، "نحن مَن نخلق حظوظنا ونصنعها، والحظ ليس هبة بل مهارة وتصميم وخطة محكمة من كل الجهات". بالنسبة إلى عائشة، فإن "تمضية الوقت في إنتظار فرصة العمر في حياتنا، تقتل فينا الرغبة في البحث والتقصي والجهد من أجل الوصول إلى ما نريده، لا بل إنّها حالة من التخاذل والتراخي والكسل، فالسماء لا تمطر ذهباً، والحظ لا يأتي سائراً على قدمين".
تجد عائشة في التمهل "بوصلة الحظ، التي لا يمكن لها ان تخطئ في حقنا"، معتبرة أن "مَن يتمهل لا يقع ضحية خيارات خاطئة، ولا يجد نفسه عالقاً في سوء طالع من الصعب النجاة منه". وتضيف: "لذلك أنا أجتهد لأكون إنسانة متأنية، خصوصاً في ما يتعلق بخياراتي، كما أني حذرة جدّاً في إتّخاذ قراراتي المصيرية".
- حظ باسم:
للحظ في حياة مارلين (هندية) حكاية غريبة، حيث يوحي كلامها بأنّه لا يفارقها، ذلك أنّها لا تشترك في جائزة أو مسابقة إلا وتكسبها، "ولا أسحب ورقة يانصيب إلا وتكون الجائزة من نصيبي". هذه العلاقة الخاصة بين مارلين والحظ، تمنحها إحساساً بالثقة على حد قولها، "جميل أن يشعر الإنسان بأنّه محظوظ في ما يتعلّق بالزواج والمال والأبناء، فتلك نعم من الله لا تقدر بثمن، خاصة حين نرى مصائب الآخرين". تنظر مارلين إلى الحظ كـ"فول باكيج"، أي حزمة واحدة، بمعنى أنّها تعتبر أنّه "لا يمكن للمرأة الناجحة في عملها أن تكون محظوظة إن كان زواجها تعيساً، والعكس تماماً". فالحظ في رأيها "يجب أن يكون في البيت والوظيفة والأبناء، إنّه كلٌّ لا يتجزأ ولا ينفصل، إما أن نكون في الجانب الأبيض أو الأسود".
- سنة الحظ:
لم يكد العام يفتح أبوابه، حتى بدأت تباشير الحظ الجيِّد تلوح في حياة محمد إبراهيم صباح، الذي بدأ يحصد ثمار تعبه وجهده منذ الشهر الأوّل لهذا العام "الحظ في حياتنا كموسم الحصاد، حيث نحصل دفعة واحدة على كل ما كنا نصبو إليه". على الرغم مما تقدم، فإنّ الجهد وحده "لا يكفي لحصاد الحظ" بالنسبة إلى محمد "فلولا الصبر واحتراف الإنتظار، لما عرفنا أبجدية الحظ التي تبدأ بكلمة نجاح".
يرى محمد في النجاح المهني "معيار الحظ الحقيقي". وفي رأيه فإن هذا النجاح "والذي يجعلنا نصف أنفسنا بالمحظوظين، فمهما كان الرجل سعيداً في علاقة عاطفية، ما، لن يصل إلى درجة الرضا عن نفسه ما لم يكن ناجحاً في حياته المهنية".
أمّا في ما يتعلق بفرصة العمل، فهي "تأتي في حياتنا أكثر من مرّة"، في نظر محمّد، الذي يعتبر أنّ "السماء لا تبخل علينا بالفرص، لكن نحن مَن نبخل بقدراتنا حين تمر هذه الفرص أمامنا ولا نمسك بها". أمّا سر اقتناص فرصة العمر فيكمن، في رأيه، في كلمات ثلاث: "الجرأة، الذكاء والمغامرة".
- الحظ يستوجب الإجتهاد:
* د. محمود فاضل
- هل نصنع بأنفسنا؟ أم أنّه يأتينا على شكل قدر حيناً أو صُدفة عابرة حيناً آخر؟
لا ينكر الدكتور محمود فاضل (طبيب نفسي)، وجود الحظ، لكنّه يؤكد أنّه "ليس عملية سلبية خاضعة للترقُّب والإنتظار"، فالحظ حسب وصفه: "عملية إيجابية فاعلة، تستوجب العمل والمبادرة والإجتهاد ليكون صاحبها إنساناً محظوظاً".
ويشير الدكتور فاضل إلى أن "إيماناً بالحظ، هو تعويل على المستقبل وتوقُّع أشياء، إمّا أن تكون سلبية أو إيجابية، وإن كانت آلية توقع أنّ الأشياء الإيجابية تعطي مؤشرات مختلفة عن توقُّع الأشياء السلبية".
ويتحدث عن أهمية الوقوف عند كمية التعويل الذاتي على الحظ، كإشارة إلى نوعية الشخصية التي تمارس ذلك التعويل، لافتاً إلى أنّه ليس هناك من ضررٍ ينتج عن التعويل بالمعقول والمحدود على المستقبل، بشقّيه الإيجابي والسلبي من الناحية النفسية. مفسراً ذلك بالقول، أنّ "الإنسان لا يُدرك ما يخفيه القدر، لهذا نجد أنّ إنشغال البال بقدر مُعيَّن، ظاهرة صحية وطبيعية، قد تحمل نوعاً من التشاؤم والحذر حيناً، ونوعاً من التفاؤل والتوقُّع حيناً آخر".
في المقابل، يعكس التعويل الإيجابي المفرط والمبالغ فيه على المستقبل، حسب وجهة نظر الدكتور فاضل، "شخصية حسيَّة خيالية، تُركِّز على الأمور العاطفية، على حساب الأمور المنطقية والعقلانية".
- هل في إستغلال الفرصة والإستفادة منها، مؤشر على ذكاء صاحبها؟
يجيب: "إذا كان الذكاء هو أي سلوك يؤدي إلى حل مشكلات الإنسان، فاستغلال الفرصة بلا شك، يعكس ذكاء ما، بما أن في تلك الفرصة وسيلة إلى حل مشكلاتنا أو الوصول إلى أهدافنا". ويتحدث الدكتور فاضل عن "أمور أخرى غير الذكاء، تلعب في صناعة حظوظنا، فهناك كيفية الإقدام على الفرصة، وسرعة اتّخاذ القرار، وعدم التردد، والتوقف عن حساب كل كبيرة وصغيرة، بهدف الإطمئنان، ويقول: "لهذا، فالشخص غير المحظوظ بحسب رأي الطب النفسي، هو الذي فكر كثيراً، وأخذ وقتاً طويلاً قبل اتّخاذ قراره، ووقف يتفرج على الفرصة، وهي تضيع منه.