ماذا بعد التقاعد .. ؟

قال تعالى :\" أَفَمَن يَمْشِي مُكِبًا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّن يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صرِاَطٍ مُّسْتَقيمٍ\"
رجل إنجليزي اسمه جراهام ، مديراً لإحدى الجامعات البريطانية ، في عام 1978 م بلغ الستين من عمره ، ولذلك احيل إلى التقاعد ، وبهذه المناسبة نظمت الجامعة لمستر جراهام حفلاً وداعياً ، دُعي له العمداء وأساتذة الجامعة والشخصيات التربوية ، وفي يوم الحفل ، دُعي المستر جراهام لإلقاء كلمة ، كعادةِ مثل هذه الاحتفالات ،صعد المستر جراهام إلى خشبة المسرح الكبير ، ووقف أمام الميكروفون بكل ثقة الدنيا وقال : وضعت لنفسي 20هدفاً لابد أن أحققها خلال العشر سنوات القادمة - ما أن قال ذلك حتى كثر الهمس والابتسامات الساخرة من بعض الحضور - أكمل المستر جراهام حديثه بكل ثقة فقال : الهدف الأول : أريد بيتاً مساحته 10 آلاف متر مربع ، والهدف الثاني : أريد تذاكر سفر لمدة 10سنوات قادمة .. أريدها لبناتي الثلاث مع أزواجهن وأطفالهم.. الهدف الثالث.... ثم عدّ المستر جراهام 18 هدفا أخرى يسعى إلى تحقيقها .
وبعد عام واحد فقط ، عام 1979م تولت تاتشر رئاسة الوزراء في بريطانيا ، فشكّلت وزارة جديدة كعادة الساسة الذين يتولون هذا المنصب ، وذلك أملاً بتطوير البلاد وإصلاح الفساد ، وإرضاء العباد ، وكان من ضمن الناس الذين استدعتهم تاتشر بعد توليها لمنصبها هو المستر جراهام ، وذلك لتعيينه مستشاراً لسياسة الجامعات البريطانية ، آملةً أن يصلح التعليم ويطوره.
رفض المستر جراهام العرض المغري معتذراً بأهدافه العشرين التي لم يحققها .. هذا المنصب سيمنعه عن تحقيق أهدافه ، هذا العمل سيأخذ الكثير من وقتي ، ولابد أن أفكر بتحقيق أهدافي قبل أن أفكر بتحقيق أهداف الآخرين ، إنك يا سيدة تاتشر إن حققتِ لي هذه الأهداف فأنا لا أمانع من أن أتولى هذا المنصب ، قالت السيدة تاتشر : ما أهدافك ، هل أستطيع أن أسمعها منك ؟ فقال المستر جراهام : الهدف الأول : بيت مساحته عشرة آلاف متر مربع ، والهدف الثاني .. والهدف الثالث .... وهكذا حتى استعرض أهدافه العشرين كلها .قالت تاتشر : لا مانع عندي أن أحقق جميع أهدافك العشرين ، ولكن على شرط واحد ، أن ترجع ملكية البيت بعد موتك إلى الدولة البريطانية .وافق المستر جراهام على هذا ، وتولى منصبة الجديد ، مستشاراً لسياسة الجامعات البريطانية ، حقق أهدافه العشرين وأصبح يتملك بيتا في قلاسكو في اسكتلندا مساحته 12 ألف متر ، لقد طلب بيتاً بمساحة 10 آلاف متر ، ولكنه نال أكثر وهو شأن الحالمين أصحاب الرؤى الواضحة.

كان اختيار السيدة تاتشر كان موفقاً ، كانت وزارة التربية في بريطانيا تتحمل كل التكاليف الدراسية للطالب الجامعي ، وبعد تولى المستر جراهام لمنصبه ، أصبح الطالب يتحمل ثلاثة أرباع التكلفة وتتحمل الدولة عنه الربع الباقي ، لقد وفّر المستر جراهام مليارات الجنيهات للدولة . وبعد تحقيق اهدافة بعد 12 سنة وضع أهداف أخرى .
توقعك هو واقعك ، المطلوب منك فقط أن تحلم وترى شيئاً لنفسك ، كن كعمر بن عبد العزيز الذي يقول :\" إنَّ لي نفساً توّاقة ، تاقت إلى فاطمة بنت عبد الملك فتزوجها ، وتاقت إلى الإمارة فَوُلِّيتُها ، وتاقت نفسي إلى الخلافة فأدركتها ، وقد تاقت إلى الجنة ، فأرجو أن أدركها ، إن شاء الله عز وجل \"
ارسم صورة واضحة ورؤية جلية وعندما تختار رؤيتك وأهدافك الخاصة ، استفت قلبك أولاً وأسأله عما اخترت ... اسأله مرة بعد مرة ، أصغِ إليه .. أصغِ إليه جيداً .. إنه مرشدك ولن يضيعك ، أنت أخبر الناس عن نفسك ، أنت تعرف ماذا تحب وماذا تتقن ، أنت أعلم الناس بمهاراتك ومعلوماتك وأحاسيسك ، افحص أهدافك تحت ضوء النهار ، افحصها جيداً وناقشها مع نفسك ، هل تسعدك وترويك هذه الأهداف ، أم أنها أوهام نسجها لك الآخرين ؟
إنّ أهمية تحديد الهدف ليس فقط مهماً على المستوى الشخصي بل وحتى على المستوى ألأممي ، إليكم هذه القصة :
عام 1976 يترك بيل غيتس جامعة هارفارد وهو في السنة الدراسية الثالثة – برغم نجاحه فيها – ليتفرغ وبشكل كامل لشركته \"مايكروسوفت\" التي أسسها وعمره 19 عاماً .. وتمضي الأيام ليتحقق الناس جميعاً من نبوءة بيل غيتس ، لقد كان محقاً عندما تنبأ بأن يوماً من الأيام سيصبح الكمبيوتر جزءاً من حياة الناس اليومية ، لكنه كان مخطئاً بأمر واحدٍ فقط ! عندما بلغ 30 سنة لم يصبح مليونيراً، بل أصبح ملياردير !!
تبين من الإحصاءات الكثيرة أنّ أعداداً كثيرة ً من الناس تموت أو تصاب بأمراض نفسية وجسمانية بعد سن التقاعد وتعاني العديد من المشاكل أولها مع أهلة ومع جيرانه ثم الهروب إلى المقاهي ولعب الشدة او الوقوف في طوابير عمال المياومة يوم يشتغل وعشرة لا ....
.. أعتقد أنك تستحق شيئاً ، وأنا أشجعك على الاستمرار في محاولاتك .
أكثر الأعمال إرهاقا الفراغ عليك أن تثق بقدرتك ومهارتك. أما أذا كنت لازلت لم تتقاعد فعليك من ألان التفكير في فترة ما بعد التقاعد من الخدمة حتى لانراك على قارعة الطريق لاحول لك ولا قوة .
ويقول الشاعر
نفي النوم عن عيني نفس أبية لها بين أطراف الأسنة مطلب

إبراهيم القعير