الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الخلق والمرسلين،سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين،أما بعد:
يا جماهير شعبنا الفلسطيني في الداخل والخارج ،وياجماهير أمتنا العربية الإسلامية التي خرجت في شوارع بلدانها تصرخ وتزأر كالأسود، مكبّرةً و مهلّلة لتنصر دماء شهدائنا الأبرار، وترفع راية الأوفياء من أبناء الشعب الفلسطيني الأبيّ. فالعهد العهد لكم مابقينا..
أخوتي الأحرار.. نحمد الله أننا أنجزنا هذا العمل النّضالي الكبير الفريد من نوعه بشهادة كل من إطّلع عليه أثناء إنجازه، ألا وهو\"موسوعة شهداء العائلات والعشائر الفلسطينية في إنتفاضة الأقصى من الألف إلى الياء\"، ويعرض هذا العمل لكافة التضحيات التي قدمتها العائلات والعشائر الفلسطينية من شتّى أرجاء الوطن المحتلّ على مدى عشرة أعوام متواصلة، منذ إندلاع إنتفاضة الأقصى في الثامن والعشرين من أيلول للعام2000 وحتّى الأول من آب للعام 2010. ليكون بهذا عملنا الأول من نوعه في جمع أكثر المعلومات أهمية لكل عائلة وعشيرة في الشتات عن تاريخها النضالي الذي يجهله كثيرون بسبب بعدهم القسري عن ساحة النضال في الأرض المحتلة. وعلى هذا الاساس ، تابعنا منذ إندلاع إنتفاضة الأقصى الحدث العظيم بكل وسائل الإعلام المحلية والعربية والعالمية، وراقبناه عن كثب كغيرنا من الجهات ذات العلاقة، فآلمنا كثيرا ضعف التوثيق – بل تضاربه أحياناً كثيرة - بخصوص نضال هؤلاء الشهداء سواء كان تابعاً لمؤسسات أو مراكز في الدّاخل، أو في الخارج.
كان يصعب على وسائل الإعلام المرئية أن تذكر إسم الشهيد أو عمره بشكل صحيح، بل تعدّى ذلك الخطأ في قراءة إسم بلدته التي ينتمي إليها، ناهيك عن إسم التنظيم الذي ينتمي إليه إن كان منتمياً، لينطبق عليهم بذلك المثل القائل: إني أسمع جعجعة ولا أرى طحناً. وهذا ماحدث في مجموعة كبيرة من المجازر التي إرتكبتها العصابات الصّهيونية بدءاً بالإجتياحات والتّوغلات الصهيونية في كل أراضي فلسطين، وحتّى ما شاهدناه والعالم أجمع في هولوكوست غزة، لتغيب هويّة الشهداء كما غابت ضمائر العالم وقتئذ. لكن الهوية الحقيقية للشهداء لم نعلمها ولم نتحقق منها إلّا بعد إنتهاء مجازر الإحتلال آنذاك وذلك بسبب غياب الهوية التوثيقية الفلسطينية عن المشهد الفلسطيني بسبب الصراعات الدامية التي شهدتها - ولا زالت تشهدها – الساحة الفلسطينية لينعكس الأمر بذلك على \"التوثيق\" الذي أصبح مرهونا بالمصالح الشخصية والسياسية لكل فصيل على حساب طهارة تلك الدماء المراقة.
من هنا كانت البداية، حيث إعتكف مركز النضال للدراسات والأبحاث من أجل نيل شرف توثيق أهم المعلومات عن كل شهيد قضى دفاعاً عن أرضه المسلوبة وكرامته المهانة، وخلصت إحصائياتنا حتى تاريخه أنّ 2126عائلة وعشيرة دخلت التاريخ النضالي الفلسطيني بشهدائها الأبرار، كما بلغ عدد الشهداء7640 منهم 6885 من الذكور و 755من الإناث.
ولأنه من غير المقبول أن يخصّص يوم واحد لإستذكار بطولات شهدائنا فيما يسمى يوم الشهيد الفلسطيني والذي يصادف السابع من يناير من كل عام، نتسائل: هل يكفينا يوم لنشعر بقساوة غياب أولئك الأحبة عن واقعنا؟؟ أليس حريّ بنا إستحضارهم في كل لحظة؟؟ فكل أيام السّنة هي أيام للشّهداء طالما بقي الإحتلال الصّهيوني الغاشم على أرضنا، والظّلم عواقبه وخيمة على شعبنا لأنّ الشهّداء لانتذكّرهم إلاّ في ذلك اليوم. ولن نسمح أن يكون يوم الشّهيد الفلسطيني يوماً لجهات غير فلسطينية للمتاجرة بدمائهم الطّهورة، بينما نعتقد لو أن السلطة الوطنيّة الفلسطينية كانت ترعى جميع الشّهداء حق الرّعاية ولاتنتقص من حقوقهم كإعالة أسر الشّهداء، وتعليم أبنائهم، لما كان لتلك الجهات أن تظهر وتدّعي حرصها على رعايتهم.
ولهذا، حمل مركز النّضال للدراسات والأبحاث لواء هذه المهمّة، ونعترف أمامكم أننا واجهنا صعوبات مريرة وشاقّة لإخراج هذا العمل على أكمل وجه. حيث أدخلنا محسّنات كاملة تتضمن أنقى معلومات عن الشهيد وبهذا نمتاز كغيرنا والحمد لله بأننا أفضل من وثّق عملاً كهذا في تاريخ المقاومة الفلسطينية.
يا جماهيرنا الأبية..أوصيكم بألا تنسوا رعاية عائلات وذوي الشهداء معنويّا وماليّاً وإجتماعيّاً، فالشهداء رحمهم الله الأكرم منّا جميعاً، ونناشدكم أن تكونوا سنداً لرعاية عائلاتهم وأبنائهم، فلا تتأخروا في دفع مستحقّاتهم الواجبة، وعاملوهم بالحسنى ولا تلقوا بهم في غياهب السّجون.
كما أنني أوجه ندائي إلى قيادات السلطة الوطنية الفلسطينية وزعماء الفصائل المنضوية تحت لواء منظمة التحرير الفلسطينية: إتقوا الله في الشهداء، وانتم تعلمون كل العلم أن هؤلاء لم يخرجوا من بيوتهم إلا لنصرة فلسطين والمسجد الأقصى، ولم يخرجوا من منازلهم وتركوا زوجاتهم وأبنائهم وآبائهم إلا لنيل الشهادة. كما نرفض براعتكم في تلوين مجريات القضية الفلسطينية كما تتلون الحرباء، لأن فلسطين يا أصحاب العواطف الجيّاشة والأبواق الإعلامية المأجورة ليست بجمعية خيرية ولا حالة إنسانية منكوبة تنتظر العون والمساعدة من العالم، بل إعلموا أنها وطن كبير يتسع لكل مناضل وشريف أرضع من ثدي حرة فلسطينية لم تقبل يوماً أن تلبس رداء الذّلّ والهوان.
وقبل الختام، إليكم بقائمة لأكثر العائلات ترتيباً من حيث إحصائيات الشهداء في إنتفاضة الأقصى فكانت كالتالي: عشيرة النجّار في المرتبة الأولى بواقع 83شهيداً، ثم جاءت عائلة المصري بواقع 50 شهيدًا في المرتبة الثانية، تليها عائلة حمدان في المرتبة الثالثة بواقع 42شهيداً، كما احتلت المرتبة الرابعة عائلة عبيد بواقع 39شهيداً ،فيما حلّت كل من عائلات أبو عودة والأسطل والشاعر في المرتبة الخامسة بواقع كل عائلة 33 شهيداً، وحلّت عائلات قديح وزعرب وعودة في المرتبة السادسة حيث قدمت كل منها 32شهيداً، أما المرتبة الساّبعة فكانت من نصيب عائلة عاشور بواقع 31 شهيداً،وحلّت في المرتبة الثامنة عائلة نصّار بواقع 30 شهيداً،وفي المرتبة التاسعة جاءت كل من عائلات عابد، والكفارنة، وموسى، والدّاية بواقع 29 شهيداً لكل منها، فيما كانت المرتبة العاشرة من نصيب عائلتي الخطيب ومنصور بواقع 28شهيداً.
وفقنا الله وإياكم ورحم الله شهدائنا وعاشت فلسطين حرّة أبيّة
المدير العام لمركز النضال للدراسات والأبحاث
مهدي أنيس جرادات
Email:jaradat_mehdi@yahoo.com