أيام قليلة هي التي تفصلنا عن ما يسمونه بالعرس الديمقراطي الشفاف والنزيه، وقد حسم أغلب المواطنين مواقفهم من هذه الانتخابات، فمنهم من أغمض عينيه عن الحقيقة وتناغم مع طبول الحكومة واختار الرقص على أنغامها والعزف على وترها والمشاركة وهذا حقه، ومنهم من وضع الله بين عينيه وأيقظه عشق الوطن وحبه وعزم على أن يتحلى بالمسؤولية ويعلي صوت الحق على صوته، فقاطع ليسمع صوتاً أبت الحكومات أن تسمعه.
إذن فالعزائم قد عقدت والقرارات قد اتخذت ومجالات المناورة قد انكمشت واعتقد أن الهدف الأول للمقاطعة قد تحقق واخترق صوته أبواب الحكومة المؤصدة بقوة ووجه رسالة لأي حكومة قادمة مفادها بأن التغير هو عنوان المرحلة القادمة، وتبقى الأهداف الأخرى تنتظر نتائج الانتخابات.
و اني بهذه المناسبة أدعو الإخوان المشاركون في الانتخابات بأن يضعوا مخافة الله وحب وطنهم بين أعينهم، وأن يستذكروا قول العزيز_(لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم....)، وليكملوا ما بدأناه نحن المقاطعين ، فالمقاطعة استثناء و ليست اصل فرضتها علينا هذه المرحلة و هي أداة للضغط على الحكومة لأجل التغير بعد ان فشلت المشاركات السابقة في إحداث أي تقدم في العملية الديمقراطية المتراجعة ، فأرجو من إخواني الناخبين الذين قرروا الانتخاب أن يختاروا الأفضل إن وجد في دائرتهم ويبتعدوا كل البعد عن بيع أصواتهم وضمائرهم بأثمان بخسة لا تقدم ولا تؤخر، و أن ينبذوا العصبية العشائرية و التعصب الأعمى و ترجيح كفة العقل وان يحاولوا تغير تلك الوجوة العفنة التي تربعت لدورات متتالية على كرسي النيابة دون ان تقدم ما يذكرنا بها و بانجازاتها عدا فسادها قبل الانتخابات و بعده ، واخص برجائي هذا أهالي المحافظات الذين هم أحوج الناس لنواب أقوياء يحملون همومهم ويحلمون بأحلامهم، فهم من يعانون من البطالة والفقر وضعف الخدمات وفقر البنية التحتية أكثر من غيرهم، وهم أكثر المتذمرين من ضعف نوابهم على مدار المجالس السابقة و السباقون إلى إعلان استيائهم و خيبة أملهم في نوابهم بعد فترة وجيزة من انتخابهم .
أخواني
إن هذه الانتخابات ستكون نقطة فاصلة وحدثًا مهماً في حياتنا الديمقراطية، فصفعة المقاطعة ستفيق الحكومة من سباتها، وصحوة المواطنين المرجوة ستكمل المشوار، معادلة ليست معقدة رغم أن من يقرأها سيشعر بأنها متناقضة ومتنافرة، ولكنها إن نجحت فستكون بداية التغير إن شاء الله، فنسبة تصويت ضعيفة تحجم الحكومة وتجبرها على الشروع بوضع قانون جديد قادر على ولادة مجلس قوي قادر على محاسبة الحكومة والفاسدين الذين اغرقوا البلد بمديونية لا يعلم إلا الله ما هي تبعاتها من جهة، ومن جهة أخرى محاولة إنجاح مرشحين محترمين قادرين على تشكيل نواة داخل المجلس تحث الحكومة وتجبرها على تغيير هذا القانون الذي مزق الأردنيين وخاصة في المحافظات الممزقة أصلا بآفات الفقر والبطالة.
والأهم من ذلك ومن كل هذه الانتخابات هو سلامة الشعب الأردني وسلامة نسيجه الاجتماعي من أي تمزيق، فلندعوا الله بأن تمر هذه الانتخابات دون مصائب فوق مصيبتنا فيها، وادعوكم يا أيها الأخوة للابتعاد عن المشاحنات والمشاجرات التي إن حدثت فإنها ستحدث شرخاً يصعب صدعه وستكون لها نتائج لا يحمد عقباها ويصعب التنبؤ بعواقبها، ولتعلموا أيها الأهل بأنكم الوحيدون الخاسرون إن حدث أي مكروه لأحدكم أو خسر ود من رافق أو جاور، فمن نجح سينجح لوحده، وسيذهب إلى المجلس لوحده ، وسيعقد الصفقات وحده، وسيأتي بالوظائف والبعثات لأولاده وأقاربه وحده، وسيحصل على الامتيازات من رواتب وسيارات وتذاكر سفرات ومقاعد جامعات وووو.... لوحده، فكلنا نعرف مقاطعين ومشاركين بأن هؤلاء النواب هم نواب مصالح شخصية وليسوا نواب وطن استفادوا من عدة عوامل ساهمت وسهلت من نجاحهم من مقاطعة إخوانية لعصبية عشائرية لأموال سياسية و أمية سياسية شعبية .
لا تخسر يا أخي الناخب جارك وابن عمك ونسيبك وابن قريتك وابن عائلتك لأجل أناس صدقني ستكون همومك أنت ومطالبك آخر همومهم وقضاياهم،و ابتعد عن شحن الآخرين و إثارة نعراتهم و استغلال غضبهم فربما تخسر احد أولادك او أقربائك دون قصد فنيران الغضب و الجهالة ليس لها حدود او ضوابط ، إن أردت التصويت فهذا حقك ولكن لا تحاول مصادرة حقوق الآخرين، وان كنت تعتقد بأن مرشحك هو الأنسب و الاجدر فأعلم بأنهم يعتقدون مثلك في مرشحيهم ، فلا تحاول فرض إرادتك و اختيارك حتى على اقرب المقربين لك , ألا يكفي أن الحكومة قد صادرت حريات الناس و صوتهم في الانتخابات السابقة ولا نعلم ماذا سيحصل هذه المرة رغم أنها ليست بحاجة للتزوير لأن معظم القادمين هم وجوه لنفس العملة ولا خوف منهم.
وليحفظ الله هذا البلد آمناً مطمئناً، و لتعلموا يا أخواني أن حب الوطن والحرقة و الخوف عليه هي من دفعتنا للمقاطعة , و أرجو أن تكون هذه الأسباب نبراسكم في مقاطعتكم ومشاركتكم، و تذكروا قوله عز وجل _
لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم