أول وكالة اخبارية خاصة انطلقت في الأردن

تواصل بلا حدود

أخر الأخبار
ميقاتي: ليس لنا خيار سوى الدبلوماسية. وزير إسرائيلي يحذر إيران من مغبة فتح جبهة مع إسرائيل 1238 باخرة رست في العقبة خلال 2024. الأردن يستعد لإرسال مستشفى ميداني للتوليد لغزة. صحيفة فرنسية : جاسوس إيراني خلف اغتيال نصر الله رئيس بلدية كريات شمونة يطالب بتدخل بري في لبنان مقتل 9 سوريين في غارة إسرائيلية على بعلبك برنامج الأغذية العالمي: لبنان على حافة الانهيار ولا يمكنه تحمل حرب أخرى أولمرت يعترف بتصفية عماد مغنية الاحتلال يؤكد اغتيال القيادي بحزب الله نبيل قاووق البندورة بـ20 قرش في السوق المركزي اليوم 1.9 مليار دينار صادرات الأردن لمنطقة التجارة العربية الجيش اللبناني يحذر من "الانجرار وراء أفعال قد تمس بالسلم الأهلي" مراقب الدولة الإسرائيلي: الجيش يعرقل استكمال التحقيق في إخفاقات 7 أكتوبر 6 إصابات برصاص الاحتلال شمال طوباس واعتقال 24 فلسطينيا بالضفة مسؤول عسكري إسرائيلي: حزب الله يخطط لقصف تل أبيب وصفي الدين أكثر تشددا من نصر الله مستوطنون متطرفون يقتحمون باحات الأقصى تظاهرات للجاليات العربية في سيدني وملبورن مهيدات: الموافقة على تسجيل 63 صنف دوائي مهم من الضمان حول توزيع مبالغ مالية
الصفحة الرئيسية أردنيات وزير المالية يفتح أوراقه ويشخص تحديات السياسة...

وزير المالية يفتح أوراقه ويشخص تحديات السياسة المالية ويرتب أولوياتها

08-11-2010 08:21 AM

زاد الاردن الاخباري -

يشخص وزير المالية الدكتور محمد أبو حمور  تحديات السياسة المالية  بوضوح , وهو إن كان قد تعامل معها مثل جراح محترف , فقد كانت كل العمليات التي برع فيها ولا تزال تراعي حساسية الجسد كله , بمعنى أنها لم تعالج عضوا  بينما تترك آخر  أسيرا للشكوى , فالنظرة الشاملة هي التي تحكم عمل صانع السياسة المالية , وفي المشهد  خطوطا ذات لون فاقع الإحمرار وأخرى أقل احمرارا وهكذا الى أن تصل الى بر الأمان ضمن أولويات مرتبة تراعي الإحتياجات وتأخذ بالإعتبار الضرورات ولا تلقي بالا لما لا تكون نتائجه مضمونة .
وفي الخطوط  فاقعة الإحمرار يقف في المقدم  عجز الموازنة وفي الترتيب الذي يضاهيه أهمية تأتي المديونية .
يؤكد أبوحمور الذي نعود  إليه في " الرأي "  في حوار آخر بعد مضي  وقت كاف لأن تكون فيه نتائج الجهود قد تبددت , حينها  أجاب الدكتور أبوحمور عن الأسئلة الصعبة التي شغلت ولا تزال تشغل بال  المواطن والمستثمر ورجل الأعمال والتاجر والصناعي حول المشهد الإقتصادي عموما  والمالي خصوصا , وهذه المرة نعود الى الوزير أبو حمور وفي الجعبة أسئلة كثيرة أجاب عنها  بصراحة كما كان الحال أول في المرة الماضية , ومنها مثلا ... لماذا قامت الحكومة بإصدار ملاحق موازنة ، وماذا فعلت  بالعجز  المؤرق  وفي شأن الملاحق قال أبو حمور ان "ملاحق الموازنة صدرت لإصلاح الخلل في موازنة عام 2009 وعام  2010." وغطت النفقات المستحقة التي لم يرصد لها مخصصات وتلك التي لم يرصد لها مخصصات كافية.
 في ذهن الوزير أبوحمور فإن التحديات التي تواجه السياسة المالية في الأردن واضحة و محددة تماما , ولم يكن  الأمر يستدعي إلا  تحديد الحلول , وتنفيذ هذه الحلول , وها هي ذي  حصيلة إجراءات ضبط النفقات "ماثلة أمامكم " كما يقول أبو حمور , بنتائجها التي تنعكس على تخفيض عجز الموازنة العامة وبالتالي تقليص الحاجة إلى ديون إضافية، وهذه النتائج والحديث للوزير أبو حمور ,  تؤكد قدرتنا على إعادة المالية العامة إلى مسارها السليم لتشكل رافداً من روافد بناء الوطن وازدهاره.
وقال ان تقليص الإنفاق الجاري تم تناوله بشكل مؤسسي يعكس جدية الحكومة في هذا الأمر, لافتا الى أن موازنة العام القادم ستراعي هدف ضبط العجز كأولوية من جهة ومن جهة أخرى  ترتيب لأولويات الإنفاق,  رأسمالي وجاري  بتوزيعه  حسب المحافظات تمهيدا  لتطبيق اللامركزية وتفعيل دور المحافظات في تحديد احتياجاتها التنموية. مؤكدا أن الحكومة ملتزمة بتخفيض العجز في عام 2010 بحوالي (500) مليون دينار مقارنة بالعام السابق.
وفي سؤال المنح أوضح أن المنح الإضافية التي تم استلامها سيتم إنفاقها لتعزيز أداء الاقتصاد الوطني ورفع نسبة النمو وقال ان عجز الموازنة خلال الشهور التسعة الأولى تراجع  بنسبة (34%) مقارنة بنفس الفترة السابقة من العام السابق. , وشدد على أن هناك تخفيض حقيقي للنفقات التشغيلية بحوالي (20) مليون دينار خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2010 وأعاد الى الأذهان أن إعداد موازنة عام 2011 يتم وفق أسلوب جديد يراعي الأولويات الوطنية.وقال انه تمت  زيادة النفقات الرأسمالية في موازنة عام  2011 بنسبة تجاوزت (20%). وأن  قائمة المشاريع الرأسمالية متسقة ومتطابقة مع البرنامج التنموي.
وأكد أن عجز موازنة 2011 سينخفض إلى (5%) من الناتج المحلي الإجمالي  كما أن تخفيض الإنفاق وتوجيهه نحو الأولويات أصبح عملاً منهجياً ومؤسسياً.
 
وفيما يلي نص الحوار :-

* كثر مؤخراً الحديث عن ملاحق الموازنة، خاصة وأن الملحق الثالث صدر الشهر الحالي، وهذا يطرح العديد من التساؤلات حول قضايا الموازنة ومدى تلبيتها للمتطلبات الموضوعية والمنطقية، ما تعليقكم حول هذا الموضوع؟.

 - لدى مناقشة هذا الموضوع لا بد من التوضيح بأن إصدار الملاحق هو متطلب قانوني، فالحكومة عندما تجد أنه لا بد من تغطية نفقة معينه غير واردة في قانون الموازنة لا بد من أن تقوم بإصدار قانون ملحق بقانون الموازنة وفقاً لما تنص عليه التشريعات، وهكذا فإن إصدار الملاحق هو التزام بالنصوص القانونية ذات العلاقة، إضافة إلى كونه يضفي مزيداً من الشفافية والوضوح على إدارة المالية العامة.  هذا من جانب ومن جانب آخر لا بد من التوضيح بأن عام 2010 شهد إصدار ملحقي موازنة أحدهما بمبلغ (160) مليون دينار والآخر بمبلغ (350) مليون دينار.

* ماذا عن الملحق الذي صدر أواخر العام الماضي بمبلغ (305) مليون دينار؟.
 
-هذا الملحق هو ملحق لموازنة عام 2009، وقد وجدت الحكومة نفسها مضطرة لإصداره لتغطية مجموعة من المطالبات لدى عدد من الجهات الحكومية مستحقه الدفع لشركات ومستثمرين ومواطنين، لذلك فإن إصدار الملحق كان بدافع الحفاظ على حقوق المواطنين والمستثمرين والمقاولين ومزودي الحكومة بالسلع والخدمات وتجنب التأثير سلباً على أوضاعهم، فمن غير المقبول أن يكون المستثمر أو المواطن قد أدى خدمة للحكومة أو قام بتوريد سلعة معينه لها، أو أنه قد تم استملاك أرضه أو عقاره وأن لا يتم دفع مستحقاته، وعدم رصد المخصصات اللازمة لذلك في موازنة العام التالي أي عام 2010، ومن هنا يتضح أن إصدار هذا الملحق كان ضرورة لا بد منها سواءً بالنسبة للحكومة أو بالنسبة للمواطنين والمستثمرين، إضافة إلى أن إصداره يضع المواطنين أمام الواقع الحقيقي للمالية العامة ويحافظ على الثقة والشفافية والعلنية.

* الملحق الأول لموازنة عام 2010 صدر بمبلغ (160) مليون دينار، هل من توضيح لأسباب إصداره؟.
 
- هذا الملحق جاء بهدف تغطية خلل محدد في موازنة عام 2010، وبالتحديد لمواجهة النفقات التي لم يتم رصد مخصصات لها في الموازنة، وهي نفقات ضرورية لقطاعات حيوية ولا يمكن تأجيلها، ويمكن أن نلخص النفقات التي لم يتم رصد مخصصات لها في ستة بنود أساسية منها دعم البلديات الذي يبلغ (85) مليون دينار، ودعم كل من المجلس الأعلى للمعاقين وصندوق الثقافة والصندوق الوطني لدعم الحركة الشبابية ومستحقات توسعة المطار إضافة إلى نفقات عامة أخرى، وتقدر القيمة الإجمالية لهذه الجهات بحوالي (75) مليون دينار، وقد جاءت ضرورة رصد المخصصات لهذه الجهات من واقع إلغاء ضريبة دعم البلديات التي كانت تفرض على المحروقات، إضافة إلى إلغاء الضرائب التي كانت تحصل لصالح الجهات الأخرى المشار إليها.

* إذا اعتبرنا أن الملحق الأول عالج الخلل المتمثل في وجود نفقات لم تدرج ضمن الموازنة العامة، ما هي ضرورة إصدار الملحق الثاني في هذه الحالة؟


- أتفق معك بأن إصدار ملحق موازنة يجب أن يكون لمواجهة خلل ما في إعداد الموازنة أو أن يكون لمواجهة ظرف استثنائي، وإذا كان الملحق الأول قد عالج خلل النفقات التي لم تدرج ضمن الموازنة العامة، فإن الملحق الثاني جاء لمعالجة الخلل المتمثل في عدم كفاية المخصصات المرصودة لبعض أوجه الإنفاق في قانون الموازنة العامة لعام 2010 والتي سأبينها لاحقاً، ولكن ما ينبغي ملاحظته هو أن هذا الملحق والذي نحن بصدد الحديث عنه هو ملحق متوازن تساوت فيه الإيرادات العامة والنفقات العامة ولن يؤدي إلى أي زيادة في عجز الموازنة الذي التزمت به الحكومة لعام 2010 والبالغ حوالي مليار دينار، كما انه لن يشكل سبباً لأي اقتراض إضافي، حيث أن الإيرادات العامة الإضافية المتوقع تحصيلها تغطي مجموع النفقات المقررة في الملحق ودون فرض أي ضرائب جديدة، وبذلك فإن هذا الملحق يأتي منسجماً مع أهداف البرنامج الوطني للإصلاح المالي والاقتصادي.

وكما سبق ان ذكرت فان إصدار هذا الملحق جاء نظراً لعدم كفاية المخصصات المرصودة لبعض أوجه الإنفاق في قانون الموازنة العامة والمتمثلة في فاتورة الرواتب لعدد من الوزارات والدوائر الحكومية كوزارة التربية والتعليم ومديرية الأمن العام وكذلك مخصصات كل من صندوق المعونة الوطنية والمعالجات الطبية ورديات ضريبتي الدخل والمبيعات.

يضاف لذلك فان المخصصات المرصودة لدعم مادة الخبز في قانون موازنة عام 2010 لا تكفي لتلبية الاحتياجات الفعلية المتوقعة، ولذلك فقد تم زيادة الدعم المقدم لمادة القمح بموجب هذا الملحق لضمان عدم إلحاق الضرر بمستوى معيشة المواطنين من الطبقات الفقيرة والوسطى والمحافظة على أسعار مادة الخبز، كذلك انه وبموجب هذا الملحق فقد تم رصد المخصصات اللازمة لدعم بعض القطاعات الحيوية ذات الصلة بتعزيز الحماية الاجتماعية وتوسيع الطبقة الوسطى والمتمثلة في إنشاء صندوق لدعم النقل العام بهدف تخفيض كلفة النقل على طلبة الجامعات وعلى محدودي الدخل وكذلك إنشاء صندوق لدعم وتمويل الجمعيات الخيرية بهدف تعزيز دورها في خدمة المجتمعات المحلية. هذا علاوة على زيادة مخصصات صندوق دعم وحماية الثروة الحيوانية وزيادة رأسمال مؤسسة الإقراض الزراعي لتمكينها من تلبية الاحتياجات التمويلية المتزايدة لصغار المزارعين في سائر أنحاء المملكة. هذا بالإضافة إلى رصد المخصصات اللازمة لتغطية نفقات الانتخابات النيابية المقبلة.

كما أن هذا الملحق قد تم إصداره أيضاً بهدف تغطية الكلفة المترتبة على بعض الإجراءات والقرارات ذات الصلة بحماية الطبقة الفقيرة وتوسيع قاعدة الطبقة المتوسطة، ومن ابرز هذه القرارات الاستمرار في دعم وتثبيت سعر اسطوانة الغاز للتخفيف من الأعباء المترتبة على كاهل المواطنين وخاصة ذوي الدخل المتدني والمحدود ،هذا بالإضافة إلى تغطية كلفة زيادة رواتب المعلمين بنسبة 5% اعتباراً من مطلع عام 2010 و 15% من مطلع حزيران 2010 و5% اعتباراً من مطلع تشرين أول 2010 وكذلك كلفة زيادة أجور العاملين في امتحان شهادة الدراسة الثانوية العامة إلى جانب مخصصات المكرمة الملكية السامية لتغطية كلفة دراسة أبناء المعلمين في الجامعات.

عدا عن ما سبق فقد تضمن هذا الملحق رصد مخصصات إضافية لبعض المشاريع الرأسمالية الحيوية في قطاعي الصحة والتعليم والمتمثلة في إنشاء مستشفى الأمير هاشم في العقبة وإنشاء مستشفى الملكة رانيا للأطفال وبناء عدد من المدارس الأساسية في مختلف مناطق المملكة.

* من الواضح أن المساعدات ساهمت في الوصول إلى التوازن في الملحق الأخير، ألم يكن من الممكن تخفيض عجز الموازنة بهذه المنح، أم أنه كان من الضروري إضافتها لبنود الإنفاق؟.
 
- أود بداية أن أؤكد بأن الحكومة بشكل عام ووزارة المالية بشكل خاص ملتزمة بتخفيض عجز الموازنة لعام 2010 بحوالي (500) مليون دينار مقارنة مع العام السابق، كما أننا ملتزمون، وكما أوضحت في تصريحات سابقة، بتخفيض العجز كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي إلى اقل من 6% وهذا الالتزام الأخير يدخل في إطار خطة إستراتيجية لتخفيض العجز بشكل تدريجي ليصل إلى حوالي 3% من الناتج لمحلي الإجمالي بحلول عام 2013 وهذا الأمر تم التأكيد عليه في البرنامج الوطني للإصلاح المالي والاقتصادي، وهكذا فإن إصدار الملحق الأخير لا يتناقض مع  الالتزامات في مجال التخفيض التدريجي لعجز الموازنة والحد من الاقتراض وتفاقم المديونية.

* كيف يمكن أن يكون الإنفاق غير متناقض مع تخفيض عجز الموازنة؟.
 
- الأمر بسيط إلى حد كبير، فنحن نعلم أن أولوية السياسة المالية تمثلت في تخفيض الإنفاق لمواجهة العجز غير المسبوق الذي شهدناه العام الماضي، ولكن إذا حصلنا على مساعدات إضافية، يعود الفضل فيها لجهود جلالة الملك   وعلاقاته المميزة والاحترام الذي يحظى به من جانب الدول الشقيقة والصديقة، هذا يوجب علينا النظر بامكانيات المساعدة في تنشيط مختلف القطاعات الاقتصادية مما يعني بالتالي مستوى أعلى من النمو، وإيرادات أكبر، وهذا أيضاً يتفق مع فلسفة قانون ضريبة الدخل الجديد الذي خفض نسب الضريبة على القطاعات المختلفة سعياً إلى تحفيز وجذب الاستثمارات، وبالرغم من أن هذا الأمر قد يكون له آثارا سلبية على الإيرادات الضريبية في المدى الزمني القصير إلا أن آثاره الإيجابية في المدى المتوسط ستكون واضحة للعيان سواءً على مستوى النمو والتشغيل وحتى على مستوى الإيرادات المحصلة.

* بالحديث عن ضبط النفقات، نلاحظ أن هناك انخفاض واضح في النفقات الرأسمالية في حين أن النفقات الجارية لا تزال ترتفع، هل يمكن أن تعتبر أن الحديث عن ضبط النفقات لا يتعلق إلا بالإنفاق الرأسمالي؟ .
 
- ما تفضلت به يبدو صحيحا ظاهرياً، ولكن الواقع الذي يتضح من خلال تحليل الأرقام يعطي صورة مختلفة إلى حد ما، فالحكومة قامت فعلاً بتخفيض النفقات الرأسمالية وذلك عبر تحديد الأولويات والاستغناء عن المشاريع غير الضرورية وهذا ما كان واضحاً في انخفاض النفقات الرأسمالية، أما في مجال النفقات الجارية فالأمر مختلف إلى حد ما، فنحن أولاً أمام نفقات غير مرنة إلى حد كبير وإمكانيات تخفيضها محدودة، كما أن لها نسبة نمو طبيعي لا يمكن تجنبها، فكما هو معلوم تتألف النفقات الجارية أساساً من الرواتب والأجور للموظفين العاملين والمتقاعدين وخدمة الدين وغيرها، ولكن وبالرغم من ذلك فقد تم إقرار خطة لضبط الإنفاق شملت العديد من الجوانب، وأكد مجلس الوزراء جديته في تخفيض الإنفاق بشكل عملي عندما تم تخفيض رواتب الوزراء بنسبة (20%) وتحويلها لدعم الفئات المحتاجة، كما تم إقرار خطة متكاملة لضبط النفقات الجارية والرأسمالية في آن معاً، ليس هذا فقط وإنما تم تعزيز ذلك أيضا بعدم السماح باستحداث أي نفقات غير ضرورية مع التأكد من الاستخدام الأكفأ للموارد وتوجيهها نحو الأولويات، وقد سبق أن أوضحت في أوقات سابقة أن خطة ضبط وتخفيض النفقات تشمل تخفيض النفقات الجارية بما نسبته (20%) من النفقات التشغيلية، كما تم التوقف عن تعيين الموظفين باستثناء وزارتي الصحة والتربية، واقتصار زيادة الرواتب على الزيادات الطبيعية، وكذلك تخفيض الإنفاق المترتب على الأبنية الحكومية وتقليص سفر الوفود وتنظيم استخدام السيارات الحكومية، كما ان العمل جارٍ لتخفيض عدد المؤسسات المستقلة ودمج جزء منها، وقد جاء تعديل نظام الانتقال والسفر ليشمل كافة الموظفين بما فيهم موظفو المؤسسات المستقلة كأحد الإجراءات العملية لترشيد نفقات المؤسسات المستقلة إضافة إلى دور هذا التعديل في تحقيق العدالة والمساواة بين سائر موظفي الحكومة ومؤسساتها.

ونحن عملياً ولدى قيامنا بتطبيق خطة تخفيض وضبط النفقات ندرك جيداً أن إمكانيات التخفيض محدودة جداً وخاصة ما يتعلق بالإنفاق الجاري الذي يذهب عادة كما سبق أن أوضحت لتغطية نفقات الرعاية الصحية والاجتماعية وتأمين رواتب الموظفين والمتقاعدين وخدمة الدين، لذلك فان أي تقليص للنفقات الجارية يعتبر انجازاً بحد ذاته نظراً لعدم مرونة هذه النفقات.  كما أرى هنا أن من واجبي أن أؤكد بان أي تخفيض للإنفاق يجب أن لا يؤثر على مستوى ونوعية الخدمات التي تقدمها الحكومة للمواطنين ولا على امن المواطن وصحته وتعليمه، وقد كان هذا التوجه واضحاً في عمل مختلف أجهزة الدولة ولعل أوضح دليل على ذلك استمرار الحكومة في تنفيذ خطتها التنفيذية التي باركها جلالة الملك المعظم وفق ما هو مخطط له، وحتى يكون نهج تخفيض الإنفاق عملاً منهجياً فسوف نعكس مستقبلاً خطط وإجراءات تقليص وضبط الإنفاق العام عبر الموازنة العامة للدولة وعبر موازنات المؤسسات المستقلة، حيث أن هذا النهج يمثل جانباً أساسياً في سياسات إصلاح المالية العامة.
 
أما عن حصيلة إجراءات ضبط النفقات فهي ماثلة أمامكم بنتائجها التي تنعكس على تخفيض عجز الموازنة العامة وبالتالي تقليص الحاجة إلى ديون إضافية، وهذه النتائج تؤكد قدرتنا على إعادة المالية العامة إلى مسارها السليم لتشكل رافداً من روافد بناء الوطن وازدهاره. 

حققت المالية العامة أداءً جيداً خلال الشهور التسعة الأولى من عام 2010 حيث بلغ العجز حوالي (568) مليون دينار بانخفاض بلغ حوالي (297) مليون دينار، أو ما نسبته (34%) مقارنة بنفس الفترة من العام السابق.  هذا وقد بلغ مجموع الإيرادات العامة حوالي (3451) مليون دينار أي بزيادة نسبتها (6%) عن نفس الفترة من العام السابق، وفي حين شهدت إيرادات ضريبة الدخل انخفاضاً بحوالي (109) مليون دينار يفسر بتباطؤ النشاط الاقتصادي عام 2009، فقد شهدت المنح الخارجية ارتفاعاً بمبلغ (176) مليون دينار، وقد جاء هذا الارتفاع في المنح ثمرة للجهود المباركة والمساعي الحثيثة من قبل جلالة الملك عبد الله الثاني  ، ولعل هذا يؤكد مرة أخرى حجم العمل الذي تقوم به قيادتنا الهاشمية وحرصها وسهرها على راحة الوطن والمواطن. أما في جانب النفقات فقد انخفض إجمالي الإنفاق بحوالي (97) مليون دينار مقارنة بالعام السابق ليصل إلى حوالي (4019) مليون دينار، وقد انخفضت النفقات الرأسمالية بحوالي (270) مليون دينار، في حين بلغ الارتفاع في النفقات الجارية حوالي (173) مليون دينار.

وبتحليل النفقات الجارية سنجد أنه لم يتم فقط الحد من وتيرة ارتفاعها وإنما تخفيضها بشكل عملي، والارتفاع الذي قد يبدو فيها ناتج عن ظهور بنود لأول مرة في الموازنة لم تكن تظهر سابقاً، أو أن بعض جوانب الإنفاق ارتفعت لمؤثرات خارجية.  فمثلاً من البنود التي تم استحداثها في النفقات الجارية دعم البلديات، وبنود أخرى ارتفعت لأسباب مختلفة، مثل دعم المحروقات ودعم المواد التموينية ونفقات التقاعد وغيرها، حيث بلغ مجموع الارتفاع في هذه البنود حوالي (187) مليون دينار، وإذا أضفنا لهذا الرقم الارتفاع الطبيعي للرواتب والأجور والبالغ حوالي (42) مليون دينار، نجد أن مجموع بنود النفقات الجارية المستحدثة أو تلك التي ارتفعت يبلغ حوالي (229) مليون دينار، وهذا يفوق إجمالي الارتفاع في الإنفاق الجاري والبالغ حوالي (173) مليون دينار، وكمثال على البنود التي شهدت انخفاضاً يمكن النظر لبند النفقات التشغيلية المبين أدناه، حيث انخفضت في عام 2010 بما يقارب (20) مليون دينار مقارنة بنفس الفترة من العام السابق.

ومن الجوانب التي لا بد من الالتفات لها هو أن تقليص الإنفاق الجاري تم تناوله بشكل مؤسسي يعكس جدية الحكومة في هذا الأمر، سواءً من خلال تعديل بعض الأنظمة مثل نظام الانتقال والسفر أو من خلال جهود دمج المؤسسات أو الجوانب المتعلقة بإدارة الدين العام، وآثار هذا التوجه وإن كانت واضحة خلال عام 2010 إلا أنها ستمتد للأعوام القادمة حيث ستكون أكثر وضوحاً، فمثلاً تخفيض الفوائد على الديون سنلاحظه في تقلص عبء خدمة الدين خلال العام القادم، كما أن الاستغناء عن جزء من المركبات الحكومية سيكون له نفس الأثر أيضاً.

*  قارب عام 2010 على الانتهاء، وقريباً سيتم انتخاب أعضاء مجلس النواب ما يعني أنكم أمام استحقاق دستوري بتقديم موازنة العام القادم 2011 للمجلس العتيد، ما هي استعداداتكم في هذا الإطار، هل هناك تغيير جوهري في موازنة العام القادم؟.
 
- من ناحية عملية فقد تم البدء بالإعداد لموازنة العام القادم 2011 منذ فترة ليست قصيرة، حيث تعكس تلك الموازنة تطوراً في أسلوب إعدادها وبما يحقق الفائدة القصوى من المزايا التي توفرها الموازنة الموجهة بالنتائج، وبحيث تربط المشاريع بالأولويات الوطنية، وتتلخص خطوات إعداد موازنة عام 2011 في الجوانب التالية :
- الطلب من جميع الوزارات والدوائر الحكومية تزويد دائرة الموازنة العامة بسياساتها وأولوياتها لموازنة الأعوام 2011 – 2013.
- إعداد ورقة حول السياسات والأولويات الوطنية في شهر أيار 2010 تتضمن ابرز ملامح الموازنة العامة لعام 2011 ورفعها إلى مجلس الوزراء.
- قيام الوزارات والدوائر الحكومية بتزويد دائرة الموازنة العامة بمشروعات موازناتها للأعوام 2011 – 213 في شهر تموز 2010.
- تحديث ورقة السياسات والأولويات الوطنية في شهر آب ورفعها إلى مجلس الوزراء متضمنة أرقام محدثة للموازنة العامة وموضحاً فيها إجمالي الإنفاق الرأسمالي للأعوام 2011 – 2013.
- قيام وزارة التخطيط بإعداد البرنامج التنموي للتنفيذي للأعوام
2011 – 2013 والذي يشمل الإنفاق الرأسمالي في الوزارة بالتزامن مع ما قمت به وزارة المالية.
- قيام اللجان الوزارية القطاعية بدراسة المشاريع الرأسمالية الواردة في كل من الموازنة العامة والبرنامج التنفيذي التنموي بشكل تفصيلي وتحديد القطاعات والمشاريع الرأسمالية ذات الأولوية في ضوء الموارد المالية المتاحة.
- في ضوء ذلك تم توحيد المشاريع الرأسمالية الواردة في الموازنة والبرنامج التنموي التنفيذي بالتنسيق بين وزارتي المالية والتخطيط.

ولا شك بان هناك محددات تواجه الموازنة تتمثل في ان النفقات الجارية  تمثل الرواتب والأجور ونفقات التقاعد وخدمة الدين وهي نفقات ملزمة للحكومة ما يعني أن ما يتبقى بعد طرحها   يمثل المجال المالي المتاح للإنفاق على المشاريع الرأسمالية والتي سيحدد أولوياتها  مجلس الوزراء من خلال لجانه المعنية، بما يضمن  توجيه  الإنفاق  ليحقق عائداً أكبر للوطن وللمواطن وبما يساهم في رفع كفاءة وفاعلية الإنفاق الذي ينعكس بالتالي على مستوى حياة المواطنين من خلال تقديم الخدمات لهم بأفضل وأسرع وسيلة وبأقل كلفة.

ويمكن القول أن موازنة العام القادم ستراعي هدف ضبط العجز كأولوية  من جهة ومن جهة أخرى  ترتيب لأولويات الإنفاق,  رأسمالي وجاري   بتوزيعه  حسب المحافظات تمهيدا  لتطبيق  اللامركزية وتفعيل دور المحافظات في تحديد احتياجاتها التنموية. ومن المتوقع أن تزيد موازنة عام 2011 قليلا عن موازنة العام 2010 وملاحقها, وتشير الأرقام الأولية المستندة إلى البرنامج الوطني للإصلاح المالي والاقتصادي والاجتماعي إلى أن عجز الموازنة للعام القادم سيبلغ ما نسبته 5% من الناتج المحلي الإجمالي. أما الإيرادات المحلية فسوف نلاحظ تأثرها بقانون ضريبة الدخل الجديد, وتشير التقديرات إلى أن أثرها لأول سنة سينعكس بتراجع يبلغ نحو 150 مليون دينار, يتراجع تدريجيا ليتحول إلى زيادة تبعا لنمو النشاط الاقتصادي وزيادة حركة الاستثمار والمشاريع الجديدة بحسب التقديرات, وسوف تعوض جملة الإجراءات التصحيحية المتخذة خلال عام 2010 التراجع المتوقع.
 
وستلتزم موازنة عام 2011 بسقف الدين المحدد بالقانون والبالغ 60% من الناتج المحلي الإجمالي وستكون هذه النسبة اقل من ذلك وبما لا يتجاوز 55% .

وتستند موازنة عام 2011 إلى محاور رئيسية  أولها أن تكون الموازنة موجهة بالنتائج, وثانيها مسألة تحديد  أولويات الإنفاق الرأسمالي لمجلس الوزراء عبر أسلوب جديد لإعدادها , أما الثالث  فأخذ بالاعتبار ترتيب النفقات الجارية والرأسمالية على أساس التمهيد لمشروع « اللامركزية « بحيث توزع  بشكل يتناسب مع احتياجات المحافظات تكريسا لمبدأ التوزيع العادل للتنمية.

وتقوم الموازنة للعام القادم على مرتكزات رئيسية أهمها العمل على ضبط الإنفاق الجاري وتحسين كفاءة وفعالية الإنفاق العام من جهة وتحسين كفاءة تحصيل الإيرادات المحلية من جهة أخرى.  وضبط النفقات الجارية يتمثل بشكل رئيسي بحصر التعيينات في الاحتياجات الملحة لقطاعي التعليم والصحة.  وتعزيز النفقات  الرأسمالية ودعم المشروعات الضرورية وذات الجدوى الاقتصادية والاجتماعية والعمل على رفع مستوى الإنتاجية بما ينعكس بشكل ايجابي على تحسين مستوى معيشة المواطنين في جميع محافظات المملكة والتوقف عن استحداث أي مؤسسات أو هيئات حكومية جديدة ومواصلة العمل على إلغاء ودمج المؤسسات والهيئات ذات المهام المتشابهة.


منبر الراي - عصام قضماني





تابعونا على صفحتنا على الفيسبوك , وكالة زاد الاردن الاخبارية

التعليقات حالياً متوقفة من الموقع