زاد الاردن الاخباري -
قال رئيس هيئة النزاهة ومكافحة الفساد، محمد العلاف إنه لا يمكن محاربة الفساد إلا بوجود أرضية سياسية مجتمعية، مشيرا إلى ان الأرضية التي نتمتع بها، هي أننا نرتكز إلى منظومة نزاهة وطنية بالتعاون مع الجميع، والمنع بدأ يعطي ثمارا إيجابية وهناك آليات للردع.
وأضاف في جلسة حوارية نظمها منتدى الاستراتيجيات الأردني لتسليط الضوء على نتائج دراسة دعت إلى تبني "منظومة للسلوك والنزاهة: وسيلة لمكافحة الفساد" أن الهيئة تعمل على تفعيل منظومة النزاهة الوطنية وتطويرها، بالتركيز على تنمية القيمة الذاتية، التي مصدرها الدين وقيم المجتمع، والتي تعد خط الدفاع الأول، "ومهمتنا تحصين هذه القيم، ومنظومات مدونات السلوك تقع ضمن هذا الإطار، وهي تمثل الجزء القيمي الملزم أخلاقيا وليس قانونيا".
وبين أن الهيئة ترى ضرورة إعادة النظر بحوالي 1200 تشريع، تتراوح بين قانون ونظام وتعليمات، لازالت الثغرات والفجوات القانونية التي يستغلها البعض، وهم من ضعاف النفوس بمهارة، مشيرا إلى أن الفساد في الأردن مستويات أبرزها الفساد في الشركات الكبرى وهو المستوى الموجه إلى موارد الدولة وقد توقف، وأن الفساد الأصغر (الرشوة) في توسع ويتمثل في الرشوة التي تتم لقاء تقديم الخدمة العامة، وهناك عشرين قطاعا حددتهها الهيئة يمارس فيها هذا النوع من الفساد.
وقال إن الحوكمة الرشيدة تعد المعيار الأول في معايير النزاهة، وتنفيذها يسيطر على 75 بالمئة من منافذ الفساد التي يمكن تلافيها، خصوصا في إدارة المال العام (من خلال العطاءات المركزية).
وأكد أن القانون الحالي للهيئة أوجد حالة من حالات التحول في تعزيز النزاهة ومكافحة الفساد، في حالة الحكومة بشكل مباشر، وفي حالة القطاع الخاص من خلال هيئات الرقابة القطاعية ومن خلال دائرة مراقبة الشركات، لافتا إلى أن "استقلالية الهيئة منقوصة"، معللا ذلك لارتباطها من الناحية التنظيمية بنظام الخدمة المدنية، لكنه شدد على استقلالها السياسي، وقال "لم تتعرض الهيئة نهائيا إلى أي حالة من حالات التأثير السياسي".
وفي عرض حول تطور عمل الهيئة، قال أنه بعد تعديل قانون الهيئة والوصول إلى القانون الحالي، وجدت الهيئة نفسها غارقة في أكوام من ملفات الفساد، لافتا إلى أنه سابقا لم تكن الهيئة تمارس مهمة منع الفساد بسبب القانون، لكن اليوم باتت تمارس استباق الحدث بمكافحة الفساد والحماية من وقوعه.
وكان رئيس الهيئة الإدارية لمنتدى الاستراتيجيات الأردني عبدالإله الخطيب أكد، في معرض افتتاحه للجلسة الحوارية التي تم تنظيمها برعاية بنك الإسكان، أنه لا يمكن أن ننجح كمجتمع في درء الفساد دون التعاون والسير بتناغم بين القطاعين العام والخاص ومنظمات المجتمع المدني في مواجهة الفساد.
وأضاف أن مدونات السلوك مهمة جدا لكن "عدم تنفيذها وعدم وجود أدوات قياس للتنفيذ تبقينا بعيدين عن النجاح (في محاربة الفساد)".
وأكد أن المنتدى منفتح على تلقي ملاحظات حول دراسة "منظومة للسلوك والنزاهة: وسيلة لمكافحة الفساد" ونتائجها وذلك لإحياء الحوار بين القطاعين العام والخاص حول هذه القضية.
وقال الخبير الدولي في مكافحة الفساد، الدكتور محيي الدين توق إن دراسة منظومة للسلوك والنزاهة التي اجراها المنتدى مهمة، حيث أن هناك نقصا من جهة القطاع الخاص والدراسة هي خطوة أولى في هذا الاتجاه.
وأضاف ان الأردن خطا خطوات جيدة في مجال مكافحة الفساد منذ المصادقة على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد (UNCAC) وإنشاء الهيئة، مؤكدا أن البيئة التشريعية المؤسساتية لمكافحة الفساد "جيدة وإن كان فيها بعض الثغرات، والبيئة التشريعية مفعلة، لكن يمكن زيادة تفعليها"،مشددا على تفعيل التنسيق بين المؤسسات الرقابية.
وقال الدكتور توق ان هيئة مكافحة الفساد فاعلة ونشطة، مؤكدا إن معالجة الفساد تتمثل في الامتثال للقانون وبالشفافية وتعزيز المساءلة، وتحسين بيئة العمل وإصلاح البيئة الإدارية والتنظيمية، وتطوير الإفصاح المالي، ومعالجة التهرب الضريبي، وتطوير الحكومة الالكترونية، وزيادة كفاءة النظام القضائي.
وأكد الدكتور توق أن هناك جهودا بدأت في هذه المجالات، استجابة لما ورد في الأوراق النقاشية الملكية، "إلا أن هناك تحديات ومشكلات لابد من معالجتها سريعا".
وحول الاجراءات العالمية لمكافحة الفساد، بين الدكتور توق أن الأهداف الإنمائية المستدامة جعلت مكافحة الفساد قضية دولية ومجتمعية مفصلية وربطتها بالأمن في السلم الدولي والمجتمعي لكل الأطراف، وفيها أدوار تفصيلية للقطاع الخاص، فيما اعطى الميثاق العالمي لمكافحة الفساد (UNGC) دورا أساسيا للقطاع الخاص في مكافحة الفساد.
وقال إن قانون هيئة النزاهة ومكافحة الفساد أعطى للهيئة صلاحية التعامل مع قضايا الفساد في الشركات المساهمة العامة أو الشركات غير الربحية، كما شمل الجرائم الواردة في قانون الجرائم الاقتصادية ضمن تقرير الفساد .
وقال إن المطلوب من القطاع الخاص لمكافحة الفساد يتمثل في حوكمة شركات رشيدة، ورؤية ورسالة تعزز النزاهة والأداء السليم والمشرف، وقواعد صارمة للامتثال، ورقابة داخلية مستمرة، وشفافية في الإجراءات، ومساءلة فاعلة، ونظام للشكاوى، وحماية للمبلغين وقارعي الأجراس، ومدونات قواعد السلوك، وتعاون وثيق مع كيانات النزاهة في القطاع العام.
وردا على ملاحظات الحضور قال الدكتور توق إن أتمتة الإجراءات الحكومية تسهم في تقليل عدد الموظفين الذين يحتكون مع المراجع وهذا يساعد على معالجة جزئية للفساد الصغير (الرشوة البسيطة)، لكن تطبيقات التكنولوجيا تساعد على الفساد الكبير وأوراق بنما كشفت ذلك؛ فالفساد وغسيل الاموال يستفيد من البيئة التكنولوجية.
من جانبه، قال مراقب عام الشركات، الدكتور رمزي نزهة إن تبسيط الاجراءات ووضوحها من الموضوعات المهمة التي تحد من الفساد.
وأضاف "أن هناك مقاومة لتطبيق الحوسبة والحكومة الالكترونية في إجراءات الدولة حتى يبقى الموظف على اتصال مع المراجعين"، لافتا إلى أن تقليل الاحتكاك بين الموظف والمراجع يخفف من الفساد.
وحول تضارب أو تعارض المصالح، أكد أن النص الوارد حول هذا الموضوع في قانون الشركات بحاجة إلى تعديل؛ إذ ليس من السهل معالجة هذا الموضوع بدون التعديل، وهو مقترح ضمن تعديلات مواد القانون، داعيا إلى الزامية تطبيق قواعد الحوكمة في الشركات المساهمة العامة.
وقالت المدير التنفيذي لمنتدى الاستراتيجيات الأردني المهندسة هالة زواتي إن موضوع الدراسة مهم جدا للقطاع الخاص والعام، كما أنها مهمة للأفراد والمجتمع والاقتصاد الوطني بشكل عام، وتبني منظومة للنزاهة هي خطوة أولى، إلى جانب خطوات أخرى ضرورية، لمكافحة الفساد، "لكن الأهم هو الامتثال بهذه المنظومة".
وبينت أن تكلفة الفساد في العالم تساوي حوالي 6ر2 ترليون دولار وتعادل 5 بالمئة من الناتج المحلي الاجمالي العالمي، مع أكثر من تريليون دولار يتم دفعها على شكل رشاوى سنويا.
وأكدت أن الفساد يعد واحدا من أهم المشاكل السياسية والاقتصادية والاجتماعية عالميا وأنه يزيد من تكلفة الأعمال التجارية 10 بالمئة، ويؤثر على رواد الأعمال، لافتة إلى أنه كلما ازداد عدد الاجراءات المطلوبة في الدولة للقيام بعمل ما، ازدادت نسبة الفساد فيها، لأن زيادة الاجراءات تزيد من احتكاك الموظفين بالمراجعين.
وأشارت إلى أن ترتيب الأردن في مؤشر مدركات الفساد 48/100 وذلك بالمرتبة 57 من أصل الدول المشاركة بالمؤشر، مبينة أن انخفاض درجة واحدة على مؤشر مدركات الفساد ينعكس بانخفاض 9 بالمئة في حجم الاقتصاد غير الرسمي.
واثنت على تعاون غرفة التجارة الأميركية في الأردن ومساعدتها في وضع إطار ميثاق اخلاقي بالتعاون مع هيئة النزاهة ومكافحة الفساد، مشيرة الى انه يمكن لشركات القطاع الخاص أن تستفيد منه.
وطلبت المهندسة زواتي من هيئة النزاهة ومكافحة الفساد إعطاء حوافز للشركات التي تتبنى منظومة السلوك وتلتزم بها وتحصل على الاعتمادية، داعية إلى أن تبدأ بتطبيقها بالشركات التي تساهم فيها الحكومة.
ودعا المشاركون في الجلسة الحوارية إلى الاهتمام بالموظف العام وتحصينه ضد الوقوع بالفساد، والاهتمام بأتمتة الإجراءات المطلوبة لتنفيذ العمل واعادة النظر فيها واختصارها لضمان مكافحة الفساد وزيادة الشفافية.
كما دعوا إلى تخفيف التشدد في الإجراءات كونها تمثل مدخلا للفساد والرشوة، وكون تسهيل العمل أهم مدخل لمكافحة الفساد، فيما أكدوا على أهمية استقلال هيئة النزاهة ومكافحة الفساد، خصوصا من الناحية الإدارية.
بترا