المهندس اكثم الصرايرة
اما و قد حطت الانتخابات رحالها ، و نجح من نجح و اخفق من اخفق ، تكون الحكومة في حال كانت نسبها المعلنة هي نسب حقيقية و ليست وهمية كما جاء على لسان لجنة المتقاعدين العسكريين و الاخوان الذين شككوا فيها ، و لأن هناك مؤشرات تدل على وجود تلاعب في النسب ، لعل اهمها رفض الحكومة الافصاح عن نتائج الذين اخفقوا في الانتخابات و ذلك خوفا منها من ظهور النسب الحقيقة ، و لا اخفيكم سعادة قطاعات كبيرة و شماتتهم برسوب من ظنوا انفسهم من المخلدين حتى لو شمننا رائحة تلاعب في نتائجهم ، تكون الحكومة قد نجحت الى حد غير متوقع في حشد نسبة من المقترعين مساوية لنسب الانتخابات السابقه تقريبا بعد ان حرمتها المقاطعة من تحقيق نسبة قياسية كانت تتوق و تسعى جاهدة للحصول عليها ليسجل لها التاريخ هذا الانجاز نظرا لحجم الحملة الاعلامية الهائله المرافقة لها و التي لم يسبق لها مثيل في تاريخ الوطن.
لقد كان نجاحها يتمثل بالمحافظه على نسبة اقتراع مساوية للنسبة السابقه في ظل حجم الاحباط العام الذي كان يلف الرأي العام و كان ينذر بكارثه انتخابية لولا تدخل الحكومة بكل ثقلها و اساليبها و تسخيرها لكل امكانياتها لحث الشعب على الانتخاب و الذي نرجو ان لا يأتي يوم يلوم نفسه فيه .
لن نعتبر نزاهة العملية الانتخابية النسبية انجازا ، لانه واجب و فرض وليس اسثناء قصرت فيه الحكومات السابقه ، و لا يشكر المرء على القيام بواجبه ، وان كان موضوع الدوائر الهلاميه وطريقة توزيعها يعد نوعا متقدما و مبتكرا من انواع التزوير،لانها حرمت متنافسين من نفس الدائرة و نفس المنطقة من فرصة النجاح المتساوية ، فبأي عرف او قانون ينجح من يحصل على 2000 صوت و يرسب من يحصل على 4000 صوت و هم ابناء نفس المنطقة ، ولكن يبقى ما حصل يوم امس من نزاهة نسبية و من منظور شامل و عام جيد .
ان الكرة الان في ملعب الحكومة بعد ان استجاب الناس و غيروا الكثير من الوجوه السابقة و اطاحوا بمن اعتبروا انفسهم اهرامات لا تزحزح الا بالموت ، و استجابت الحكومة لضغط الجماهير و حيدت الكثير من الشخصيات الجدلية التي اسأت للديمقراطية و للشعب و يكفي ذكر نجاحها لأثارة الشكوك حول نزاهة الانتخابات لما عرف عنها من فساد و ان كان قلة منهم قد عادوا ، و ها قد اتتت وجوه جديدة و لو كانت من نفس طينة الذين ذهبوا ، و اقصد ان اغلبهم ليسوا بالحزبيين و لا بالنقابيين و لا بالمسيسين، بل اناس يتحسسون خطواتهم الاولى في عالم السياسة و سيحاولون ان يصنعوا لهم تاريخا و اسماء و شعبية اكبر من تلك التي نجحوا بها لانها كانت متدنية لمعظم النواب .
اذن فالحكومة الان هي المسؤولة عن نجاح هؤلاء النواب في مهمتهم النيابية ، كونها مسؤولة بطريقة غير مباشرة عن نجاحهم المصبوغ بلون عشائري واحد بعد ان غابت الاحزاب الحقيقة و الشخصيات السياسية الوطنية، و لكي تكمل نجاحها الانتخابي يجب ان تساعد هؤلاء النواب حديثي النشأه على القيام بواجباتهم التشريعية و الرقابية بأكمل وجه ،وذلك بالابتعاد عن تقديم كل اشكال الرشوة المبطنة لهؤلاء النواب ،من سيارات و مقاعد جامعية و شيكات مالية و تعينات استثنائية و سفرات مجانية و امتيازات لشركاتهم و مؤسساتهم محاباة و غيرها من الامور التي تفسد اي شخص و أي نائب و التي اعتادت الحكومات السابقه على تقديمها ، و التي من شأنها ان تفتح عيون النواب على مغريات و مكتسبات تنسيه دوره المنتخب لأجله و تنسيه حتى هموم قاعدته فيقضي جل وقته باحثا عن مضاعفة هذه الامتيازات ، و اخص بذلك اصحاب الشركات و التجار من النواب والذين منهم من صرف الالاف للنجاح متطلعا لتعويض خسائره بعد النجاح.
و الان كلنا نرجو من الحكومة ان تلتزم بمصداقيتها التي بدأت بتكوينها الان ، و ان لا تطيح بإنجازها في الهواء ، و تنسخه بتحويل مجلس الشعب لمجلس منتفعين و مصلحجيين ،فإن وجد النائب انه لا جدوى من التملق للحكومة و تقديم التنازلات انتبه لدوره و قام به على اكمل وجه ،علهم يعوضون بذلك جزء من غياب الاحزاب و السياسيين الوطنيين .
و لتعلم الحكومة بأن الشعب هذه المرة لن يرحمها بعد ان ملأت الدنيا ضجيجا و تطبيلا للانتخابات و لحث الناس للتصويت، فلا يضيعوا تعب الناس و يخسروا ثقتهم من جديد و يطبقوا المبدأ القائل (أنا ومن ورائي الطوفان) معتمدين على انهم بعد اربع سنين لن يكونوا موجودين و نجاحهم الاني هو المطلوب ، فالشعب الاردني لن ينسى اي غدر جديد ، فلا تحولوا نوابهم الى مجرد تابعين عن المكتسبات باحثين و لناخبيهم مهملين، لانه سوف يأتي يوم يلعنكم فيه الشعب كما لعن الذين زوروا ارادة الشعب من قبل ، و قولي هذا ينفع ان كنتم لسمعتكم محافظين ، و اعتقد هذه المرة انكم كذلك .
و ليعلم مجلس النواب ان الشعب و الصحافه ستراقبهم و تراقب ادائهم ،و كما تعالت صيحات خالد محادين في مقالته الشهيره _مشان الله يا عبدلله_ فسيظهر الكثير الكثير من امثال محادين، و سيطالبون برحيلكم ان انتم قصرتم، فلا تعيدوا نفس الاخطاء ، و لا تتناسوا انكم انتخبتم لخدمة الشعب و ليس لتغتنوا على حساب الشعب ،و ان سيد البلاد يراقبكم و يستمع لشعبه ان هو غضب منكم ، و فوق ذلك تذكروا انكم تحملون امانة باعناقكم و تذكروا يوما تقفون فيه بين يدي سيد العباد .
لقد نجحت الحكومة ولكن ببقى هناك ما يجب عليها ان تكمله.