مع انقضاء يوم الانتخاب بدأت تظهر ملامح القائمة النهائية لممثلي الشعب في مجلس النواب السادس عشر ، هذا المجلس الذي جاء بعد عملية إجهاض للحمل ثقيل الظل السابق ، وهو الابن الشرعي للديمقراطية الأردنية التي أفرزتها العشائرية والمناطقية الأردنية بأسلوب متحضر أو شفاف يعبر عن مدى رقي الدولة الأردنية وأجهزتها الأمنية والمدنية ، رغم ظهور بعض الأحداث التي لم تعكر صفو هذا العرس ، وربما سقوط الكثير من أقطاب المجالس السابقة عن قائمة المجلس الحالي دليل قاطع على رغبة الشعب بالتجديد والتغيير ، إضافة إلى الحقيقة بحيادية الحكومة في التعامل مع جميع المرشحين تلك الأسماء .
بظهور 78 نائب جديد لأول مرة في البرلمان يعني وجود 78 وجهة نظر جديدة في مختلف الملفات الاقتصادية والسياسية التي ستعرض على أعمال المجلس القادم ، هذا يتطلب توحيد تلك الوجهات في واحدة تصب في خدمة قضايا المواطن الأردني وبالنهاية تحقيق الهدف الأبعد هو خدمة الوطن .
فالآن انقضى السباق العشائري ومنذ هذه اللحظة تحول نواب العشائر على اختلاف مناطقهم وعشائرهم إلى نواب وطن وتوحدت وجوههم وألوانهم بألوان العلم الأردني ، وأصبح هدفهم خدمة الوطن والدفاع عن قضاياه ، ونسيان الماضي ونبش الصراعات الانتخابية وتصفية الحسابات تحت قبة البرلمان .
هناك الكثير من الملفات المهمة التي سيتعامل معها المجلس الجديد وربما يعد الملف الاقتصادي من أبرز هذه الملفات ونحن على أعتاب سنة مالية جديدة مليئة بالتحديات الاقتصادية والتي في مقدمتها تأمين موارد مالية لتمويل برامج الإنفاق في السنة الجديدة ، وهذا يتطلب وجود بعد نظر اقتصادي لدى أعضاء المجلس الجديد والابتعاد قدر الإمكان عن الأدوات التقليدية كرفع الأسعار وزيادة أعباء المواطن المعيشية ، لتمويل العجز المالي لديها .
المجلس الجديد بحاجة إلى إقرار حزمة من التشريعات التي تكفل رفع مستوى دخل المواطن وتعويضه عن قيمة الانخفاض السابق في دخله ، وإقرار آلية جديدة لتسعير المشتقات النفطية من شأنها تحقيق الاستقرار السعري والاقتصادي والمعيشي للأردنيين ، والعمل على إعادة النظر بقانون المعونة الوطنية وحزمة الأمن الاجتماعي ، كما لا بد أن يكون هناك وقفة مع إقرار نظام جديد لمراقبة الأسواق مع وضع ضوابط وأسس لعدم المساس بتنافسية الأسواق ، وكذلك نبذ الاحتكار ومحاربة جشع التجار والغلو في رفع أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية وكل ذلك في ظل ضعف وزارة الصناعة والتجارة عن القيام بدورها في هذا المجال .
هناك المزيد من الحاجة إلى تشريعات جديدة لضبط عملية إصدار السندات الحكومية وعدم المبالغة في هذا الجانب على حساب سحب السيولة النقدية من المستثمرين فضلاً عن توجيهها إلى مجالات وقطاعات استثمارية جديدة مدرة للدخل ومولدة لفرص العمل .
وفي هذا المكان تبرز الحاجة إلى إصلاح قطاع التعليم العالي الذي عانى من التخبط وعدم الاستقرار في الفترة السابقة في مجال إقرار التشريعات والأسس المعنية بتعيين الإدارات العليا في الجامعات مع تغييب للتشريعات التي تبحث في رفع مستوى دخول أعضاء هيئة التدريس وإيجاد آليات جديدة تحد من هجرة العقول وبيوت الخبرة في الجامعات الأردنية .
سوق العمل أيضاً بحاجة إلى إيلاءه المزيد من الاهتمام في ظل ضعف وزارة العمل عن مواجهة تغول العمالة الوافدة ، والتقليل من ظاهرة المصرنة في الأسواق المحلية ، وهذا الأمر له انعكاسات مهمة على الجانبين الاقتصادي والاجتماعي ، والاهتمام بالتشريعات التي تكفل خلق فرص العمل الجديدة للشباب وقضية الأراضي الأميرية وتوفير الدعم المالي الكافي لها لإنشاء مشاريع صغيرة مدرة للدخل وموفر ة لفرص العمل .
النجاح لا يعني \" لف العباية \" على اليد وركوب سيارة المجلس وحضور الأعراس والأتراح ، ولكن النجاح يعني العمل لخدمة البلد والقاعدة الانتخابية التي سيعود إليها هذا النائب بعد أربع سنوات من الآن يستجدي أصواتهم من جديد .
الدكتور إياد عبد الفتاح النسور
Nsour_2005@yahoo.com