بقلم: محمد حسن العمري
حسمت، نتائج ما أسمته الحكومة الاردنية \"العرس الانتخابي!\" لكن بمراسم جنائزية، لم تكن مثيرة..!
ليس ذلك لما رافقها من عنف، وضحايا، فهذا شأن يحدث في الدول الاكثر تقدما، والأكثر ديمقراطية، بل في النتائج شبه النهائية للانتخابات التي تعيد للاذهان، الواقع الذي حُل من اجله مجلس النواب الاردني السابق.
النتائج، تعيد الحالة السياسية الأردنية إلى المربع الأول الذي سبق عام واحد من اليوم.
مجلس نواب يغري بتمرير القوانين والتشريعات، لكنه يغري بالحل أكثر.
***
تمت الانتخابات وضمن شهادات دولية بنزاهة مطلقة، لكنها افرزت مجلسا لم يكن بالبعيد في تركيبته عن المجلس الذي حله الملك وسط اجواء ساخطة في الشارع العام، تبدلت بعض اسماء المال السياسي في اهم دوائر العاصمة عمان، فيما تبدلت اسماء عشائرية ليس لديها اي خبرة سياسية في اغلب محافظات والوية الاردن، وهي ما يمكن الزعم انها تشكل الهيكل الاكبر لتركيبة المجلس القادم الذي اعلنت غالبية اسمائه،و في نكهة سياسية لا تكاد تذكر نجحت اسماء بخلفية سياسية سابقة، مثل بسام حدادين وجميل النمري ومصطفى شنيكات، وفازت ثلاثة رموز وطنية عتيدة مقربة من صنع القرار، كان يتوقع فوزها بسهولة، وهم رئيس الوزراء الاسبق فيصل الفايز والوزير المخضرم عبدالله النسور وكذلك الوزير ايمن المجالي، فيما مني رئيس مجلس النواب الاسبق سعد هايل السرور بخسارة موجعة، وفاز بعض من استقال من مجلس اعيان الملك مثل سميح المومني ومحمد الذويب التعمري وسقط بعضهم مثل عيسى العابد الريموني، وخسرت رموز سياسية وعددها قليل كانت قد اشتركت بالانتخابات شأن عبدالله العكايلة الاخواني السابق والنائب العتيد منذ اواسط الثمانينات، وكذلك محمد الحاج الذي انشق عن الاخوان بعد ان شارك معهم في انتخابات عام 1989 و1993 وترشح بصورة فردية في الانتخابات التي تلتها في دائرة ليس فيها تنافس حميم ، وكذلك خسر نقيب المحامين الاسبق والنائب القومي الاسبق حسين مجلي، فيما ابقت بعض الدوائر التقليدية على نواب لهم باع طويل من تيارات وسطية مثل عبدالكريم الدغمي ومحمد ابوعليم ومفلح الرحيمي وعبدالله الزريقات، وابقت العشائر السائدة على حضورها حسب دوائرها، وبقية مرشحي العشائر الفائزة من الوجوه الجديدة التي لا تمتلك خبرة سياسية، المعتدلة والمقربة من القرار السياسي الرسمي.
وعلى صعيد التحليلات الخاصة بنتائج الانتخابات، خسرت اسماء مهمة كان يراهن على فوزها، مثل امين عمان الاسبق نضال برجس الحديد ومحمد ابو هديب، ورئيس نادي الوحدات طارق خوري، وفي ظل غياب شبه تام للتوجهات السياسية استحوذت العشائر على حجمها من التمثيل النيابي، فابقت عشائر بني حسن على تمثيلها في كل من الزرقاء والمفرق، وكذلك العبابيد في عمّان رغم خسارة مرشحها في الدائرة الخامسة ابقت على الدكتور ممدوح العبادي والمناصير، وفاز اثنين من عشائر الرواشدة في محافظات الجنوب، واثنين من عشائر العمري في الوية الشمال واثنين من عشائر الخريشا في بدو الوسط،واثنين من العدوان في كل من عمّان والبلقاء، وتقاسمت العشائر الرئيسة على نسق فريد مقاعد محافظتي البلقاء والكرك، حسبما اقتضته الدوائر الوهمية الفرعية، وكذلك ابقت عشائر القضاة والمومنية على مقاعدها في محافظة عجلون، والعتوم والزريقات في جرش بالاضافة الى مقعد للعياصرة، وفي عمان اعادت عشائر اللوزي مقعدها ، ومقعد اخر للعجارمة واستوت عشائر الدعجة على ثلاثة نواب، وفي اربد كان للعشائر الكبرى كلمتها كذلك، بني هاني والبطاينة والعبيدات. واستحوذت كبرى العشائر على بقية الوية الشمال كالكورة والرمثا والاغوار الشمالية التي حصل نائبها على اعلى الاصوات في الاردن في الفرز الاول، فيما كان هناك اربعة من رجال الاعمال يفوزن بمقاعد بدوائر صعبة في عمّان.
على الصعيد الحزبي، حيث فاز فقط خمسة مرشحيين رسميين من التيار الوطني الذي يتزعمه رئيس المجلس السابق عبدالهادي المجالي، رغم ان رئيس الحزب اعلن ان القائمة غير المعلنة تزيد عن العشرين نائبا، ومعلوم ان جبهة العمل الاسلامي واحزاب المعارضة الرئيسة لم تشارك في الانتخابات.
وفي مجمل المقاعد العامة الاخرى، بقي لون المجلس كحاله فيما سبق، وكحاله يوم حل قبل عام واحد، وهو مجلس لن يكون صلبا حال المجالس التي سبقت ذلك، وقد ساهم الاردنيون الذين انتخبوا شخصيات تجارية بالمال السياسي، بتزوير هذا المجلس، وساهم الأخوان المسلمين بمقاطعتهم بتزوير الانتخابات كذلك، وساهمت بذات الامر العشائر التي تمسكت بابنائها عديمي الخبرة في العمل السياسي، الذين هشموا وجه المجلس السابق عندما وصلوا بطريقه شابها اللغط يومئذِ، وعاد اكثرهم بغطاء عشائري هذا المرة..!
***
نقلت وكالات انباء دولية ومحطات تلفزة، قبل عام واحد، صورا حية للأردنيين يوزعون \"الكنافة\"، حلويات الافراح، بعيد قرار الملك عبدالله الثاني بحل مجلس النواب السابق الذي فشل، في ادارة التشريعات، وانخرط في إدارة نفسه وتحقيق مكاسب فردية، وصراع خاو مع الإعلام الأردني، الرسمي والخاص.
ما بين عام، وحل مجلس النواب السابق، وما بين اليوم حيث ضمنت الحكومة نزاهة هذه الانتخابات التي جاءت بغياب الحركة الاسلامية التي فقدت نحو عشرين مقعدا كانت بصدد الفوز بها في الانتخابات السابقة لولا تدخل جهات معينة حالت دون تحقيق ذلك، ما بين حالة التزوير الاولى وحالة النزاهة الاخيرة، كانت النتيجة واحدة، متطابقة الى ابعد ما يمكن به الوصف.