زاد الاردن الاخباري -
ترى الكاتبة الأسترالية سمانثا بريت أنّ الرجال ينقسمون إلى فئتين؛ فئة تنتمي إلى هذا الزمان بكل ما فيه من عيوب ومثالب، وتمثل الأغلبية، وفئة نادرة، تمثل القيم التي درج الناس على ربطها بالفروسية والشهامة والوفاء. وتعتقد أنّ الفئة الثانية تسير – ويا للأسف – في طريق الإنقراض.
وبصرف النظر عن أثر تجربتها الشخصية في تشكيل حكمها على رجال العالم، فإن هذه الكاتبة تنبري جاهدة في تفصيل السمات المشتركة بين الرجال الذين ينتمون إلى زمانهم المغرق في المادية. وهي تعدد تلك السمات من وجهة نظر المرأة أي من واقع أثر سمات شخصية الرجل في المرأة التي قيّض لها أن تشارك الرجل مسيرة حياته. ومن أنواع الرجال، بحسب سمانثا:
1- أوّلاً: رجل لا يهتم بمشاعرك، وجل ما يهمه هو البقاء في قلب الإهتمام. هذا الرجل ربّما يكون من النوع الظريف الميال للدعابة، لكنها دعابة ترمي إلى جلب إنتباه الآخرين، وضمان بقاء الرجل في دائرة الضوء بغض النظر عن أثرها في الآخرين، وتحديداً الزوجة.
هذا النوع من الرجال ليس نادراً، إننا جميعاً نعرف نماذج منهم. فهم يحسنون إطلاق النكات والقفشات، ولديهم حضور جيِّد؛ إذ بمجرد دخولهم إلى جمع من الناس فإنّهم يكشفون عن "كهرباء" جاذبة تجعل الآخرين يرتاحون لوجودهم ويتهللون للوقت الذي سيمضونه بينهم.
وعلى الرغم من جاذبية هؤلاء الرجال، وقوة شخصيتهم، فإنّهم غالباً ما يكونون أزواجاً مُتعِبين. إنّهم محبوبون من الآخرين، أمّا في علاقاتهم العاطفية فالأمر مختلف.
وتقول امرأة في تعليق على مقال لسمانثا حول هذا النوع من الرجال: اعتاد زوجي السابق أن يكرس صورته كشخص كوميدي لديه حس دعابة قوي. وكان كثيراً ما يسعى لتمرير الدعابات والمقالب على حسابي، بمعنى أن ذلك يتم بالإستهزاء بيّ، أو عبر البوح بمواقف تمثل حطّاً من سلامة تفكيري وحسن تصرفي. وفي المرّات التي كنت أعبِّر فيها عن احتجاجي بأن أمتنع عن الضحك وأرمقه بنظرة خاصة، كان يتهمني بالحسّاسية المفرطة، ويقول إن ما يعنيه هو مجرّد الدعابة والمرح. وفشلت كل محاولاتي فإفهامه بأنّ الرسائل التي تصلني تختلف عن ذلك المفهوم، وفي نهاية المطاف، فإنني اضطررت إلى العيش لسنوات في ظل مقالبه و"قفشاته" غير اللطيفة.
2- ثانياً: رجل يتسم بالسلوك الأناني، ولا يرى إلا نفسه. عندما يرى الرجل العالم من خلال صورته الخاصة، ويعتبر أنّه يمتلك الحق والحقيقة، وأنّه يجب أن يحظى بالإصغاء عندما يتكلّم، وأنّه يمتلك الحق الحصري في مقاطعة الآخرين إنطلاقاً من إيمانه بأنّه هو صاحب الرأي النهائي والسديد، فإن طرق الحوار الثنائي الإتّجاه تبدو أقرب إلى الإنسداد.
ومن أمثلة الرجال الأنانيين أولئك الذين يسمحون لأنفسهم بأن يعيشوا الحياة طولاً وعرضاً، وأن يسهروا مع أصدقائهم ويمضوا أوقاتاً طويلة خارج البيت، من دون أن يعيروا اهتماماً كبيراً لمشاعر من ينتظرهم في البيت، سواء كانت الزوجة أو الأولاد. وقد أوردت سمانثا مثالاً على ذلك من تعليق كتبته امرأة على مقال لها أشارت فيه إلى معاناتها مع زوجها السابق الذي يضع حاجاته ورغباته فوق كل اعتبار: كان كل ما يهمه هو أن يمرح ويلهو مع أشخاص لا أعرفهم. وحتى في المرّات التي كنّا نتفق فيها على الخروج في نزهات أو زيارات عائلية، كان يمكن لأي مشروع من ذلك النوع أن ينتهي في اللحظة الأخيرة، إذا ما تلقى مكالمة من أحد أصدقائه يقترح فيها عليه مشروعاً آخر. وفي بعض الأحيان كان يغير رأيه من دون أن يكون في الأمر مشروع من ذلك النوع؛ كل ما في الأمر أنّ شيئاً ما يخطر بباله، فيقرر إلغاء مشوار عائلي، ويشرع في خطة تتلاءم مع رغباته الشخصية.
3- ثالثاً: رجل بمعايير مزدوجة. مثل هذا الرجل يتمتع بعلاقات واسعة ومتشعبة، ويسمح لنفسه بأن يتلقى مكالمات من زميلات له في العمل؛ أو يدعي أنهنّ زميلات في العمل. لكن الويل كل الويل لزوجته إن إكتشف أنها تتحدث إلى زميل في العمل، حتى وإن كان متأكّداً من حديثها مع ذلك الزميل هو في صميم العمل وليست له أبعاد أخرى.
واستشهدت سمانثا بشكوى بعثت بها امرأة تقول فيها إن زوجها يتمتع بعلاقات واسعة على موقع "فيس بوك"، وإن مجموعته تضم أشكالاً وألواناً من البشر من الجنسين، لكن ذلك الزوج استشاط غضباً عندما وجد عن طريق المصادفة أنها تتواصل مع مجموعة تضم رجالاً عبر حسابها الخاص على "الفيس بوك". ومثل هذا النوع من الرجال ليس نادراً، إنّه يمثل السواد الأعظم من رجال هذا الزمان الذين يتمتعون بالحق الكامل في الدردشة مع نساء ورجال عبر "المسنجر" و"الفيس بوك" وغيرهما، وتنتابهم قشعريرة شديدة عندما يتخيلون أن زوجاتهم يسمحن لأنفسهنّ بالتمتع بالحق نفسه. إنها معضلة المعايير المزدوجة التي يبرع الرجال في تبريرها بأشكال عديدة، لتغطية تصرفاتهم الملتوية.
4- رابعاً: رجل يتوانى عن دعم ومساندة الزوجة. عندما تكونين تحت الحمية الغذائية، فإن آخر شيء تتمنينه هو أن تري المائدة أمامك مملوءة بما لذ وطاب من الأطعمة الدهنية والنشوية وغير ذلك. والأسوأ من ذلك هو أن تكوني مضطرة إلى إعداد تلك الأصناف بنفسك لأن زوجك لا يستغني عنها، وهو يعلم أنّك محرومة منها بحكم الحمية الغذائية. إنّ هذا الموقف يعد تجسيداً واضحاً للرجل الذي لا يفكر في مساندة زوجته في خططها. ومع أنّ هذا الموقف بحد ذاته ليس خطيراً، إذ بمقدور المرأة الصمود على أي حال، فإن مساوئه تتمثل بأنّ الرجل الذي يتوانى عن مساندة زوجته في المواقف الصغيرة، سيتوانى عن فعل ذلك أيضاً في المواقف الكبيرة.
إنّ جوهر العلاقة الزوجية يقوم على المساندة والدعم؛ على أن يتصرف كل طرف باعتبار أنّ الآخر هو الأهم بالنسبة إليه. هذا هو جوهر الشراكة الزوجية، وهذا ما يجعل الشراكة الزوجية مختلفة عن الشراكة في مطعم أو متجر.
5- خامساً: رجل بخيل جدّاً، ربّما لا يكون البخل المقصود مرتبطاً بالمال في كل الأوقات، فالبخل قد يتعلق بالوقت، إذ يستنكف الرجل عن قضاء وقت مع زوجته، معتبراً (وإن لم يفصح عن ذلك) أن ذلك هدراً، وأنّه من الممكن أن يمضي وقته على نحو أكثر فائدة وجدوى. ثمّ إنّ الناحية المادية مهمة؛ لِمَ لا؟ فأي قيمة للرجل إذا كان يبخل على زوجته بدعوة إلى العشاء من وقت إلى آخر؟ هذا الموضوع لا علاقة له بالقدرة المالية، وتقول سمانثا إنها تعرف أناساً بالكاد يمتلكون قوت يومهم، ومع ذلك فإنّهم يوفرون القرش فوق القرش من أجل يتمكنوا من تأمين عشاء رومانسي ولو لمرّة واحدة في الشهر.
من المعروف أنّ المرأة كائن بسيط عندما يتعلق الأمر بالهدايا والدعوات، وأصعب النساء مراساً وأعكرهنّ مزاجاً يمكن أن تلين أمام هدية لا تتعدى قيمتها المادية بضعة دولارات، فهي تميل إلى تفسير الهدية بأبعاد ربّما لا تخطر ببال الرجل؛ إنّه يهتم بي، يفكر بي، يضعني في مكاني اللائق ضمن أولوياته، يحبني، لا يقوى على إغضابي... إلخ. وقد لا يتعدى ما يفكر به الرجل عشرين في المئة من تلك المعاني الجميلة والرومانسية.
بعد هذا التوصيف لرجال هذا الزمان، تَعِدُ سمانثا بمقالة جديدة تتحدث فيها عن رجال "زمان أوّل"، أولئك النفر الآيلين نحو الإنقراض، والذين يتعين علينا – معشر النساء – أن نفتّش عنهم ونشجعهم لعلنا، على الأقل، نؤخر إنقراضهم بعض الوقت.