كيف نترجم حبنا للأردن؟؟ ما هو واجبنا نحن بلد نعيش من خيراته وننام على ترابه؟؟ في الاردن يعيش ما يزيد على خمسة ملايين مواطن من شتى الأصول والمنابت. وهؤلاء المواطنين عليهم واجبات كما لهم من الحقوق. وربما يتفق الكثيرين من أبناء هذا الشعب على تقصير الحكومات المتعاقبة في إيفاء حقوق المواطنين. وربما ليس هناك الكثير مما يفعله غالبية الشعب تجاه واجباته، فالدولة تجبره دائماً على أداء واجباته برضاه أو رغماً عنه... ولكن هناك الكثير من أبناء البلد الذين لديهم القدرة على تقديم الكثير لأبناء وطنهم ولا يقومون بذلك. هناك الكثير من أصحاب الملايين، بل ومئات الملايين، ولا يقدمون لهذا البلد الذي منحهم هذه الأموال شيئاً يذكر.
لا بد وأن القوانين الأردنية – كما في جميع الأنظمة الغربية– لديها محاباة واضحة للأغنياء على حساب الفقراء، وذلك من قبيل تشجيع الاستثمار ودعم الرأس المال الوطني أو الأجنبي. وهذا ما يحصل معنا ، أما ما لا يحصل فهو في مقارنة مدى انتماء الفرد الغربي لبلده، ومدى انتماء الأردني لبلده...
في الأردن ربما لا نجد مشاريع تذكر للمجتمع المدني غير دفع بعض الأموال في رمضان والأعياد للفقراء أو بناء بعض الجوامع وكتابة أسمائهم عليها (مع أن المطلوب دينياً أن لا تعرف اليد اليمنى ماذا تعطي اليسرى) أو عمل بعض الحدائق الزهيدة التكلفة. ومن البديهي أن الجميع يُشكر على أي عطاء من أي ميسور.
وربما كانت \"مكتبة عبد الحميد شومان\" في جبل عمان هي المثال الحي الوحيد على مشاريع المجتمع المدني الذي نحتاجه في بلدنا.... فالمشاريع المطلوبة هي المشاريع التي قصرت الدولة في تغطيتها وهي كثيرة.. وربما كانت المستشفيات من أولوياتها الأولى، ولا أزال أذكر خلال دراستي في أثينا أن عشرة مستشفيات ضخمة قد أنشئت من قبل أغنياء وجُهزت بالكامل ثم جرى تقديمها كهبة للمجتمع المدني تحت إشراف جزئي للدولة. وهناك المئات من المدارس الحديثة التي من الممكن ان تبنى أو يتم تأهيل الكثير من الموجود منها من جديد في مدن وقرى المملكة.. فمجالات الصحة والتعليم هي مجالات لا تنضب من حيث إمكانية استيعابها لمشاركة الأغنياء في المجتمع المدني .
ألأغنياء في بلدنا مقصرون وبامتياز في مشاركتهم المجتمعية... قبل عدة شهور نشرت الصحف أسماء الخمسين عائلة الأغنى في الأردن. فهل شعر المواطن أن هؤلاء الأغنياء قد قاموا بواجبهم نحو الوطن الذي جعلهم أغنياء ؟؟ أليس في التاريخ والحاضر ما يكفي من أمثلة تدفعهم إلى العمل المجتمعي ... أليس في قصة خلفاء وصحابة الرسول المقتدرين في تجهيزهم لجيوش المسلمين أو في شراء آبار المياه ووضعها بتصرف العامة ، اليس في هذا عبرة !!!! أليس في وضع معظم مليارات صاحب ميكروسفت \"بول غيتس\" في الجمعيات الخيرية عبرة !!! أليس في بناء الشوارع والمستشفيات والمدارس والمراكز الصحية في أوروبا عبرة !!!! أليس في بناء المكتبات العامة حتى في بعض الدول العربية عبرة !!!! هل العبرة الوحيدة التي أخذوها هي في زيادة وتكديس أموالهم والكثير منها في البنوك الاروبية؟؟....
إن أغنياء الأردن مقصرون. وليس صعباً أن نتهمهم حتى في ولائهم وانتمائهم إلى هذا البلد التي يعيشون على ترابه... إن الأردن بحاجة إلى من يحبونه وليس لمن يدعي أنه أردني فقط ، فلم تكن درجة الأنتماء في يوم من الايام إلا بمقدار ما يقدمه الفرد لبلده .
د . معن سعيد