في كل صباح من صباحات مدارسنا ، تكون الإذاعة المدرسية نقطة البدء ل يوم دراسي جديد ، وعنوان للنشاط والالتزام والاهتمام ، وإذا كان الأمر هكذا ، فلا بد أن يكون للإذاعة المدرسية أثر إيجابي في بناء شخصية الطلاب والطالبات وصقلها ، وجعلها أكثر اجتماعية وتواصلا ، فيما بين الطلبة والمعلمين في بيئة مدرسية قادرة على تبني قدرات ومواهب طلابها وصقل شخصياتهم ، ولا بد للهيئات المدرسية أن تُحسن استغلال الإذاعات المدرسية وتوظيفها بشكل فاعل ، وإعداد برامج فاعلة مفيدة ، من خلال زيادة وقت الإذاعة ، لتحمل في رسالتها معنى ومضمونا ، مع احتساب هذا الوقت ك جزء من العملية التربوية والتعليمية ، وتساهم في جذب الطلبة للمشاركة والمساهمة الفاعلة يوميا في هذه الإذاعة ، وأن تكون بعيدة كل البعد عن قالبها الروتيني المعد مسبقا ، والمقتصر فقط على صراخ وعويل المعلم والمعلمة ، وإعطاء الأوامر والتعليمات ، ولا يخلو الأمر أحيانا من الشتم والذم ، ثم إلقاء بيت من الشعر الوطني دون أن يفهم احد معناه ، ثم السلام الملكي مع رفع العلم ، ثم أغنيات وطنية ل فلان وفلان ، لا تسمن ولا تغني من جوع ، ولا تبعث روح الوطنية في احد ، وكل ذلك عبر مكبرات صوت يسمعها من في القبور .
أكاد أجزم أن الإذاعة المدرسية إذا ما أحسنا التعامل معها ، هي عامل نشاط عقلي ووجداني يُعبر الطلاب من خلالها عن رغباتهم وميولهم وآرائهم ، الاجتماعية والثقافية والتعليمية ، ضمن السياسات التربوية التعليمية ، واهتمامات العاملين في المجال التربوي والتعليمي ، وعلى الإدارات المدرسية مراعاة تلك الميول والرغبات وتنميتها ، والعمل على إشراك جميع الطلاب والطالبات في الإذاعة طيلة العام الدراسي ، ولا يجب بحال من الأحوال أن تقتصر الإذاعة المدرسية ، على بث الروح الوطنية لدى الطلبة ، بل يجب أن يتعدى ذلك إلى بث روح المشاركة واكتساب الثقافة وصقل الشخصية وبناء الإنسان ، ولا بد من التنويع في مواد وبرامج الإذاعة ، فلا تقتصر على الخطابات المملة والمقالات المنقولة والأخبار التي لا تعنيهم ، وخاصة إذا علمنا إن البيئة التعليمية ، هي الحاضنة الأساس لكل الطلبة ، وهي المسئولة عن توجيههم التوجيه السليم المباشر وغير المباشر نحو النجاح والتقدم والتطور ، أو هكذا هو المفروض أن يكون .
إن الإذاعة المدرسية إذا ما أحسن أهل التربية والتعليم استغلالها وتطوير أسلوبها ، والإعداد لها واختيار موضوعاتها ، فإننا بالتأكيد سنعمل على تنمية البحث والتنقيب عن الفكرة والموضوع ، ثم التفكر والتدبر لدى الطلبة ، ومن شأن ذلك أن يساهم في عملية الإطلاع والقراءة والتثقيف ، وبالتالي تخريج طلاب وطالبات على درجة ولو بسيطة من الثقافة العامة ، وخاصة إذا علمنا أن العملية التعليمية الحالية برمتها ، لا تعدو كونها عملية تلقينية ، أو بعبارة أصح ، ملقناً ومتلقي .