ثلاثة...... لا تقطن العقل العربية الجديد:
أولها القيمة الفعلية للعربي
وثانيها قدرته على التغيير
وثالثها طاقة عروبته الحقيقية
فالقيمة الفعلية للعربي تكمن في اختلاط جيناته الفسيولوجية مع سيكولوجية التراث الحضاري العروبي الثري الذي يكمن داخل طبيعته البشرية التلقائية وهذا المكنون النفسي قادر على استنباط الحلول للإشكالات المعقدة التي بات الإنسان العربي يعيش فيها ويملك القدرة على قلب المعادلات المفروضة ظاهريا بحكم الضعف المؤقت وبكل سلاسة عند إدراكه لقيمة مكنوناته .
حيث تميز تراث عروبتنا بارتباطه الوثيق بالإسلام الذي أضفى الثبات على القيم المثالية بنفس الوقت الذي سحق كل الوثنيات والمتعلقات الجاهلية مما اوجد قوانين وثوابت خرافية قادرة على خلق الحالة المعاكسة بأي وقت بحالة توفر المحفزات العملية لذلك .
ويظهر للعيان أن قدرة التغيير أصبحت ضئيلة بسبب الفجوة الكبيرة العلمية والحضارية والعسكرية بالتالي مع الحضارات المحيطة ، ولكن ذلك يكون حين ينحصر طموحنا بالتغيير في التغيير الآني السريع حيث يقفز إلى أذهاننا أن التغيير يعني حصرا امتلاكنا للمصانع والطيارات والسلاح النووي وخلال سنة ويعني ظهور المدن العربية بجمال المدن الأوروبية ، كما إن الاحتلال والمصائب الاستعمارية التي ما زالت تعمل فينا جعلت البعض ينظر للتغيير بأنه قدرتنا على سحق هذه المصائب الاستعمارية فورا ليصطدم أمام حقيقة ضعفنا العسكري والمقاومي وبشكل محبط ، بينما التغيير يبدأ أولا بمعرفة ماهية التغيير المطلوب وهل هو تغيير أم العودة إلى الأصول ؟ .
والوطن العربي يمتد من المحيط للخليج وينتمي إليه أكثر من مائتين وخمسون مليون نسمة ولكن محاولات البعض لفصل العروبة عن الإسلام جعلت العروبة لدى البعض كتهمة حيث أصبحنا نشعر بأصابع مدسوسة تسعى لإثارة النعرات القومية لدى بعض التكتلات العرقية الذي ذابت بالعروبة وأصبحت من المكونات الفرعية لها كالطوارق والأكراد والأقباط والأفارقة ، بالإضافة إلى الدور الذي تلعبه الدولة الصفوية إيران من محاولات لتجريد العروبة من ميزة الاحتضان الآمن للإسلام .
أن المتضررين من وجود الحضارة العربية الإسلامية أدركوا قبلنا لمزايانا وثوابتنا فعملوا على إسقاطها وما زالوا يحاولون مصادرة وإسقاط كل القيم التي يمكن أن تعيد المجد للحضارة الإسلامية العروبية التي استطاعت أن تقدم للعالم أول بذور العلم والتقدم الحضاري حين كانت أوروبا تغوص في بحور الظلام وأصبحنا بالتالي مأسورين لضعفنا وإحباطنا أمام التحديات التراكمية التي وضعت لتكسير إيماننا بقدرتنا على فهم إسلامنا وعروبتنا .
وكما يبدو الحل بعيد لدى بعض المستسلمين فأن القلة تدرك أن ما نشعر به من وهن وضعف وتابعية ليس إلا خيار قد مارسته النخب الضعيفة سابقا وما زلنا نملك الفرصة لقلب الطاولة على كل مراهن على اندثار عروبتنا ، وأول الخطوات تبدأ في تعزيز ثقتنا بأنفسنا وإيماننا بقدرتنا على خوض إنعاش مزايا حضارتنا وحريتنا وببرنامج طويل الأمد .
جرير خلف