نعاني في مجتمعنا الأردني من نقص حاد في فكرة تقبل الآخر ، ونعاني من نقص آخر هو عدم تقبلنا الخسارة بشتى أشكالها وكلاهما مرتبط بالآخر . فلو أننا تقبلنا الآخرين وفكرهم بطريقة حضارية وناقشناهم وتحاورنا معهم وعرضنا لهم فكرنا لصار هنالك تبادل لوجهات النظر وأصبح المجال مفتوحا لتقبل الآخر فربما نقتنع بهم أو يقتنعوا بنا فنصل إلى تقبل الآخر أو قبول الآخر لنا .
فنحن نرفض دائما قبول الخسارة في أي ميدان من ميادين التنافس كبارا كنا أو صغار ؛ إذا كنا نشجع فريق كرة قدم وحدث أن خسر المباراة نلقي باللوم على الحكم أو أرضية الملعب أو الجمهور ولا نعطي أي مبرر يمسنا كان له دور في الخسارة .
وإذا دعمنا مرشحا في أي نوع من الانتخابات ( طلابية ، بلدية ، نيابية ، ...) وخسر ذلك المرشح وطبيعيا سيفوز منافسه فلا نقبل بذلك ونلقي الخسارة على التزوير والغش وشراء الأصوات وتهاون اللجان مع الطرف الفائز ..... الخ ، فلا مجال لدينا لقبول الفوز إلا إذا كان لنا إما أن نكون نجن الفائزون وإلا فلا .
هذا الأمر مزروع فينا منذ الصغر من أيام الطفولة فلا عجب أن يكبر معنا وينمو ، ففي المدرسة إذا رسب الطالب في الامتحان فأول ما يقول( رسبني الأستاذ ) دون أن يلقي باللوم على نفسه لعدم دراسته على الامتحان ، هذا في أيام المدرسة فما بالك إذا كان الأمر اكبر من امتحان مدرسي .
يجدر بنا أن نقنع أنفسنا قبل خوض أي نزال تنافسي يحتمل الفوز والخسارة أن النتيجة لا تحتمل إلا فائزا واحدا والطرف الثاني لابد إلى الخسارة هذا هو أصل الأمر ورأسه واحد ناجح أو فائز أو كسبان والثاني خاسر فقط ، فنحن نقتنع بالمعلم لو أن الطالب المذكور قد نجح في الامتحان ، ونقتنع بالانتخابات ونتائجها لو أن مرشحنا قد فاز وننفي عنها كل شبهه ، ونحترم قرارات الحكم ونثني على الجمهور وأرضية الملعب لو أن فرقنا قد فاز .
أليس هذا تناقضا في داخلنا ؟ نقبل ما هو لنا ونرفض ما هو علينا . نريد دائما أن نكون الفائزين والجميع هم من يخسر وعليهم تقبل النتائج ، ونرفض نحن الخسارة ولا نتقبل النتائج ، أرى انه من الواجب علينا الوقوف على هذا الأمر مع أنفسنا أولا ثم الوقوف عليه في المجتمع ككل لان هناك ما يدعى ثقافة الخسارة ونحن لا نعرفها .