لبس عدة الشغل ، دشداشة قام بلفها حول خصره وسروال ابيض تآكلت أطرافه من ناحية الأقدام ، اخذ موقعه خلف الدار ، وضع البطاريات في الراديو وأشعله ووضعه على حافة الشباك ، باعد بين ساقيه وحنى ظهره بشكل زاوية مستقيمة ، مسك في إحدى يديه سكينته التي حدها منذ يومين ، بينما مسك في يده الأخرى رأس الخروف ، بسم الله الله اكبر ، كانت هذه آخر الكلمات التي قالها أبو صابر وهو يذبح الخروف قبل أن يسرح في خياله في منظر الفارس الذي يعتلي صهوة جواده ممسكا بيده سيفه ذو النصلين بينما يشق طريقه قاطعا لرقاب الأعداء .
بدت على ملامحه معالم الجدية وثمة نظرة ذات معنى عميق بدت على محياه ، وما أن نظر إلى سكينته فرآها تقطر دما حتى عاد إلى شروده الأول ، جموع من الناس تصطف على الجانبين يهتفون له بالنصر والبطولة بينما يشق طريقه بينهم مختالا على صهوة جواده وهو يحمل راية النصر وثمة أسرى مقيدين يمشون وراءه .
قاطع خياله وشرود ذهنه صوت أم صابر وهي تنبهه بضرورة وضع حصة كبيرة من اللحم لأهلها والا \" بفرجيك \" – على حد قولها ، فكانت هذه العبارة كافية لاعادته الى واقعه واقع الزوجة القوية المستبدة التي لا يملك معها لا حول ولا قوة ، في هذه الأثناء كان مذيع الأخبار يعلن عن وفاة 6عراقين في تشابك مع القوات الأمريكية ، وتعسر المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي .
عندها قال أبو صابر وحديثه موجه للخروف الذي ما زال متشبثا بآخر رمق من الحياة ، \" والله لأقضي عليك \" .
المحامي خلدون محمد الرواشدة
Khaldon00f@yahoo.com