بقلم:مهدي أنيس جرادات
لقد إنتهى العرس الديمقراطي والكرامة والعزّة سادت بنا، إلاّ أنّ مارأيناه من أحداث شغب مؤسفة يندى لها الجبين، لن يؤثر في عمليتنا الديمقراطية أي شيء ولن يعيقها كذلك، فنواسي الّذين لم يحالفهم الحظ ومنهم من شعر بأنّه ظلم، ونبارك لنوابنا القادمون نحو الديمقراطية الأردنية السادسة عشر.
وقد أعدنا لأذهاننا أنّه ماجرى في المجالس النيابية السابقة منذ الإنفتاح الديمقراطي يختلف كلياً عن هذا المجلس سواء في الوجوه أو في دقة الأدوار الموجّهة إليهم، فكان لزاماً علينا كالعادة أن نجعل أمورنا في غاية الوضوح والشفافية، لنخلق منكم جيلاً ديمقراطياً أصيلاً كفرصة لإنقاذ الشعب الأردني من محنته ومن المصاعب والمشاكل التي يواجهها، ولولا غيرتنا على الوطن وشعبه من جميع المنابت والأصول، فلم أكترث لأوجّه مثل هذا النّداء، ولهذا نقول عيدوا مجدنا حتّى نعيد مجدكم!
أنتم تعلمون أنّ دورتكم البرلمانية الدستورية ستبدأ في الثامن والعشرين من هذا الشهر كما هو مقرّر، حيث سيخطب بكم جلالة الملك حفظه الله ليلقي أمام مسامعكم دستوراً منيراً وجب عليكم أن تتعظوا، وهنا نقول أنّ الديمقراطية النزيهة لها شروط ومحسّنات وتؤدي إلى نتائج مرضية، وعند تطبيقها ستؤدي إلى المودّة والمحبّة للشعوب، وهي تحمل برنامج وطني مخلص لكسب قلوب الناس وثقة نفسكم بنا..وأعتقد جزاماً أن البدل الأنيقة التي ترتدونها ليست مناسبة لتلك الديمقراطية التي تتاجرون بها ، ناهيك عن تلميعاتكم الإعلامية، فوالله هذه قمّة الغش والخداع وخيانة الضمائر برمّتها،لأنّ الشعب لم يرد هذا ونحن براء منه إلى يوم الدّين.
ولنفترض أنّ العملية الديمقراطية مرّت بسلاسة حيث الحكومة تصرّح أنّها نزيهة وشفّافة، والمعارضة توصف تلك العملية بالمزوّرة بالرغم من مقاطعتها لتلك العملية..وهذا حال كل البلدان وعندئذ نترك للقضاء كلمته..ولسنا بسرد ماحدث وما جرى ولكن المهم إنتهت تلك العملية فأصبح بعض رعايا الشعب يرددوا :هل تجرؤ أي حكومة عربية عند إجرائها أي إنتخابات أو إستفتاءات ديمقراطية أن تقول غير نزيهة أوشفّافة؟ نترك الجواب لكم.
إنتبهوا ياقوّات ال16 إلى ما أقول: فقبل سنتين ونيّف نشرت مقالاً مطولاً وساخناً تحت عنوان\"ديمقراطية جحا العربية...رؤساء البرلمانات العربية أنموذجاً\"، حيث تطرّقت إلى أخطاء الدّيمقراطية وخصوصاً داخل البرلمانات العربية، وما تؤدّي تلك الأخطاء إلى عواقب وخيمة ستهوى كذلك في خاتمة الأمر إلى الحضيض..
وقد تمّ تطبيق هذا المقال على هذا المجلس النيابي السادس عشر، حيث من بقايا المجلس النيابي الخامس عشر لم يصعد إليه إلاّ القلّة القليلة، والدّليل مارأيناه من مناصب حسّاسة كانوا قد تقلدوها سابقاً بالرّغم أنّهم عباقرة وجهابذة إلاً أنّ الشعب أسقطهم في هذا الإمتحان.وعلى هذا الأساس فإنّ من غادر المجلس السابق لن يصيبه فيروس البطالة وهذا حال إبن عمّه الوزير، ولهذا قد يصبح النائب رئيس شركة أو رئيس بلدية أو أي منصب حكومي رسمي أو غيره.
إنّي أحذّركم من مايسمّى بدعة الخلوة بينكم والحكومة، هذا إذا علمتم أنّ الله حرّم الخلوة بين المرأة والّرجل لأنّ الشيطان ثالثهما، فمابالكم بتلك الخلوة دون رقابة الشعب أليس يكون من فعل الشيطان، وأقصد هنا بالشيطان تلك الإمتيازات والعطاءات التي تمنحونها من قبل الحكومة على ظهورنا، وهذا والله خداع وغش في برامجكم الإنتخابية التي وصلتم من خلالها، وأصبحت أعمالكم إنّما هي عبارة عن غطّ في النوم وثرثرة نسائية لا طائل لها ولكن هذا لن نحكم عليه إلاّ لاحقاً وذلك من خلال مراقبة أعمالكم من قبل رعيتكم.
إنّ أردننا اليوم يواجه تحديات مصيرية حسّاسة والخطر قادم من أعدائنا الّذين يترقبونا ليلاً نهاراً، فكونوا عروبيين أشاوس، وإذا حصل أنّ بيانات الشجب والإستنكار التي ستفكرون بإصدارها معفاة من الضريبة وبدل طوابع ، أي بمعنى آخر إرموها في القمامة لأنّها بيانات متعوب عليها وهذا طبعاً قبل أن تعرضوها علينا.
وعليكم أن تبتعدوا مسافة واحدة عن مؤسسات الحكومة المباشرة وغير المباشرة، ولهذا تحويل الحكومة إليكم 46 قانون مؤقت يعني هنا إقترب الإختبار .وعندئذ سنحتكم إلى رعيتكم هل أنتم مجلس خدماتي أم سيكون مصيره كمصير قوّاتكم الخامسة عشر.ولهذا أنّه كم من ديمقراطية رحلت ومأسوف على شبابها لقد باءت بغضب من الله، فإمّا أن تتقوا الله في أردننا وإمّا أن تلحقوا بسلفكم إلى الرفيق الأعلى لأنّ الشعب عندها سيقول كلمته، وعندها سنكتشف أنّ النّزاهة التي وصلتم من خلالها وإبنة عمّها الشفافية فقد أصبحت هباءاً منثوراً...فهل وصلت الرّسالة؟
Email:jaradat_mehdi@yahoo.com