زاد الاردن الاخباري -
على مدى العقود الأربعة الماضية، ومنذ سقوط نظام الشاه محمد رضا بهلوي في إيران العام 1979 ووصول الثورة إلى الحكم، مرت العلاقات الأردنية الإيرانية بمحطات عديدة، ما بين عدم الاستقرار والتوتر والقطيعة، لتعود العلاقات الدبلوماسية إلى طبيعتها بين عمان وطهران في العام 1991، بعد وفاة زعيم الثورة الإيرانية آية الله الخميني، حيث بادر الأردن لإغلاق مكاتب حركة مجاهدي خلق المعارضة لإيران في عمان.
وفي نيسان (ابريل) العام الماضي، استدعى الأردن سفيره في طهران للتشاور في وقفة تقييمية للمعطيات الدالة على التدخل الإيراني في الشؤون الداخلية لدول عربية، وهو ما جعل خبراء يجمعون على ان العلاقات بين البلدين تمر بتقاطعات حادة، ونوع من "السلام البارد".
بدوره قال النائب السابق الدكتور مصطفى حمارنة إن العلاقات الأردنية الأيرانية "لا يمكن وصفها بالجيدة"، في ظل سحب المملكة لسفيرها العام الماضي، ليشكل هذا الامر بالإضافة الى مجموعة من العوامل "عائقا امام علاقات ثنائية جيدة بين البلدين".
وأشار الحمارنة الى ان الأردن "لديه معلومات موكدة عن تدخلات ايرانية على الساحة الأردنية، وهو امر مرفوض أردنياً"، مستذكرا ان الرغبة بين البلدين "كانت منذ التسعينيات الماضية لاقامة علاقات مشتركة جيدة، لكنها كانت ولا تزال تصدم بالعقبة الامنية المتمثلة بالتدخلات الايرانية في الأردن".
فيما يقول مدير مركز الدراسات البرلمانية د.محمد المصالحة، ان العلاقات بين الأردن وايران "تمر بتقاطعات حادة، حيث تبدل الموقف الى حد كبير، نتيجة تشابك العلاقات بين دول الاقليم"، مشيرا بهذا الصدد الى "الاشتباك الروسي المباشر في الاقليم، وامتداد النفوذ الايراني لأكثر من دولة في المنطقة".
ويرى المصالحة ان التوازنات الدولية التي حافظت على وضع العلاقات بين دول الاقليم لفترة طويلة "اهتزت مؤخرا الى حد كبير، اذ اصبحت الدول في حيرة من امرها، لاسيما اذا كانت تبحث عن استقرارها السياسي، والنأي عن الزج بنفسها في معمعة هذه الاختلالات في التوازن الاقليمي"، ويشير الى ان الأردن "حافظ على علاقات متوازنة مع جميع دول الاقليم على مدى عقود مضت، وسعى الى توقيع معاهدة سلام مع اسرائيل اهم عناصرها رسم حدوده الغربية التي كانت متحركة لفترات طويلة".
ويضيف، أن العلاقات الأردنية الايرانية كانت طبيعية وطيبة إلى حد كبير قبل اندلاع ازمات المنطقة العام 2011، إذ شارك الأردن في العديد من المؤتمرات التي عقدت في طهران، موضحا ان العلاقات بين البلدين "لم تتأثر بفعل أحداث خارجة عن إرادة الأردن كتلك التي جرت في المنطقة".
ودعا المصالحة الى "اعادة دراسة موقف الأردن من تقاطعات المنطقة والحفاظ على مصالحه الوطنية الامر الذي يتطلب ألا يكون ضمن سياسة المحاور أو الاستقطابات".
إلا أن وزير الخارجية الاسبق كامل ابو جابر يرى، ان أفق العلاقة بين الأردن وإيران "غير واضح المعالم، وحتى في ظل حالة توازن السياسة الخارجية بين الطرفين، فإنه يصعب قراءة الكيفية التي تدار بها العلاقة بين البلدين".
وبين أبو جابر ان العلاقة الأردنية الإيرانية "متأثرة بالوضع الإقليمي"، خاصة فيما يتصل بالملف السوري والخليجي، في حين أن من المعلوم أن عمان "تبني علاقاتها الخارجية بناء على الأوضاع الاقتصادية التي تعبر عن المصالح الوطنية، إذ لا تملك عمان خيارات متعددة في ذلك، في الوقت الذي يرفض فيه الأردن أن يكون جزءا من أي صراع طائفي في المنطقة".
واعتبر ابو جابر ان "كل محاولات إنجاح العلاقة الأردنية الإيرانية باءت بالفشل، إذ بقيت العلاقات بين البلدين إما مقطوعة أو متوترة أو شبه مجمدة".
بدوره يقول النائب والوزير الأسبق مجحم الخريشا، ان الأردن يدرك ان علاقاته مع إيران لا يمكن أن تكون على حساب الحقوق العربية، وأن "المدخل الطبيعي لهذه المرحلة المرجوة من العلاقات العربية الإيرانية يكمن في اتباع إيران لسلوك جديد يقوم على عدم التدخل في الشؤون العربية، واحترام حقوق الجوار العربي احتراما كاملا".
وأكد الخريشا حرص الأردن على مصالح أمته العربية واستقرار وازدهار المنطقة، مشيراً الى أن "الواقع الجيوسياسي للإقليم بات يفرض دورا على كل الأطراف في الصراعات الناشئة ولا يمكن استثناء أي طرف من الوصول إلى تسويات واقعية للحروب والصراعات في الإقليم".
وبين الخريشا ان تعامل الأردن إزاء العلاقة مع إيران "يتسم بالحذر الشديد نظرا للعلاقات مع دول خليجية من جهة، والعلاقات مع واشنطن من جهة أخرى، فضلا عن الهاجس والخوف من التمدد وفرض النفوذ الإيراني في الاقليم".
واعتبر الخريشا ان "الشكوك والمخاوف بين البلدين التي استمرت اكثر من 40 عاما لن تزول بسهولة، خاصة ان الأردن يرفض سياسة إيران التوسعية والتدخل في شؤون الاخرين، دون تناسي دور الأردن الاساسي في محور الاعتدال العربي الأمر الذي يجعل تقاربه مع إيران أمرا في غاية الصعوبة إن لم يكن مستحيلا".
الغد