حائر هو القلب, أيبتسم أم يتأسى, أيفرح أم يحزن, أيخفق سروراً أم يتشطر أفلاذاً, ويعتصر ألاماً, أجل, تائه هو القلب, بين الفرح والبسمة, وبين الحزن والكآبة, في كثير من الأحيان وفي أن معاً, يودع عزيزاً رحل, ويستقبل عزيزاً يعود, فيحتار ويتيه بين الحزن والسرور...
فجر هذا اليوم, الجمعة, رابع أيام عيد الأضحى المبارك... امتدت يد الألم وشقت صدر شقيقي \"أحمد\", وافتلذت وانتزعت من قلبه \"بتول\" وهي بضعة من روحه وبعض من حشايا نفسه.
\"بتول\" تلك الطفلة الرائعة الهادئة, ستة عشر ربيعاً, كانت وستبقى لوحة مرسومة من كلمات الحب والبراءة والطيب, عندما جاءت على الدنيا, جاءت نقية طاهرة تدعو كل الشفاه الحانية المبتسمة الفرحة, إلى أن تزرع على خدود الأحبة قبلات الحنان والعطف والأمل والسرور... عندما جاءت \"بتول\" جاءت زنبقة بيضاء ناصعة, كهمسات وزقزقات العصافير في ساعات الفجر, وبقيت هكذا وهي تنمو وتترعرع وتشق الطريق... لكن...! وعلى حين غرة من قلب أخي \"أحمد\" جاءه القدر وتغلغل في حناياه وانتزع من شغافه \"بتول\"...
يا الله صرخ أخي \"أحمد\"...
\"بتول\" صمتت... وعينها البريئة الصافية النقية, انطفأ فيها بريق الحب الدافئ المتدفق, لكنها بقيت ضاحكة... يا الله صرخ أخي \"أحمد\"... صمتت \"بتول\" والبسمة الحلوة الراعشة, الراقصة, جفت على شفتيها, لكنها بقيت مبتسمة, أجل, صمتت \"بتول\"... ويدها الصغيرة الرقيقة تردد الشهادتين حتى ضُمت إلى صدرها الحاني وفاضت الروح إلى خالقها... أجل, صمتت ورحلت, لكن...! المرض اللعين لم يصمت ولم يرحل بل غادر ليخطف \"بتولاً\" أخرى, ويشطر قلب أب هنا وأم هناك...
أجل, يا أخي \"أحمد\"... تائه هو القلب, وماذا يمكن أن أقول لك: و\"بتول\" غادرت ورحلت, وأصبحت في غياهب المجهول, قريرة, وادعة, ولن تعود... أجل, ماذا يمكن أن أقول: ورحيلها فجر النار والدم معاً في قرارة نفسك, وراحا يلتهبان في أغوار روحك حزناً وألماً وعذاباً... أعرف يا أخي أن قلبك المشروخ بالفجيعة, الصادع بالألم يتقلب الآن على مرجل من نار, على فراق الحبيبة الغالية... ولن يسعفه سوى تلك الابتسامة الصافية البريئة الخافقة في عيني \"بتول\" الصافيتين الحلوتين... أعرف أن تلك الابتسامة بالنسبة إليك هي البحيرة التي تغتسل فيها روحك, وهي البلسم والمُطَهِر الشافي الذي يستحم فيها قلبك المفجوع, ويستلهم ذاته, ويستنهض قواه من جديد, لكن...! إنه القدر المكتوب الذي لا مفر منه إلا إليه... وحسبي عهدتك مؤمناً تقياً ورعاً... وبشر الصابرين... وإلى جنات الخلد أيتها \"البتول\"... وإنا لله وإنا إليه راجعون.
Email: moeenalmarashdeh@yahoo.com