ليلة أمبارح ما جانيش نوم،،،عذرا سيد مكاوي.
فكنت أنظر للسماء وأتمعن بعظمة الخالق وأسّبح الخالق العظيم توحدا وتقربا من رب الوجود والرب المعبود.
فكان الطقس حارا والنجوم تتلألأ والغسق يتجلى يناجي الخالق العظيم والشمس تزداد خجلا فتختفي حينا ويبقى من احتراقها ودفئها غروب وشفق أحمر لا مثيل له من خالق كل شيء من بشر ومن بحر ومن الوجود بأكمله وكانت الأشجار تتمايل وتتغنّج للفت الانتباه لسقايتها عذب الكلام وزلال الماء.
فكنت منتظرا إلى كوب الشاي من الزوجة العزيزة التي أصبحت منغصة من شدة جلوسي وحيدا أفكر وأفتعل الخرابيش باحثا عن مقال جديد وملأت سلة المهملات بأوراق من صنع المجانين.
وفجأة وبدون سابق إنذار هبط شيء غريب الشكل على مكتبي المتعفن يشابه البشر بملامحه ولكنه ليس بالبشر فكان ضيفا من الفضاء من على صحن فضاء قد حضر للتو على كوكب البشر.
بلحظتها فزعت من منظره الغريب،،، وبعد لحظات بدأت النظر إليه بسعادة وتمعن وعرضت علية كاسة شاي بالنعناع فقال لي بأنهم لا يشربون هذه الأشياء.
فكنت دائما أسخر من سماع كلمة كائنات من الفضاء مكذّبا كل ما قيل عن وجودهم ومعتقدا بأنهم يكنون العداء والكره الشديد لبني البشر فكان هذا الرجل ينظر إلي بطريقة مستفزة ولكنه ضيفي فأغضضت من البصر فاقترب بجانبي ورأى الورقة والقلم مستغربا من هذه الأدوات فقلت له بأني أكتب مقالات وشرحت له كيف يتم نشرها بالمجلات الالكترونية وعلى ضوء هذا يتمكن لبني البشر المشاهدة والقراءة.
فضحك مني وقال نحن أيضا نحب القراءة والشعر والكتابة مثلكم ولكن يوجد عندنا قوانين ومُثل للكتابة فلا يجوز بكوكبنا الكتابة لأي كان، يتوجب على الكاتب شروط صعبة ليست كالشروط التي موجودة عند بني البشر فالكتابة عندنا يجب أن تكون صادقة ومفيدة وليست للتملق والشهرة ولفت النظر للكائنات البشرية
ومن شدة خوفي على زوجتي وأطفالي بأن لا يشعروا بالخوف الشديد من منظر هذا الكائن الفضائي وخصوصا شاهدنا بالأمس فيلما تقشعر له الأبدان،،، أغلقت باب الفر ندة وتصنعت الكتابة لإفساح المجال إلى عائلتي لمشاهدة ما يحلوا لهم من الأفلام السينمائية العربية القديمة والأخبار المكررة المملة،،، وطرقت علي زوجتي الباب فقلت لها لا أريد مزيدا من الشاي وأقنعتها بأن جاري (أبو عطارد) عندي قاعد،،، فقالت لي هل يود مشاركتك العشاء معك أم لا،،، فأجبتها على الفور هو أخذ وجبة العشاء مع أصدقاءه (أبو المشتري وأبو بلوتو وأبو أورانوس وأبو زحل) فسمعت زوجتي هذه الأسماء وطار عقلها وسمعتها بعظمة أذني وهي تقول لأطفالي أبوكم.
( ضربوا فيوزاته وانشطب من كتابة المقالات اللي ما جابتلنا غير التعب وقلة النوم وسهر الليالي) حسبي الله ونعم الوكيل ما كنا قاعدين مبسوطين بنام وقت العصرية وبنروح عند أهلي نسهر ليلية وهسة يا حسرة علي،،،لا بنشوف حدا ولا حدا بشوفنا غير الطلبات اللي ما بتخلص فنجان قهوة مزبوط ،،كاسة شاي بميرمية سندويشة زعتر وزيت وكاسة لبن مخيض أحياننا،،،، حكولي وما صدقت زوجة الكاتب ما بتعرف رأسها من رجليها ولا بتعرف ترتاح وبظّلها على أعصابها لغاية ما ينزل مقاله،،ويشوف كل التعليقات من القرّاء،،،،، لا حول ولا قوة إلا بالله من الكتابة.
الله يكون بالعون من اللي جاي.كنت ناوي أفهمها شو عم بصير معي بس خفت عليها من الجنون.
فقال لي رجل الفضاء الرجاء لا تضيع وقتي فقد قدمت اليوم خصيصا لك لتكتب لي مقالا يقرؤونه كل سكان الأرض من بني البشر وبكل الوسائل الإعلامية المقروءة فقلت له بأن هذا من سابع المستحيلات.
فكل قارئ له كاتبه المفضل ولكل كاتب له قارئه المفضل فالدنيا أذواق فزمجر وضرب بيده الحديدية قلمي وقال لي أحضر ورقة جديدة وأكتب ما سأمليه عليك اليوم فالموضوع هو (إنقاذ كوكب الأرض.... وإلا)
وشعرت بشيء مبلول من تحت الكرسي وأقنعت نفسي بأنها المرة الأولى وسيصبح كل شيء طبيعي.
فطلب مني عدم مقاطعته مرة أخرى لضيق وقته وعليه مغادرة كوكب الأرض سريعا.
بدأت الكتابة الآن
(أنقذوا كوكب الأرض....وإلا)
منذ عدة سنوات وأنتم تعيشون بني البشر على هذا الكوكب الساحر بدون اتزان حارقين كل الأشجار واستنشقتم كل الأوكسجين المتبقي على كوكب الأرض وصنعتم من الأشجار أثاثكم لتزيين قصوركم الكرتونية،وترتب على هذا قلة الأمطار وشفط الأنهار ،وثقبتم طبقة الأوزون وارتفعت حرارة الأرض وذوبان الثلج الذي هو أمانة برقابكم ليوم الدين وقمتم بسحق الرقاب لكل الطيور المهاجرة الجارحة والمنزلية للتلذذ فقط بالقنص والقتل لا للأكل وهربت من كوكبكم كل الطيور النادرة واستقرت بكوكبنا الهادئ والى كواكب أخرى.والشمس لم تخلوا من أطماعكم فقمتم بسرقة دفئها لمياهكم وسخاناتكم الشمسية لأيام الشتوية.وقمتم بصناعة القنابل الجرثومية والعنقودية والفسفورية والانشطارية والنووية وافتعلتم الحروب طمعا ببرميل نفط وأمتار من على الحدود الافتعالية ولوثتم البحار والأنهار وقتلتم الحيتان وحتى الدولفين الأليف لم ينجوا من قنصكم وقمتم ببيعه كبقية المجمدات الرخيصة المنتهية مدة صلاحيتها حتى نفذت الثروة المائية وقتلتم الفهود والأسود والنمور والفيلة طمعا بوضعها تحفا قتالية على حيطان القتل الجائر تفاخرا بأنفسكم،وأزهقتم الأرواح البريئة من أسلحتكم القاتلة لأبرياء وشردتم الأطفال ليزداد عدد الأيتام بالأرض وقمتم بزيادة عدد الأرامل حتى فقدت الأرض عفتها وأصبح الفساد والزنا جائز وبنقود اشتريتم بها ضمائر ومصائر وضربتم أقداحكم بجماجم أطفالكم وأخذتم من عليها الصور التذكارية،،، يا للأنانية .
وانتزعتم نفط وذهب وفضة الأرض بطرق وحشية ولم يتبقى من النفط سوى القليل ليتبقى منه فقط لأثني عشر عام ونيف بدون رجعة،،،وغرستم الأحقاد بينكم بني البشر وحصدتم كره العمى لإخوانكم وزوجاتكم وأمهاتكم وإبائكم وتنازعتم على كل شيء وأصبح المال بحياتكم الشغل الشاغل تجمعون المال وتصبحوا عبيدا لشهواتكم وأطماعكم وحكامكم، ورقابكم أصبحت رخيصة وتنحني لكل جسد ولكل قدح ولكل فخذ قتٌال ولكل فاجرة وغاوية.
وقتلتم كل القيم الإنسانية ومحوتم كل العلاقات الاجتماعية وأصبح البعض منكم كالحيوانات يفترس أخيه الإنسان لبضع لقيمات لا تغني من جوع ولا من فقر بل توجد الأحقاد والقهر وأكلتم أموال غير أموالكم وتغطرستم على ثمار نخيل ليس من زرعكم وحرقتم أشجاركم وزرعكم وجعلتم الحلال حرام والحرام حلالا
فأصبح الفقر والاستغلال منهجكم ودستوركم وأصبح ينخر بأجسادكم كما ينخر السوس أخشابكم من شدة غشكم وخداعكم وأزلتم الجبال والوديان وأوجدتم البدائل من مباني إسمنتية وجرفتم البحار والأنهار لصوبكم وحرمتم الفقراء شربكم واغتصبتم طعامهم ونثرتموه ببراميل نفاياتكم،،،،،،،، ياه لغدركم.
وأصبحتم تبيعون الدين والدنيا بعضكم ببضع دراهم منتهية مدة صلاحيتها وأصبحتم تسفكون الدماء إلى أن وصلت رائحتها إلى حدود السماء وأصبح الاحتيال من صنيعة بني البشر وأصبح المال والنساء والأقداح هي الطاغية والطامة الكبرى عند بعضكم وبا لظلمكم وأصبح التملق ومسح الجوخ وقول الزور من طبعكم وتزوير الانتخابات وشراء الأصوات من الفقراء همكم ونهجكم، وسلبتم الفقراء أجسادهم وأعراضهم وأصبح موت الفقير لا يعلمه أحد كهفوات وأخطاء وتحرشات بعض الأغنياء التي لا يعلمها أحد سوى الله سبحانه وتعالى
وقمتم باستغلال أعراض البشر لأطماعكم الشهوانية وحكمتم عليهم بعدها بالجنون وبمستشفى الأمراض العقلية ،عداكم عن الزعرنات الافتعالية وخلط الحابل بالنابل وأصبح الحق جريمة لا تغتفر والباطل أصبح له قيمة ويأخذ عليه الجوائز العالمية والسلمية وأسلحتهم ما زالت مدمية بخاصرة جميع البشر ياه للقهر
وأصبح الفهيم والعالم جاهلا ويقتل ويلعن ويصلب ليوم الدين ويمنع من السفر ، وأصبح الجاهل تصفق له جميع الخلائق من بني البشر،،،وأصبحتم تعبدون الأصنام وينادي البعض منكم مثل (الايموا) وغيرهم من (عبدة الشيطان) بالوثنية والجاهلية،،ما زالت بأذهان البعض،، وتم بيع الفتاوى الدينية على كثير من المحطات الفضائية فأصبح البعض يدخل الجنة بصكوك غفران تباع وتشترى ببضع جنيهات ورقية كورق اللعب،مما اضطرنا لإزالة الأقمار الاصطناعية من على كوكبنا إلى غير رجعة،،وأصبحتم لا تحللون ولا تحرمون أكل أي شيء يمشي على الأرض فالأغنام والأبقار تلاشت من على الأرض،،وأصبحت رؤوس الأبقار والأغنام الدليل لقصوركم وأكواخكم الخشبية الريفية للاصطياف على الشقاء الحيواني ،وما زال أغنيائكم وفقرائكم يتراشقون بالحجارة والاتهامات وأصبح البعض يسرق اللقمة من فم أخيه وأصبح الحسد وضيق الأعين دينكم من شدة كفركم،،وأصبحت الخيانة تنام فراشكم فأصبح بعض الرجال ينام مع زوجة صديقه وبعض النساء تفعل بالمثل لاسترداد كرامتها وانتقاما لأنوثتها،وكنتم تنادون بالأخلاق المثلى ومن خلف ستارة المسرح كنتم قد دفنتموها بملابس سوداء بأيديكم مع سبق الإصرار والترصد،واغتصبتم كوكب الأرض واستنفذتم كل طاقاته وأصبح من الواجب إبلاغكم بأن المالك الوحيد لهذا الكوكب العجيب ينذركم بقرب انتهاء مدة إيجاركم وبأن المدة المتبقية لكم بدأت بالزوال والنفاذ وحان الوقت لتسليم مأجوركم للمالك الوحيد وهو الله جل وعلى.
أعيدوا النظر بكل أفعالكم وهذا تهديد رباني من الخالق العظيم وعكس هذا سيسلط عليكم الطبيعة الهوجاء قبل سحقكم وزوالكم والتي ستزيل كل شيء من الجبال والبحار لتستقيم الأرض وتصرخ
(ماذا صنعتم يا بني البشر) بكوكب صنع من شقاءه سعادتكم.
أمين عام الكواكب المغتصبة والصماء
هاشم برجاق