أما وقد \"وقع الفأس في الرأس\"، وكُتب علينا أن نُبتلى بـ120 نائباً ونائبة، انتخبهم بعضنا، فَفُرِضوا على الجميع نواباً ينطقون باسمنا، ويُشرِّعون باسمنا، ويجادلون باسمنا، ويهادنون باسمنا، ويأكلون الأخضر واليابس باسمنا، فإنَّه من حقنا أن نكون عليهم عيوناً راصدة، نُحصي حركاتهم وسكناتهم، ونحلل كلماتهم وهمساتهم، ونحاسبهم على كل صغيرة وكبيرة، فالشعب الذي أعطى التفويض، من حقه أن يراقب من فوضهم، ويحاسبهم، ويقعدهم مقاعد الحق إن لزم الأمر، وحكمت الضرورة.
ويبدو أنَّ الطريق بين العبدلي والدوار الرابع سالكة ومفتوحة على مصراعيها بعشرة مسارب في كل اتجاه، ومن باب \"إذا بليتم فاستتروا\" أقترح فتح نفق بين العبدلي والدوار الرابع. ويصدق على المجلس النيابي السادس عشر والحكومة المثل \"وافق شن طبقة\" فستجد الحكومة أية حكومة أنَّ هذا المجلس رغم تنوعه الظاهري، فإنَّه لن يتعب الحكومات، ولن يقلقها، ولن يقف في طريقها مهما ارتأت وقررت. قد تجد معارضة، وأصواتاً تعلو هنا وهناك، لكنها لن تعيق الحركة، ولن تكون حجر عثرة مهما كبرت أو علت، بل ستكون أشبه بالمنشطات والمحفزات! وهذا يصدق بالطبع على معظم المجالس السابقة. وما سبق ليس حكماً مسبقاً على أداء مجلس النواب الطازج، ولكنَّ \"المكتوب باين من عنوانه\" كما يقولون.
ومن هنا فإنَّ المهمة الملقاة على عاتق المواطنين كبيرة جداً جداً. فإنَّ هذا المجلس المفوض نيابة عنهم، يتطلب منهم أن يقعدوا له كل مرصد، وأن يراقبوه مراقبة مستمرة حثيثة، ويحاسبوا نوابهم على كل موقف أو تصرف لا ينسجم ومصلحتهم ومصلحة الوطن.
ومهمة رصد النواب تتطلب متابعة لكل مشاركاتهم ونشاطهم داخل المجلس وخارجه، ومواقفهم تجاه القوانين وقضايا المواطنين وهمومهم وأحداث الساعة المحلية والعربية والإسلامية، وضرورة تحليل هذه المواقف وفرزها وتبويبها، ومحاسبة كل نائب جانب الصواب، أو قلب لناخبيه ظهر المجن، أو أدار ظهره للوطن والمواطنين.
أما السفريات الخارجية بحجة حضور المؤتمرات أو الندوات أو تبادل الخبرات، فإنها تحتاج إلى إثبات عملي، لأنَّ معظم السفريات الخارجية هي سياحة بلبوس رسمي، ومثلها كثير من رحلات العلاج المفتعلة، وأقترح أن يستضاف كل وفد بعد عودته في برنامج حواري على محطة أردنية غير التلفزيون الأردني، يتم فيه نبش مشاركتهم وماذا فعلوا؟ وهل كانت المشاركة حقيقية أم شكلية؟ أم كانت سياحية دون أن يلج أحد منهم قاعة المؤتمر أو الندوة التي ذهب بشأنها!
إنَّ الشعب عندما أعطى النواب تفويضاً، فإنه لم يعطهم تفويضاً على بياض، أو تفويضاً مطلقاً، وإنما تفويضاً مشروطاً ضمن محددات الدستور والقوانين ومصلحة الوطن والمواطن أولاً وأخيراً، وما عدا ذلك فلا تفويض ولا توكيل، فالنائب مفوض بما لا يضر بمصلحة الوطن والمواطن، وبما لا ينقص من حقوقه، دون تعدٍ أو إتجار. وإذا كان النائب محصناً في علاقته مع الحكومة فإنه ليس محصناً في علاقته مع المواطنين، فمن منحه الحصانة يملك حق حجبها متى تنكب النائب الصراط، وخان الأمانة، وفضل مصلحته الشخصية على مصلحة الوطن.
على كل مواطن أن يقف بالمرصاد لكل النواب، يحاسبهم على وعودهم وبياناتهم الانتخابية وشعاراتهم الطنانة الرنانة، ويكشف للرأي العام كل نائب غيَّر رقم هواتفه الخلوية والأرضية، وأي نائب رحل خارج منطقته، وأي نائب يغلق الباب أمام مواطنيه، أو يضع عليه الحجاب والحراس والأزلام.
ليس من حق النائب أن يتحصل على أية امتيازات ناتجة عن نيابته، فهو تنطع للخدمة العامة كما يدعي، وهذه الخدمة لا يجب أن تكون مشروطة، أو برسم الحصول على امتيازات ومنافع وأعطيات. وإن أية امتيازات أو أعطيات أو منافع يحصل عليها النائب هي من دم المواطنين ولحمهم وعرق جبينهم، وهي إتجار بهم، وهضم لحقوقهم، ولا يحق لحكومة أية حكومة أن تمنح أي نائب أية امتيازات لم ينص عليها الدستور.
ومن هنا فإنه يتوجب على المواطنين عامة وحملة الأقلام خاصة أن يترصدوا لأية تنفيعات لأي نائب صغرت أم كبرت، سواء أكانت لهم أم لأسرهم أم للمقربين منهم، ويتوجب على الحكومة كف أيدي النواب عن أي عمل آخر، وأن يتفرغوا للعمل النيابي حصرياً وكلياً.
ولا يخدعن مواطن بالخلافات بين النواب بعضهم بعضاً، أو بينهم وبين الحكومة، فمعظمها خلاف على المصالح، وتقسيم الكعكة، وتوزيع الغنائم، وأقلها خلافاً للمصلحة العامة، وخدمة للوطن، وانتصاراً للمواطن.
راقبوهم، واقعدوا لهم كل مرصد، ولا تأخذكم بهم رأفة أو رحمة في سبيل مصلحة الوطن والمواطنين، وأي تهاون أو تساهل معهم يعني تفريطاً بالوطن، وتضييعاً لحقوق المواطنين، وتهاون ساعة يؤدي إلى ندم وحسرة قد تدوم سنوات!
mosa2x@yahoo.com