محمد حسن العمري
لا اعرف على وجهة الدقة كيف يمكن استشراف الأمن القومي العربي القادم ، إذا كانت مصر تمتلك صوتا واحدا في الجامعة العربية بحجمها السكاني والتاريخي ، تمتلك صوتا مساويا لدول عربية عديدة - بالرغم من التنمية القائمة في تلك الدول -فهي خاوية من سكانها ، الغائبون في اغلب الأحايين ، لا ( يزورون!) بلادهم إلا للسياحة..!
نعرف ويعرف الجميع ، ان ثمة دولا ( عربية!) عديدة اليوم ، لا تمتلك ان تجعل اللغة العربية لغتها السائدة حتى في خطاباتها الرسمية ، بسبب طغيان العمالة الاسيوية على عموم الشعب ، وذوبان الشعب اصلا في بورصات الإعمال والسياحة خارج بلادهم ، واعتمادهم الجبري علي تلك العمالة..!
نعرف ان دولا ( عربية !) عديدة اليوم ، لم تعد تمتلك من ارثها العربي الا عضويتها في الجامعة العربية ، تنازع مصر و العراق والجزائر والمغرب ، في التصويت على مستقبل (!!) العرب و هموم أبنائه وقضية فلسطين كذلك..!
نعرف ان دولا ( عربية!) ، تحولت بفعل غياب المصادر الحقيقية ، وولوجها في التنافس مع بقية دول الخليج التي تمتلك اقتصادا قويا كالسعودية ، الى ( بارات أسيوية ) تهيمن عليها هوامير التجار الأسيويين في ظل غياب شبه كامل لوجود الدولة المفترضة..!
نعرف ان دولا عربية ، لا تساوي حجم ( دوار ) او ميدان في إحدى شوارع جدة العملاقة ، ولا تمتلك بكل ما تحمله من شهادات عليا ما ، ما يساوي شهادات مدينة مثل ( حلب ) او ( المكلا ) او ( البقاع ) ، ولا تساوي كلها بسكانها احدى شوارع ( المنصورة ) ، التي شهدت ذات عصر أسر ملك فرنسا الذي أراد أن يغزو بلاد العرب..!
***
يحكم العالم اليوم الاقتصاد ، وتمتلك اقوي اقتصاد عربي المملكة العربية السعودية التي هي دولة مكتملة الأركان ، وهي موصولة بعمقها العربي والإسلامي ، لغتها العربية و يدير أبناؤها أكثر قطاعات بلدهم ، وتمتلك الجرأة للإفصاح عن ميزانيتها الحقيقية ومواردها ومصاريفها ، ولا يضر شيئا ان تكون دولة قوية باقتصادها تمتلك احد أهم أقطاب المحاور العربية ، جعلت احد ملوكها يستخدم سلاح النفط قبل اربعين سنة، ولو بقي للعرب ليشربوه ، في اشارة لا اقل من ان يقال انها دولة وان ملكها هو ملك، و السعودية كحال مصر والدول الكبرى ، من الذين يمتلكون الرؤية السياسية التي تستند الى عروبة الدولة ومستقبلها القومي ، وهو ما لا ينطبق على الدول الأخرى التي تحاول ان تجاريها باقتصاد ( البارات !!) الذي اصبح حال اي دولة عربية اخرى ، تخلت عن الارض العربية ، التي كانت ذات يوم هي مسير سفينة الصحراء العربية ، لتهيمن عليها ، بكل ما تعني كلمة الهيمنة قوى اسيوية ، ممنهجة ، وتستبح الارض والانسان واللغة ، وفي اللغة حيث اصبح اللسان العربي معوجا ليجاري الأغلبية الساحقة التي تمتلك قيم البلد وثقافته..!
( لسنا معنين !) كثيرا في الحديث عن القيم الاسيوية اليوم ، فتحويل مدن عربية تاريخية الى ( بارات !) مستقلة تشكل ثقلا في صناعة القرار العربي ، حال مؤسف ومربد، و بات مرهون بمستقبل هذا الخليط ، الذي لا يمتلك حتى في بلاده ادارة (بارات ) وكازنوهات على هذه الشاكلة ، ، لا يعرف عن مصدرها تمويلها شيئا ، وقد كانت دولة هجينة التركيب مثل كولومبيا المختلطة بأرحامها ما بين الاسبان والمستيزو والأفارقة والعرب والأسيويين ، خارج سيطرة العالم اذ تحولت الى معقلا لتجارة المخدرات ، قبل ان تبدأ بالتصالح مع العالم واليسار ( اللاتيني ) واتخاذها خطوات جادة لتصير دولة ، فيما توغل دويلات ( عربية !) لا تمتلك مصادر بشرية ولا طبيعية في التحول الى هذا النمط الذي لا يمتلك قيما لا نقول عربية ، بل (اممية !!) ، بإدارات أسيوية ، تتحفظ قوى اليمين الهندي على اقامة مسابقة ملكات جمال العالم في بلادهم ، وتوغل بها في بلاد (العرب اوطاني!!) ..!
***
الى هذا الحد نتوقف ،
الى تعريف الدولة العربية التي من الممكن ان تكون هي (دولة ) وتكون ( عربية )، وتكون صاحبة قرار في المستقبل القومي العربي ، اذا سلمنا مثلا ان مصر هي دولة عربية ، فهل لو انقسمت المربعات الصغيرة في المغرب العربي والسودان وكردستان وصعده وبعض الجزر الخليجية المحتلة والعالقة ، هل من الممكن ان تصير هذه المربعات دولا عربية تعادل صوت مصر في صناعة القرار والأمن المستقبل العربي,,!
مرجل يغلي في صدور العرب جميعا ، من هم العرب ، ومن هي \" الدول \" \" العربية \" ، و بأي الألوان ( الصفراء ) سترسم خارطة العالم العربي الجديد ..!