ثقافة الاردني تجاه بني جلدته من المغتربين هي ثقافة قديمة ومغلوطه ففي القديم كان يغترب المعلًم او ابن القوات المسلّحه العامل او المتقاعد الى دول الخليج على الاغلب من اجل تحسين احواله المعيشيه وكانت اعداد المغتربين تحوًل مبالغ كبيرة نوعا ما الى الاهل في الوطن مما يحسًن الاقتصاد الوطني ومع انّ الرواتب كانت قليله ولكنها كبيره بمقياس اليوم وبتكاليف المعيشه المقبوله آنذاك ومع هذا كان المغترب يجلب معه هدايا للاهل والمعارف وكان يٌشار للمغترب بالبنان وانه من ميسوري الحال .
ولكنّ الظرف تغيّر الان فالكثير يلجأ للاغتراب لأنه لا يجد عملا في وطنه أو لأن الدنيا ضاقت به وإن رحبت من الاعباء المعيشيه الصعبه او من الالتزامات الاجتماعيه المكلفة او من ظلم الاقارب او من جفاء الاصحاب او من ملل كبير من حياة مصبوغة بالروتين القاتل حتّى باتت الشفقه نادره من القريب او الغريب والتكافل شبه معدوم والمحتاج من الاقارب يوصف بأنه هامل لا يعمل او كذاب يضيًع المصاري على اعمال غير مفيده وغيرها من الأوصاف الغير منصفة في معظم الحالات وإنما الهدف هو عدم تقديم المساعده أو تبرير عدم تقديمها وكأن المروءة انعدمت والنخوة صارت من الماضي مع ان من لايملك المساعدة تكفي منه الكلمة الطيبه التي تعزي المحتاج وتشجعه ولا تحبطه أوتسيء اليه .
وحتّى الآن ومع كلّ الظروف التي مرّت على المغتربين وخاصّة العاملين في الخليج من انهاء اعمالهم أو تنقيص رواتبهم أو اضطرارهم لإرجاع عائلاتهم من حيث قدموا أو من صعوبات لتسديد التزامات بعضهم الماليه في الوطن او بلد الاغتراب وبالرغم مما حلّ بهم فإن بعضهم يعود للوطن سواء عوده نهائيه او في إجازه طويله او سنويّه فإنه يجد وكأن الوفاء غائب والمحبّة فاترة يجد اناسا في الغالب تفكًر في العزايم وفي الفرح والعزاء والمباركات مع ان بعضهم لا يملك ثمن الهديّة التي يحملها ويجد ان طبقة غنيّة جدّا لا تفكًر بالطبقة المسحوقه وتريد ان تحافظ على مكاسب حصّلتها وقت الرخاء لإن الفجوة باتت كبيره بين الطبقتين وكل منهما لا يثق بصدق الاخرى وباتت الرشى والكسب غير المشروع وشراء اصوات الناخبين امور عاديه بعد ان كانت حرام واصبحت عيبا وباتت شطارة .
إن المغترب يعتب على اهله واصحابه وبني وطنه على هذا التغير المجتمعي السلبي وبالرغم من انه يعاني كثيرا في غربته خاصة بعد الانتكاسة الماليه العالميه وتداعياتها فإنه مع حنينه لوطنه يتمنى الخير لأهل بلده .
(( إن الله لا يغيًر ما بقوم حتّى يغيًروا ما بأنفسهم ))صدق الله العظيم
المهندس احمد محمود سعيد