زاد الاردن الاخباري -
لا تغير مكانها وكأنها اعتادت على وجودها به... امرأة مسنة تفترش حافة الشارع مكانا لها.
لا يحول بينها وبين سلوكها هذا برودة الطقس وانخفاض درجات الحرارة مساء فهي منذ الصباح وحتى ساعة متاخرة من المساء تبقى بمكانها وامامها مجموعة من اكياس «الملوخية» صيفا واكياس من الخضراوات الطبيعية شتاء.... اعتاد القاصدون للسوبر ماركت التي تجلس بمحاذاته رؤيتها يوميا وعلى مدار سنوات.
البعض يشترون منها واخرون يكتفون بمنحها المال تقديرا لكبر عمرها وشفقة لجلوسها على حافة الرصيف يوميا.
مشهد يتكرر في اماكن مختلفة على ابواب المخابز والمحلات التجارية مسنات يجلسن ساعات طويلة على الارصفة يبعن فلم يعد الامر مقتصرا على الصغار بالعمر بل اصبح وجود مسنات يمتهن هذه المهنة ظاهرة متكررة اعتاد المواطن على رؤيتها.
هن لسن متسولات ولا يستطعن بحكم اعمارهن التسول والتنقل من سيارة لاخرى ومن مكان لاخر طلبا للمساعدة واستدرار شفقة الاخرين لكن اختيارهن بالبقاء على حافة الارصفة يبعن لم يكن اختيارا سهلا ومقبولا من قبل الاخرين فللعمر مكانة لا تزال تحترم من قبل الاخرين وتثير شفقة وتساؤلات عدة امام وجود امراة مسنة خارج بيتها يصبح الشارع عالمها ومكانها.
وزارة التنمية الاجتماعية وعلى لسان الناطق باسمها فواز الرطروط اكدت مرارا بان هذه الفئة ليست من اختصاص الوزارة التي تتعامل مع المتسولين فقط.
ويقول الرطروط: اننا كوزارة لسنا معنيين بمن يبيع على ارصفة الشوارع واماكن مختلفة لان مسؤوليتنا تنصب بالمتسولين من البالغين والاحداث الذين لا يكون بحوزتهم اي شيء يبيعونه لكنهم يستجدون المال من المواطنين.
واضاف ان مسؤولية متابعة الباعة المتجولين خارج اطار مسؤولية الوزارة التي تقوم بمتابعة المتسولين من خلال لجان ضبط وتتعامل مع البالغين منهم والاحداث بحيث تقوم بتحويل الاحداث الى مراكز الاحداث وبناء على قرارات قضائية والبالغون يتم تحويلهم الى المراكز الامنية التي تقوم بدورها باتخاذ الاجراءات المناسبة بحقهم سواء أكان بفرض غرامات مالية او الحبس.
وتبعا للرطروط فان امانة عمان هي الجهة المسؤولة عن متابعة الباعة المتجولين الذين يبدو انهم غير ملاحقين ولا يتم التعامل معهم كما يجب وهذا ما يؤكده وجود نساء مسنات على ارصفة الشوارع يبعن منذ سنوات ولم يغيرن أمكنتهن او الامتناع عن البيع.
وراء كل امراة مسنة تخرج من منزلها للبيع وتتحمل مشاق هذا الامر قصص كثيرة وان اختلفت في عناوينها لكنها تتشابه بمضمونها الى حد كبير؛
فام محمد... التي تجلس على باب احد المخابز منذ سنوات ترعى بناتها وابنها وزوجها عاجز عن العمل منذ سنوات بسبب المرض وهي لا تجد من يعيلها ويعيل اطفالها مما اجبرها على الخروج للبيع من الصباح وحتى المساء لتقوم يوميا بتجميع مبلغ يتراوح من 20 – 30 دينارا يساعدها على توفير احتياجات اطفالها على الاقل الطعام.
ام محمد قبل عام كانت تحضر ابنتها معها وابنها الصغير تراقبهم تارة وتارة اخرى تقوم بالبيع لتتعلم ابنتها اساليب البيع وتجلس بين فترة واخرى امام بسطة ألعاب تبيع منها اسوة بوالدتها....
والتي تجلس بجانب احد المحلات التجارية منذ سنوات كلما وجهنا لها سؤالا عن سبب جلوسها منذ سنوات بذات المكان بالرغم من برودة الطقس تجيب « نصيب « وتحبس بعيونها دموعا كلما قمنا بسؤالها عن ابنائها فتجيب بالم «الله يسامحهم».
هذه المشاهد المتكررة المؤلمة لسيدات تقدم بهن العمر يخرجن كل يوم من بيوتهن لتامين لقمة العيش ما كان هذا سيحدث لو وجدن من يوفر لهن لقمة العيش ومن يحفظ لهن كرامتهن ويحفظ لهن مكانتهن ويجنبهن الخروج من المنزل والبقاء ساعات طويلة في الشارع برغم برودة الطقس.
لن نتساءل عن الدور الرقابي على هؤلاء فقد تكون الجهة المسؤولة عن متابعة الباعة المتجولين تعلم بهن وتغض البصر عن ملاحقتهن ومنعهن من البيع اعتقادا منها بان هذا السلوك مصدر الرزق الوحيد لديهن وقد تكون لم تصل بعد اليهن وبخاصة في مناطق عمان الغريبة...
الا انه باختلاف الاسباب والمبررات فان المتابعة والرقابة ان لم تاخذ دورها بعد من قبل الجهات المعنية بهذه القضية اسوة بالمتسولين لاجل التخلص من هذه الظاهرة فانها يجب ان تعيد تقييم دورها من جديد ليس بهدف « قطع ارزاقهم « فهم قد لا يملكون خيارا اخر سوى ما يقومون به للعيش بقدر ما هو احترام لعمرهم ومكانتهم.
فان كانت الجهات المعنية غير قادرة على اجبار الابناء على توفير حياة كريمة لهن وتجنبيهم هذا الكم من المعاناة اليومية فانها على الاقل مسؤولة بدعمهم ماليا وتوفير حياة كريمة لهن لاجل هذا فان المتابعة والرقابة يجب ان تستعيد دورها وبخاصة حيال كبار السن لاكتشاف حجم الامهم و معاناتهم ومد يد المساعدة والعون لهم ووقف هدر كرامتهم وما تبقى لهم من العمر على ارصفة الشوارع.
الراي