لم يخطر ببال احد وحتى اشد أعداء هذه البلاد أن يصل الخراب إلى اكبر مؤسسة وطنية ديمقراطية واقصد هنا البرلمان الذي كنا نتمنى أن نفاخر به دول وشعوب المنطقة ، ولم يخطر ببال احد ذلك التسارع العجيب في انهيار مؤسساتنا وحرص الحكومات على إضعاف بنيتها لتغدو مؤسسات ضعيفة لا حول لها ولا قوة كان جلالة الملك قد أدرك بكل وعي ما آل إليه حال البرلمان السابق وأمر بحله بعد ان بات عبئا سياسيا واقتصاديا وحتى ثقافيا على البلاد ، وكان لخطوة الملك صداها الجميل من الترحيب والتقدير على أمل التغيير والخروج من مأزق كانت الحكومة السابقة قد ورطت به البلاد والعباد .
حقيبة وخمسة وسطاء لا أكثر كانت وبشهادة الناس في مختلف مدن وقرى وأرياف البلاد هي أداة وصول العديد من نواب الدوائر الوهمية إلى المجلس ، وكانت تلك الأداة هي وبكل تأكيد إفرازا للقانون الذي حكم تلك العملية وزاد من تعقيد الأمور وفضاعة النتائج أن المجلس بات يخلو تقريبا من رجالات دولة ورجال حكم مرموقين يعرفهم الناس واقتصر على عدد كبير من التجار وأصحاب المصالح التجارية والمتعهدين ممن لا نطعن بانتمائهم وولائهم ولكن تنقصهم السياسة والحنكة في الرقابة والتشريع وتعديل قوانين الحكومات الموقته وهي عديدة تستدعي وقفة رجولية لحماية مصالح الناس والحد من معاناتهم وتمتين مؤسسات الدولة والحد من الخراب الذي طالها ، فقانون الدوائر الوهمية افرز صوتا وهميا دفع ثمنه أمام صناديق الاقتراع وغدا ستشرق شمس جديدة لنصحو على مكاتب وبورصات بيع الأصوات ، فكما كانوا يدعون أن الفساد والترهل ظاهرة محدودة ثم تحول بفعل غياب المحاسبة والترهل إلى مؤسسات تنتهك حرمات الوطن وتدمره ، فغدا سيعدو من يمتلك حقيبة مال وبعض الوسطاء فقط هم ساستنا ورجال مؤسساتنا التشريعية والخدماتية في البلديات وغيرها هم رجال الوطن وقادته وهنا يبدأ الانهيار الأكبر والأوسع !!
نسير إلى الخلف ، وندعي التقدم ، فلا مؤسسات وطنية استطعنا البناء والتجذير ، ولا حتى احترمنا عقول الناس وشاركناهم في رسم مستقبل البلاد التي تتهاوى من كل ركن ، ننادي بمشاركة الأحزاب والقوى والطاهرين من شعبنا ومن ثم نصطادهم يوم الاقتراع ونبعدهم لتخلو الساحة لمن هم دون وعيهم وإدراكهم وحتى أماناتهم ونزاهة ونظافة أيديهم ! نستبدل أصحاب المبادئ بأصحاب المصالح والمشاريع الذين نعلم أهدافهم و تاريخهم وكيف وصلوا إلى ما وصلوا إليه ونبعد قصرا كل الغيورين والوطنيين الأحرار ممن ينامون على أمل غد مشرق !!
حقيبة وبعض السماسرة وقانون انتخابات عاجز يتيح المجال سواء أكان في البرلمان او البلديات القادمة لإيصال حتى لمن لا يجيدون القراءة والكتابة أو حتى لأصحاب السوابق لإدارة شؤون بلادنا ونهب قدراتها وإمكاناتها كما يحدث ألان في العديد من مؤسسات الدولة وأجهزتها الخدماتيه في ضل تحد كبير يواجه الوطن على كافة الأصعدة ، فأي قوة وإعداد هيأناه لمواجهة تلك التحديات في ضل مثل هذه القوانين وفي ضل هذه المؤسسات وهذه القيادات !!! ولأنني اعشق الوطن اعبر هنا عن صرختي وحرصي على ديموته وعزته وكبريائه ..