يعاني التخطيط الصحي لدينا من اعتوار للعين وانفصام عقلي بحيث اصبح التخطيط الصحي \"هذا إن وجد أصلا يسير\"باتجاه واحد. وهذا الوصف ينطبق على كثير من مظاهر حياتنا اليومية على الصعيد الفردي أو الجماعي الرسمي أو الخاص سيان. والأمثلة وافرة على ما نقول مثلا كم شارع أعيد فتحه مباشرة بعد تعبيده لإجراء أعمال أخرى ولدينا مثال قريب وهو شارع الباص السريع على طريق الجامعة الذي أعيد حفره بعد تسويته و أتحدى أن يوجد لدينا شارع مستقيم واحد ولو لمسافة كيلو متر برغم استقامة الأرض !!!! نقول هذا لان الخدمات الصحية حالها ليس بأفضل حال من شوارعنا وخططنا ا\"الفوضوية\" ذات الاتجاه الواحد. من أمثلتنا في القطاع الصحي هذه الاعتمادية التي تستنزف الجهد والوقت والمال بحيث اظهرت مستشفياتنا وكأنها بنيت على أسس ومعايير العصر الحجري وان الإنقاذ هو في هذا الورق المتطاير هنا وهناك بفوضى لا مثيل لها من اجل إيجاد وظائف للعاطلين عن العمل !!!
التخطيط للمستشفيات لدينا غير موجود أو في أدنى درجات المعرفة إذ كيف يعقل أن تعاني العديد بل معظم مستشفياتنا من عدم وجود طريقة حضارية للتعامل مع النفايات وخصوصا النفايات الطبية الخطرة؟؟؟؟!!
لا نعرف من هي الجهة الرسمية التي لديها الصلاحية والقدرة التنفيذية لوضع استراتيجية وتنفيذها للتخلص من الكم الهائل من هذه النفايات ؟ هل هي وزارة الصحة أم وزارة البيئة أم أمانة عمان أم ربما مجلس الأمن مثلا ؟؟!!! ثم أين جمعية المستشفيات الخاصة وشقيقتها غير التوأم جمعية المستشفيات الأردنية ؟؟ يبدوا أن الجميع يغط في سبات عميق أو ربما غيبوبة وتشنج متواصل !! لدينا في القطاع الخاص اكثر من 100 مستشفى ناهيك عن المستشفيات العامة تنتج كميات كبيرة من النفايات الطبية وهذا يستدعي \" مشروعا وطنيا سمعنا عنه\" للتخلص منها بطريقة آمنة للبيئة والإنسان كان يفترض أن ينفذ بداية هذا لعام ولكن يبدو انه دخل في غرفة الإنعاش ولعله يستفيق. تماما كباقي المشاريع التي تنتهي مع تغير الوزير أو الآمين أو ربما المراسل في دائرة معينة. وضع النفايات الطبية حساس ونعتقد من الأهمية بمكان إيجاد حل لما تعانيه العديد من مستشفياتنا. الحقيقة أن هذا هو انعكاس لتردي التخطيط الصحي والذي نعتبر أن وزارة الصحة وزارة ووزارة البيئة من أهم الجهات التي يجب أن تجد حلولا لهذه المشكلة الوطنية طالما أن مجلس التخطيط الصحي العالي لا يحرك ساكنا !!!!.
عندما يصرح لإنشاء مستشفيات في مناطق سكنية بغرض التسهيل على المواطنين عند الحاجة لخدماتها تنسى الجهات المخططة أمورا كثير منها مثلا : إن الوصول لهذه المستشفيات يكون اصعب ويستغرق وقتا أطول بسبب الازدحام والاكتظاظ المروي داخل المدن وربما يكون اقل حدة مما لو أنشئت هذه المستشفيات خارج المدن !! كذلك كيف يمكن للمستشفيات داخل المدن من التعامل مع النفايات بسبب ممنوعية وجود محارق خاصة بها لضررها المباشر على الصحة العامة ؟؟ هذا يدل على سؤ التخطيط وعلى الجهات المعنية إيجاد حلول جذرية وسريعة لتلافي المشكلة. الذين يفتشون على المستشفيات بخصوص تلك النفايات لايسالون من أرسلهم عن الحلول التي وضعها مرسلو هم لحل مشكلة النفايات الطبية أصلا ؟؟
بالمفهوم الإداري البسيط فان الفشل يتأتى من إسناد موضوع أو مهمة معينة لأكثر من جهة حيث يكون الكل على حق وصائب في قراره ونفس هذا الكل مخطئي وفاشل في قراره وبالتالي فشل واضح ويبقى المواطن هو من يعاني !! الحالة هذه تصبح الأقرب للمثل الشعبي الذي يقول \" الزوجة التي تهمل زوجها تدفعه للزنا\" هل أحد فهم ما نعني !!! أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.. وكل عام وانتم بخير.
دكتور خضر الصيفي
اختصاصي إدارة مستشفيات
Email : khader.saifi@yahoo.com