أكد جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين حفظه الله ورعاه في الأوراق النقاشية على قبول الرأي والرأي الآخر وعدم مقاومة التغيير. فمن خلال الأوراق النقاشية طلب جلالته من المواطن المشاركة في صياغة القرار الاستراتيجي، وهذا ما تم تأكيده في انتخاب لجان الامركزية في العام الماضي. تناول جلالته في الأوراق النقاشية الخمس الأولى العديد من الأفكار والرؤى حول مسار عملية الإصلاح السياسي، سواء في تطوير الممارسات الضرورية لديمقراطية، والأدوار المأمولة من كل طرف في العملية السياسية. وفي الورقة النقاشية السادسة حدد جلالته الاستراتيجية الوطنية العظمى للدولة (التي تحدد أين نحن الآن والى أين نريد أن نصل ) ضمن محاور: سيادة القانون، وتطوير القضاء، والدولة المدنية، ومحاربة الواسطة والمحسوبية.
ترأس جلالة الملك عدة اجتماعات لمتابعة تنفيذ توصيات اللجنة الملكية لتطوير الجهاز القضائي أكد فيها على ضرورة الإنتقال إلى مرحلة التنفيذ , من خلال التنسيق مع رؤساء السلطات لترجمة التوصيات على أرض الواقع ، وضرورة تطبيق البرامج والخطط التنفيذية لتحقيق الأهداف. وقال جلالته " سأتابع شخصيا مع هذه اللجنة لتفادي أي تقصير في التنفيذ" وهذا يدل بأن جلالته سيراقب بنفسه الخطط التنفيذية على أرض الواقع .
وفي الورقة النقاشية السابعة حدد جلالته الإستراتيجيات التخصصية بدءً : بوزارة التربية والتعليم لأهميتها في بناء عناصر قوة الدولة ، وبناء القدرات البشرية وتطوير العملية التعليمة، والإستثمار في الموارد البشرية والفكر البشري. ومن متابعة جلالته لترجمة ما ورد في الأوراق النقاشية إلى خطط استراتيجية وتحويل التحديات في البيئة المحلية والإقليمية والدولية إلى فرص متاحة. ووضع الخطط التنفيذية الأزمه مقرونة بخطط زمنية لتحقيق الأهداف.
أشار جلالته أثناء لقائه مع رؤساء اللجان في مجلس النواب يوم الاثنين 8 كانون الثاني2018. إلى انه قدم أكثر من ورقة نقاشية ولكنه لم يرى هناك تطبيق لها. وهذه رساله واضحة وبليغة وجّهت إلى المقصرين من المسؤولين في الدولة ومؤسساتها وتحمل الجميع لمسؤولياتهم وواجباتهم الموكلة لهم. وحديث جلالته ركز على ضرورة الانجاز وعدم الخوف من إتخاذ القرار من بعض القيادات والإدارات المرعوبة . و يجب على كل مسؤول أن يكون قويا في اتخاذ القرار وأن يكون لديه الثقة بهذه القرارات. وأن رؤى جلالة الملك وتوجيهاته لم تجد للأسف من يجاريها ويتابعها في الفترة السابقة كما ينبغي . لا سيما بما يعرف بالنخب الفكرية والسياسية وهم شركاء حقيقيين من انضاج رؤية جلالته الاستشرافية، مع ملاحظة ان هذه الرؤية بمجمل أوراقها، تمثل ما هو أقرب الى ايديولوجية الفكر والعمل في المجتمع الأردني ومؤسساته نحو المستقبل. وأن الإعتماد على الذات لن يتم إلا بتعزيز عملية ترشيق الدولة وأجهزتها وربط ذلك بحماية الطبقة الوسطى والفقراء.
أشاد جلالة الملك بالقوات المسلحة الاردنية ـــ الجيش العربي ـــ والأجهزة الأمنية بأنه من خلال تنفيذ الإصلاحات التي تقوم بها القوات المسلحة والأجهزة الأمنية، يجب أن يكون هناك عمل بشكل متوازي من مؤسسات القطاع العام. حيث قام المسؤولين في القوات المسلحة الأردنية والأجهزة الأمنية بتحليل التوجيهات الملكية الواردة في جميع الأوراق النقاشية وتحويلها الى خطط استراتيجة . مع مراعاة جميع التحديات في البيئة المحلية والاقليمية والدولية والتي تؤثر على سير جميع الخطط الاستراتيجية بنسب مختلفة ، وتحويل هذه التحديات الى فرص متاحة ، ومعالجة نقاط الضعف في البيئة المحلية وتحويلها الى نقاط قوة، وقاموا بتحويل هذه الخطط الى خطط تنفيذية قابلة للتطبيق على أرض الواقع مقرونة بخطط زمنية لتحقيق الأهداف التي تم الاشارة اليها من قبل جلالة الملك، في الأوراق النقاشية مع بيان إسلوب الرقابة والتقويم والتقييم، وبرامج العمل والإجراءات والسياسات التنفيذية، وتحديد مسؤولية كل شخص و واجباته ومسؤولياته التي يجب اتباعها لتحقيق الأهداف.
أكد عطوفة رئيس هيئة الأركان المشتركة الفريق الركن محمود فريحات ، خلال لقائة مع مجموعة من الضباط المتقاعدين مساء يوم الثلاثاء الموافق 9كانون الثاني 2018م، على السير بكل عزيمة لتنفيذ توجيهات جلالة الملك. ومن خلال الأوراق النقاشية لتوجيه منظومة التخطيط الاستراتيجي التي تحمل الرؤيا الى المستقبل المشرق للملكة الأردنية الهاشمية. حيث وضح عطوفة رئيس الأركان المشتركة للحضور، الخطط التنفيذية والاجراءات والسياسات والبرامج والسيناريوهات التي تم وضعها لتحقيق الأهداف التي أكد عليها جلالة الملك في الأوراق النقاشية بما يهم القوات المسلحة الأردنية والخطط الزمنية الازمه لتحقيقها، ضمن الإمكانيات والموارد المتاحة معتمدين على الذات في تنفيذ هذه الخطط.
وفي النهاية: الفتره الزمنية بين الأوراق النقاشية محدوده وهذا يدل على عزم وإصرار جلالة الملك على تنفيذ الخطط الاسترتيجة. ولا بد من ترجمة الاستراتيجيات من قبل المعنيين إلى خطط قابلة للتنفيذ وبموجب برامج عمل، مع ضرورة " تقييم ومراقبة" مراحل الخطط الاستراتيجية. فلا بد أن تنعكس الأفكار الوارده في الاوراق النقاشية على أرض الواقع من خلال الفعل وليس القول. ولكن تطبيقها لم يكن على قدر الطموح من قبل المؤسسات المختلفة. قامت القوات المسلحة والأجهزه الأمنية بتحليل الاوراق النقاشية الى خطط استراتيجية قابلة للتنفيذ مصحوبة بخطط زمنية لتحقيق الأهداف. لذلك على مؤسسات القطاع العام الاستفادة من خبرات القوات المسلحة والاجهزه الامنية، في رسم السياسات ووضع الخطط التنفيذية لتحقيق الاهداف. اكد جلالته على ان منظومة العمل العام وغياب المؤسسات والمسؤولين الكفؤين يسهم في التلكؤ والتباطؤ في مسيرة الأردن الاصلاحية التي يطمح لها الشعب الاردني.
الدكتور مفلح الزيدانين
دكتوراه في التخطيط الاستراتيجي وادارة الموارد البشرية