قبل أعوام قليلة؛ وجهت السفارة الإيرانية دعوات للإعلام الأردني، لحضور حفل إفطار رمضاني، وكان يصادف آخر جمعة من شهر رمضان، وقد وصلتني بطاقة دعوة رسمية، وقد لبيت الدعوة وذلك لمجموعة من الأسباب، أهمها؛ طرح بعض الأسئلة على الدكتور مصطفى زادة السفير الإيراني السابق، وكنت أريد أن أعرف الى أي مدى يمكن أن يصل التعاون بين المملكة الأردنية الهاشمية والجمهورية الإسلامية الإيرانية إذا اتفقوا على تعاون اقتصادي بالدرجة الأولى، وهل هناك نوايا لتغيير التحالفات القائمة في المستقبل فيما لو تغيرت سياسة الولايات المتحدة الأمريكية ووقوفها التام والمطلق مع إسرائيل، وعلى حساب القضايا المفصلية والمحورية مثل قضية فلسطين.
في اللقاء المصور والمتلفز، تحدث الدكتور مصطفى زادة عن العلاقات الثنائية بين المملكة وإيران، وقال إنها علاقات طبيعية لكنها ليست معمقة بما فيه الكفاية، هناك تبادل سفراء لكنها لم تصل بعد الى مستوى العلاقات الثنائية مع سوريا على سبيل المثال، فطرحت عليه السؤال التالي بعد أن انتهى من حديثه وفُتح المجال أمام أسئلة الزملاء؛ لماذا لا تبادر إيران أولاً، ولماذا تصر الحكومة الإيرانية على أن يكون التعاون بين الأردن وإيران على المستوى الديني قبل أن يكون على المستويات السياسية، والاقتصادية، والثقافية، والسياحية.
وطرحت عليه أهم الأسئلة، وكان يتعلق بالجانب الديني، وكيف تنظر الحكومة الإيرانية الى الأردن، فأكد على أن الحكومة الإيرانية على استعداد تام لدعم الأردن اقتصادياً، وأن يكون هناك تبادل تجاري يكون للجانب الأردني الدور المميز والأكبر، ويمكن لإيران أن تقدم دعم مالي ثابت، مقابل سياحة دينية متواضعة، تتمثل في بناء مسجد كبير في منطقة مؤتة على روح الشهيد جعفر بن أبي طالب، والاهتمام بالشيعة في الأردن وعددهم ما بين 2000 – 3000 شيعي.
وأكد الدكتور مصطفى زادة أن الجانب الأردني هو المستفيد الأول والأخير في مثل هذه العلاقات، وبعد انتهاء اللقاء الصحفي قمت بكتابة مقال نشر في بعض الصحف والمواقع الإلكترونية، تمنيت في المقال على الحكومة أن تدرس العرض الإيراني الجدير بالاهتمام، وأن تفكر بأن مصلحة الأردن أهم من تحالفات رهنت القرار الحكومي الأردني ببعض المساعدات الأمريكية، مع دعم مطلق لإسرائيل عسكرياً، وسياسياً، واقتصادياً.
اليوم، وبعد قرار الرئيس الأمريكي بتحويل القدس عاصمة للكيان الصهيوني، وثورة العالم ضد القرار، كشفت مصادر إيرانية عن عرض مغري قدمه الرئيس الايراني حسن روحاني للأردن مقابل تعاون أمني، وسياسي، واقتصادي.
وأكد روحاني أن بلاده مستعدة لتقديم كل انواع الدعم في حال بناء تعاون إستراتيجي أردني إيراني، والحكومة جاهزة لإطلاق علاقات قوية في أي وقت تقرر فيه الحكومة الأردنية بان مصلحة الأردن تتطلب الإنسحاب من المحور السابق مقابل دعم مفتوح وفي كل المجالات.
إن مجرد التصريح أو حتى التلميح من قبل الحكومة الأردنية بأن الأردن على استعداد لفتح آفاق التعاون مع إيران سيغير من شكل التحالفات الإقليمية والدولية، وسيجعل من أمريكا وإسرائيل تفكران جيداً بأن أي خطوة من شأنها التأثير على وضع القدس، واعتبارها عاصمة لإسرائيل وتكريس مبدأ الإحتلال أو شرعنة الإحتلال الإسرائيلي للمدينة المقدس، ولا يمكن للمملكة الأردنية الهاشمية أن تتنازل عن دورها في رعاية المقدسات حتى يتم حل القضية الفلسطينية وعاصمتها القدس بمقدساتها، وأن مجرد التفكير بالضغط على الأردن لتغيير دوره مقابل المليارات سيكون ضرباً من الجنون والمستحيل.
على الحكومة الأردنية التفكير جدياً بالعرض الإيراني، فالوطن لن يخسر شيئاً، بل على العكس، ربما يستقل القرار الأردني بعيداً عن أمريكا وغيرها من الدول التي تربط مساعداتها بالتنازل عن القدس، والابتعاد عن الأشقاء في الضفة الغربية من الأردن.
الأردن متمسك بفلسطين، والقدس ولن يتخلى عن المقدسات، والشعب الأردني يقف خلف قيادته بكل صلابة ولن يتغير موقفه طال الزمان أم قصر.