زاد الاردن الاخباري -
يكشف الصحفي والخبير الإسرائيلي بالشؤون الاستخباراتية، رونين بيرغمان، في كتاب جديد له، بعنوان "صعود وقتل أولا"، عن سلسلة محاولات لرئيس حكومة الاحتلال الأسبق، البائد اريئيل شارون، لاغتيال القائد الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، إذ أن محاولات الأجهزة قد بدأت قبل وصول شارون إلى السياسة، إلا أن الأخير حاول تكثيفها، والمرّة الأبرز حينما طلب شارون تفجير طائرة تقل 30 طفلا فلسطينيا جريحا، معتقدا انها تقل عرفات ايضا.
ويقول بيرغمان، بحسب مقاطع من الكتاب، نشرتها صحيفة "نيويورك تايمز، إن محاولات اغتيال الراحل ياسر عرفات بدأت منذ العام 1964. فعلى سبيل المثال، يذكر أن في العام 1968، أجرت المخابرات على مدى ثلاثة أشهر "غسيلا دماغيا" لأسير فلسطيني كي يغتال عرفات، إلا أن الأسير وبعد اطلاق سراحه بخمس ساعات، كشف ما تعرض له، دون ذكر الجهة التي اعترف لها.
وحينما تولى أريئيل شارون وزارة الحرب في حكومة مناحيم بيغين، في العام 1981، طلب من أجهزة المخابرات والجيش تكثيف المحاولات لاغتيال عرفات، التي تكثفت أصلا في العالم 1979، بعد عملية نهاريا. وقد كلف رئيس أركان الحرب في حينه رفائيل إيتان ضابطين كبيرين، أولها يدعى يانوش بن غال، وتحول بعد الحرب على لبنان في العام 1982 الى معارض لشارون، والثاني مئير دغان، الذي بات في سنوات الألفين رئيسا لجهاز الموساد.
والمحاولة الأبرز التي تم تسليط الضوء عليها في ما نشر أمس، كانت في شهر تشرين الأول (اكتوبر) من العام 1982، حينما وصلت معلومات مغلوطة لشارون والجيش، تدعي أن ياسر عرفات سيتوجه على متن طائرة من أثينا إلى القاهرة. فأرسل جهاز الموساد اثنين من عملائه الى مطار أثينا، ليتأكدا من وجود عرفات وساعة اقلاع الطائرة، فأرسلا أكثر من مرّة أنهما متأكدان.
فأصدر شارون تعليماته الى إيتان بقصف الطائرة، فأصدر إيتان بالتالي تعليماته إلى قائد سلاح الجو، الذي يقول عنه التقرير إنه بقي طيلة الوقت يشكك في مصداقية المعلومات، خاصة وأنه في تلك الفترة، ما كان عرفات على علاقة جيدة مع القيادة المصرية.
وعلى الرغم من أن طائرتي إف 15 كانتا على حالة التأهب في الجو، لتفجير الطائرة، إلا أن قائد الطيران توجه إلى المخابرات العسكرية، لفحص المعلومات، ليتبين أن الطائرة تقل 30 طفلا فلسطينيا جريحا من لبنان، وأن من يرافقهم كان شقيق ياسر عرفات، فتحي.
ويقول بيرغمان، إنه على مدى فترة طويلة كان يلح شارون على اغتيال عرفات، ومن بين الحالات الأخرى، أن شارون أراد في العالم 1981 تفجير ستاد في بيروت، بعد معلومات وصلت اليه تفيد أن قيادة منظمة التحرير ستجتمع فيه، إلا أن جنرالات كبار عارضوه.
كذلك، يتبين أيضا من مقاطع أخرى في الكتاب، أنه لدى خروج المقاتلين الفلسطينيين من بيروت في العام 1982، كان عرفات تحت رصد عدد من القناصة من جيش الاحتلال، ومنهم من ألح على اطلاق النار عليه، إلا أن رئيس الأركان إيتان رفض الأمر كليا في تلك الساعة، لأن رئيس الحكومة في حينه مناحيم بيغين، قد قطع وعدا للرئيس الأميركي ريغين بعدم المس بعرفات، وبعد وقت قصير من ذلك نقلت إسرائيل للأميركيين صورا لعرفات التقطها له قناص اسرائيلي، بانه كان بوسع اسرائيل ولم تقتله. بحسب ما ورد في كتاب بيرغمان.
ويشار الى أنه في فترة اغتيال الرئيس الراحل ياسر عرفات في العام 2004، وعلى الرغم من نفي إسرائيلي رسمي، ومحاولة التعتيم، إلا أن الكثير من التقارير الإسرائيلية كانت تلمح الى أن شارون أتم ما سعى اليه على مدى سنين.
وقال بيرغمان في مقال له أمس، "قضية المحاولات المتواصلة لقتل عرفات جديرة بكتاب خاص بها وهي تنبع من فكر اسرائيلي مزدوج: أولا، ينبغي عمل كل شيء، تماما كل شيء، من اجل الامتناع عن حروب طويلة. تأجيل الحرب التالية والخروج اليها "فقط عندما يكون السيف على الرقبة تماما"، على حد قول مئير داغان. وبدلا من الحروب يجب القيام بعمليات مركزة، سرية، عميقا في قلب العدو".
ويستدل مما كتبه بيرغمان في مقاله أمس، أن العقلية التي كانت سائدة لدى المؤسسة الإسرائيلية، هي "أن المس بعرفات كان سيغير وجه التاريخ. عرفات لم يكن فقط زعيما فلسطينيا. على مدى السنين نجح في ان يبني لنفسه شبكة علاقات، جعلته محصنا وعلى مستوى تأثير كنت اصفه كتأثير الاب المؤسس. اعتقد أن المس به سيحقق جزءا كبيرا من الخصومات الداخلية التي كانت موجودة في م.ت.ف، وقدراتهم على اتخاذ قرار استراتيجي ما لم تكون موجودة".