نبارك لكم تأهلكم لدخول مجلس النواب الأردني، والحصول على عضوية المجلس السادس عشر، أما الفوز فهو مرهون بأدائكم وعملكم وجهودكم، فمنكم من سينجح ويفوز، ومنكم من سيكون مصيره الإخفاق والفشل، وأملي أن تزيد نسبة النجاح عن 50%!
لن نحاسبكم كمواطنين كيف وصلتم، فأنتم أدرى بأنفسكم، وأنتم أعلم من غيركم بمدى استحقاقكم مقعد النيابة من عدمه، ولن يعوِّل أحد على لجان الطعون، فلا يعقل أن يدين المجلس نفسه، ومتى كان المتهم هو القاضي!
ولكن نقول لكم: الله الله في وطنكم، الله الله في شعبكم، الله الله في مواطنيكم، الله الله في أمتكم، الله الله في الأمانة التي حملتموها، الله الله في المهمة التي سعيتم لها، الله الله في المسؤولية الملقاة على عاتقكم.
كونوا للوطن نواباً لا نوائباً، وكونوا له أنياباً تنهش أعداءه، لا أنياباً تعض بطنه، كونوا ممثلين للمواطنين، لا ممثلين عليهم، كونوا أملاً لا ألماً، كونوا بلسماً لا سماً، كونوا مع الوطن لا عليه، كونوا له أبناء بررة، لا عاقين مارقين!
وليكن لكم في أسلافكم نواب الدبلوم نواب المجلس الخامس عشر العبرة والعظة، فقد شغلتهم مصالحهم عن مصالح الوطن، وسعوا لاقتناص امتيازات ليست من حقهم، وتخاصموا على أمور ليست من صلاحياتهم، فضج الشعب ورفع الصوت، فكانت صرخة الأسد الهصور الكاتب الكبير خالد محادين \"مشان الله يا عبدالله\" فتردد صداها في كل أرجاء الوطن الذي يراقب المشهد بكل أسف وألم وترقب، فلم يخيب قائد الوطن ومليكه رجاء الشعب، فحل المجلس في يوم عيد سبق عيداً، أسعد المواطنين على اختلاف مشاربهم، أن استراحوا من مجلس كان عبئاً ورهقاً على الوطن، فما جاءت به الرياح ذهبت به العواصف!
فإياكم إياكم أن تستنوا سنتهم، وتسلكوا سبيلهم، وإن فعلتم، وأربأ بكم أن تفعلوا فلا أظن أن تنهوا السنة التحضيرية، فإن أُرخي الحبل لسلفكم سنتين، لن يرخي الحبل لكم أكثر من سنة إلا إن تميزتم بعملكم، وبذلتم جهدكم، وأريتم المواطنين منكم صدقاً وإخلاصاً وهمة ونشاطاً وحرصاً.
لا تبحثوا عن امتيازات ليست لكم، بل هي سحت لمن أخذها، وحرام على من استحلها، لأنها من دم المواطنين وعرق جبينهم، ومن قوت أطفالهم، ودواء مرضاهم، فلا تكونوا جراداً يأكل الأخضر واليابس، ولا تقدموا بين يدي الوطن أية مصلحة أو منفعة لكم، والأمل فيكم -إن كان ثمة أمل- أن تكون جيوبكم مشرعة في خدمة الوطن، وأيديكم مبسوطة من أجل الوطن، وصدوركم رحبة تسع الوطن، وبيوتكم مفتوحة في سبيل الوطن.
المواطنون عيونهم مفتحة، وآذانهم مشرعة، تترصد خطواتكم وحركاتكم وسكناتكم وأعمالكم، وستحاسبكم حساباً عسيراً إن قصرتم، وستقف لكم بالمرصاد لا تخاف فيكم إلا الله وحده، فكونوا نواب وطن، لا مخاتير حارات، وكونوا قادة نفخر بهم، لا عبئاً نضجر منهم ونتمنى زوالهم، وكونوا دلائل بشرى وخير، لا علائم سخط وغضب، وكونوا بأعمالكم قمماً سامقة، لا بمصالحكم نفوساً هزيلة!
المرحلة دقيقة، والتحديات كبيرة، والمخاطر عظيمة، والآمال عريضة، والمستقبل غيب، وكل ذلك يحتاج إلى الرجال الرجال الذين ينهضون بالوطن، ويرفعوه على أكفهم، ويحملوه في قلوبهم، ويحموه برموش أعينهم، والأمل المرتجى أن تكونوا من هؤلاء الرجال الرجال، وأن يكون لكم دور مشرف في مسيرة هذا الوطن الأعز، وأن يسجل لكم التاريخ بأحرف ذهبية إنجازاتكم ونبيل أعمالكم، والسعيد السعيد من يطلب العلى، ويسعى للأمجاد، وأن يكن له ذكر في سجل الفخار.
الكبير، كبير بعمله، نبيل بفعله، عظيم بجهوده، رفيع بأخلاقه ونظافة يده، والصغير الصغير هو من يسعى إلى مصالح شخصية، ومنافع ذاتية، وسرقة جهود الغير، وملء الجيوب في غفلة من الآخرين، والاستيلاء على أكبر قدر من المكاسب، وليذهب الجميع إلى الجحيم. الكبير هو العفيف، كريم النفس، نظيف القلب واللسان، والصغير الرخيص هو من يدير ظهره للمواطنين، ويشتري بهم ثمناً قليلاً، ويقدم مصلحته على مصالحهم، ومنفعته على منفعتهم، ويسابقهم على لقمة عيشهم، ويستولي عليها من أفواهمم.
عودوا إلى قواعدكم وتواصلوا مع مواطنيكم في مواقعهم، تلمسوا حاجاتهم، وشاوروهم في الأمر، ولا تتهربوا منهم، وتغلقوا أبوابكم في وجوههم، ولا تغيروا أرقام هواتفكم، ولا تكونوا كالمذنبات لا تظهر إلا في أوقات محددة لا تخالفها، ولا تكونوا كنائب سنفور رأيته ذات صباح قريب، كان إبان الحملة الانتخابية يمشي بسيارته الهوينا، يرحب بهذا، ويسلم على ذاك، ويكاد لا يفلت أحد من لطفه ودماثته وحرصه، فلما وصل، وضمن الجلوس على الكرسي، ووضع نمرة المجلس على سيارته الفاخرة الفارهة، أخذ يسابق بسيارته الريح، مخالفاً السرعة المقررة، لا يرى أحداً من الناس، ويكاد يتبرأ منهم، وكأنه لم يتعامل معهم يوماً ما، وقد كان يرجوهم ويقبل رؤوسهم لينتخبوه!
لا تركنوا إلى حصانة مُنحت لكم بفضل المواطنين، فقد منحت لكم لتقولوا كلمة الحق أمام الحكومات دون أن يصيببكم أذى، أو تلحقكم مساءلة، ولكنها لا تمنحكم حصانة أمام مواطنيكم وناخبيكم أبناء الأردن الشرفاء الأحرار.
اعملوا لتكونوا نواب وطن إلى ما شاء الله، ولا تكونوا نواب حارات، إن خدمته الفرصة هذه المرة، فإنها لن تخدمه في المرة القادمة، واعتبروا يا أولي الأبصار.
mosa2x@yahoo.com