في خطوة غير مسبوقة ومألوفة ومتداولة في ثقافتنا العربية اعترفت شركة تويوتا اليابانية بوجود بعض العيوب في سياراتها، وبما أن الاعتراف بالذنب فضيلة، نستطيع القول هنا أن رئيس شركة تويوتا \"أكيو تويودا\" كان يمارس احد الفضائل امام الشاشات العملاقة وعلى الملأ. وبعيداً عن النرجسية والشوفينية والاستعلاء والاستكبار انفجر الرئيس تويودا باكياً وآسفاً للخطأ الذي ارتكبته شركته.
مسلسل الخطأ وما يتبعه من اعتذار لا يقتصر وغير حصري بشركة تويوتا، شركة فورد مثلا لديها ماض بالاعتذار عن اخطاء فنية ارتكبتها الشركة. وهناك اشخاص ووزراء وحتى رؤساء( توني بلير)...الخ، يمارسون الاعتذار فكل من يحترم نفسه لا يجد الحرج في الاعتذار، بل تراه معتادًا على الاعتذار عند كل خطأ يرتكبه.
الخطأ يعتبر ظاهرة صحية، وقد يكون مفيداً في اغلب الاحيان، وتجدر الإشارة هنا إلى أن الكثير من العلوم قامت على التجربة والخطأ. وليس عيباً أن نخطى؛ لكن العيب أن نتشبث بالخطأ ونُصر عليه ونطبّق ونتبنى المثل القائل: \"نعجة ولو طارت\"، ويدّعي هذا المثل أن رجلين رأيا شيئاً يتحرك، فاختلفا، فقال أحدهما هذا طائر، وقال الآخر لا هذه نعجة... فاقتربا ليتبين الصّواب، فطار ذلك الشيء قبل أن يمسكاه، فقال الآول بما أنه طار إذاً فهو طائر ويستحيل أن يكون نعجة!.. فقال الرجل المتشبث بالخطأ :لا إن ذلك الشيء نعجة ولو طارت!.
وعلى سيرة الخطأ والاعتذار، ذات مرة كنت أبحث في أحد القواميس في مكتبة المركز الثقافي البريطاني، عن كلمة (POLITE) أو (بولايت بالعرنجليزي) وبينما كنت منشغلاً في ترجمة تلك الكلمة والتي تعني (مهذب او لطيف). سقط سهواً ذلك القاموس، وأذكر حينها أن مشرفة المكتبة هناك والتي تدعى \"آني\" كانت قد التقطت القاموس واعطتني اياه وهي تردد (أوووه سوووري)، استغربت من الإجراء الذي اتخذته تلك الرشيقة آني!؛ لانه من المفروض أن أكون أنا (السوووري)، أقصد أنا الآسف!، آآآه ما ألطفها تلك الآني، (بتشرشر بولايت شرشرة).
أعجبتني فكرة (البولايت) فأحببتُ أن أنقلها إلى ثقافتنا العربية، وبينما كنت أمشى في أحد الصروح العلمية، صدمتنى إحدى الفتيات من الخلف، وكانت قوة تلك الصدمة تساوي نقرة (كليك يمين على ماوس من النخب العاشر)، نظرت إلى الفتاه وأنا كلّي (بولايت)، وأخبرتها بأني عفواً، وتستخدم كلمة عفواً في بلادنا العربية للتعبير عن الأسف، فردّت تلك الفتاه على عفواً خاصتي، وقالت لي بالحرف الواحد: \"ما لقيت تمشي غير من هون؟! صحيح إنه ما عندك بولايت\".
(البولايت) تبع آني لم يخرط مشط أقلام المجتمع في معقل العلم!، مليح ما عملت فيها بووولايت وحكيت لكنترول الباص (أوووه سوري بقدر انزل هون)!.
هيثم ضمره ضمره
*جامعة فيلادلفيا
Hi20080@yahoo.com