بقلم: شفيق الدويك – هيوستن :
الوالد: \" أقول يا سعد، ترى أنا نسيت المسحاة (المعول) \".
الإبن: \"سم طال عمرك \" أي نعم يا أبي باللهجة السعودية، سأحضره فورا.
كان الواحد منا يذهب حافياً في عتمة الليل المرعبة الهاضمة لأي نقطة ضوء، أي بعد صلاة العشاء ليحضر المسحاة المنسية عند طرف المزرعة التي تبعد مسافة تقدّر بكيلو متر أو أكثر.
بكينا عشرات المرات و نحن في الطريق نحو الأشياء المنسية من قبل والدي و قبله جدي، يرحمهما الله، أو غير المنسية (الثقيلة) خوفا من الضباع أو الكلاب أو الأفاعي.
أعترف بأننا كنا نكتم صوت تساقط الدموع من منابعها بحركات ذكية من أصابعنا المتعبة، و نكبح حركة إرتعاد فرائصنا، و أحيانا نمنع سقوط قلبنا من محله في مبادرات إثبات الرجولة و القدرة على مقارعة الوحوش البرية أمام هيبة الآمر لنا.
لا أذكر أن كفّ والدي المزارع، و التي تفوق في قوتها و خشونتها وحجمها و وحشيتها أكبر مطرقة صنعتها يد بشرية قد هوت على أي منا لأننا لم نخطئ في حياتنا أمام والدنا، وقبله جدّنا أبدا.
يتقدم أبنائي لأبنائهم، في هذه الأيام الرخوة الساقطة، بكتب إلتماس ( موضوعٌ عليها كل الأختام المطلوبة من قبل الإدارات البيروقراطية، و الطوابع المقررة لمثل تلك الكتب و التي تُلصق بإستخدام ماء ريق أبنائي الآباء حتى ينفذ ) كل يوم لعلهم يوافقوا على تخفيض صوت التلفاز، أو يختصروا مدة اللهو بالهاتف المحمول أو بعالم الفيس بوك، أو يفتحوا كتابا مقررا أو يتكرموا بالسلام على الضيوف مثل ( البشر ) الذين عرفناهم ونعرفهم و لكن دون جدوى !
علينا إستخدام الخلطة السحرية ( التي يعرفها الكبار و نعرفها نحن ) لإعادة الهيبة التي كانت، بغية تجنّب تكاليف باهظة (مادية و غير مادية دفعت و ستدفع)، و ذلك عندما تأتينا النزعة أو الميل أو الرغبة الحقيقية لتخريج أجيال تماثل أجيال جدي و جدتي و والدي المهابين الجانب و التي تمكنت من تطويع كل المستحيلات تقريبا ! shafiqtdweik@yahoo.com