سمعة هذا الرجل سبقته كما يقولون، وقد ذكرته من قبل في معرض رسائل قصيرة إلى مسؤولين مميزين امتناناً وتقديراً لما يقوم به من أعمال مسؤولة تنسجم ومفهوم \"القوي الأمين\".
المعلومات التي تصلنا ليست عن طريق أبنائه أو أقاربه، لكن من المواطن العادي الذي ربما خاض تجربة ما وأقنعته مواقف الدكتور محمود الشيّاب وأحب أداءه خارج بروتوكولات المجاملة ومحسنات الألفاظ.
الدكتور محمود الشياب تسلم في الوزارة المشكّلة حديثاً مسؤولية وزارة الصحة، وأزعم أنها لرجل مثله هي مسؤولية وليست منصباً. مسؤولية حيث بدأها بالزيارات المفاجئة التي عرفت عنه في مستشفى الملك عبدالله المؤسس –يرحمه الله-.
هي مسؤولية وليست منصباً لأن الرجل عرف حق المواطن فيه كمسؤول فحملها بثقة وإخلاص-ولا نزكيه على الله-. ثم قام يؤدي دوره دون أن يبحث في الآخرين عن الإطراء، بل يبحث فيهم عن مزيد من حاجاتهم ليؤديها.
بعد تسلمه الوزارة مباشرة قام بزيارة تفقدية لمستشفى البشير بعد منتصف الليل، لم يكن اختياره وضح النهار، وفي أوقات عمله الرسمية، بل اختار ساعة نومه لتكون صحواً، واختار المفاجأة ليعلم من هم دونه في المسؤولية أن عينه عليهم لا رقيباً وحسب، بل ليتعرف على ماهم بحاجته فيسعى لتقديمه بكل إمكانياته وإمكانيات وزارته، ثم عينه على المرضى من المواطنين ليقول لهم: \"أنا لكم وعند حسن ظنكم بي\"، أخدمكم حينما تنامون، واسهر على راحتكم وأنتم منهكون تألمون.
\"لا يشكر الله من لا يشكر الناس\"، فالحمد والشكر لله أن يداً أمينة كيده تسلمت مسؤولية الصحة، وأشكره نيابة عن كل مواطن ومريض، وأسأل الله أن يجعل هذه الجهود في ميزان حسناته وأن يكون قدوة لغيره من الوزراء.
في الوقت الذي أحجب ثقتي فيه عن وزراء كثر من تشكيلة الوزارة الجديدة بمن فيهم رئيس الوزراء، أقدم ثقتي طوعاً لهذا الرجل الذي لا تربطني به أي علاقة قرابة أو نسب، لكن تربطنا علاقة أهم بكثير، وهي أننا أبناء وطن واحد، وها أنا أعطيه شهادتي هذه بناء على ما سمعته من مراجعيه حينما كان مديراً للمستشفى، وبما قرأته من أخبار عنه وقد ترجل للعمل بينما كثيرون من أعضاء الحكومة لازالوا يتقبلون التهاني بمناصبهم.
الإداري الحق لا يجلس في مكتبه بقدر ما يمضيه بين مرافق مؤسسته ليقف على أحوالها ويعالج مشكلاتها.
الإداري المخلص لا يقضي وقته في المراسلات الإلكترونية لموظفيه، بل يحمل تعليماته ويقدمها لهم ويفسرها ليفهمها كل حسب قدرته وطاقته.
الإدراي الناجح ينام ليحلم بمؤسسته ومشاكلها فيفيق من نومه على حلول يقدمها لهم فيرتاح ضميره حتى لو كان على حساب راحة جسده.
هكذا يكون حال الراعي الذي يريد أن ينجح في دنياه ويقدم لآخرته ويعيش لأهله وأمته، وبدون أدنى شك سيذكره قومه بخير ... بعكس من يعيش لنفسه، فبمجرد غيابه عن الساحة ننساه ولا نذكره إلا حينما نذكر مساوئه...
هل تذكرون وصفي التل الذي أحببناه لقربه منّا ولحمله همّنا... كان عمري خمس سنوات حينما قتل وصفي الذي نحسبه عند الله شهيداً إن شاء الله، لكنني لازلت أذكره بما شاهدت وسمعت من بكاء في بيوتناعليه، كنت قد نقلت الخبر لأهلي في بيتنا الزرقاوي وقلت \" وصفي التل انقتل\"، لم تمض دقائق حتى ارتفعت أعلام الحداد طوعاً لا كرهاً على رجل الأردن في كل أركان بلدنا ومحافظاته ومدنه، إنه لازال حياً فينا بأعماله.
أطال الله في عمر الدكتور محمود الشياب، وجعله قدوة لغيره من الوزراء ، فكم نحتاج في بلدنا لمن هم في همته ومن أمثاله؟!! بلا شك إنه رجل في مكانه المناسب –لا نزكيه على الله- بل يزكيه الله بما علم فيه وما وضع فيه من خير، فهنيئاً لوزارة الصحة وهنيئاً للأردن هذا الإنجاز.
info@libertytribune.net